دار الإفتاء: يجوز إعطاء غير المسلمين من أموال الزكاة خاصة في أوقات الأزمات

دار الافتاء
دار الافتاء
كتب لؤى على
قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين من المواطنين المحتاجين إلى العلاج أو الوقاية من عدوى كورونا وغيرها من الأمراض وكذلك في كفايتهم وأقواتهم وسد احتياجاتهم، أخذًا بظاهر آية الزكاة الكريمة التي لم تفرق بين مسلم وغير مسلم، وعملاً بمذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في إجرائه أموال الزكاة لسد حاجة غير المسلمين من مواطني الدولة آنذاك، وهو مذهب جماعة من السلف الصالح وبعض فقهاء المذاهب المعتبرين.
 
وأوضحت الدار في أحدث فتاواها أن جماعة من الفقهاء أجازوا دفع الزكاة لغير المسلم إذا كان من مستحقيها؛ استدلالًا بعموم آية مصارف الزكاة التي لم تفرق بين المسلمين وغيرهم؛ حتى أن الإمام الرازي في "تفسيره" وضح أن عموم قول الله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ يشمل المسلم وغير المسلم.
 
وأشارت دار الإفتاء إلى أن هذا الرأي هو المشهور من مذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومحمد بن سيرين، والزهري، وجابر بن زيد، وعكرمة، وابن شبرمة، من التابعين، وهو قول الإمام زُفَر صاحب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله تعالى.
 
وقالت الدار في فتواها: "فإذا كان سيدنا عمر رضي الله عنه أعطى غير المسلمين من أهل الذمة من الزكاة سدًّا لحاجتهم وجبرًا لخلتهم، فإنه يجوز ذلك للمواطنين من باب أولى وأحرى؛ خصوصًا في أزمنة الكرب والأوبئة والمجاعة التي تستوجب من المسلم الوقوف مع إخوانه وجيرانه المواطنين من أهل بلده؛ فإن المواطنة تفرض على المسلم حقوقًا لمواطنيه؛ منها التناصر والتآزر والتعاون والمواساة ورد التحية والنصيحة وحسن الخلق والمعاملة بالمعروف، والدفاع عنه وعن حرماته وأمواله، ورعاية المرضى، وعيادتهم، وتشييع الجنائز والبر والرحمة والتخفيف عن أهل المتوفى في مصابهم، وذلك من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان".
 
وأضافت أنه لا يخفى أن القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء وهو حفظ النفس؛ لذلك يُشرع لهم حق من أموال الزكاة والصدقات، ويتعيَّن ذلك على الأغنياء إذا لم يندفع بزكاة بيت المال.
 
واستدلت الدار بما روي عن أبي بكر العبسي قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يميز إبل الصدقة ذات يوم، فلما فرغ انصرف فمر برجل من أهل الكتاب مطروح على باب، فقال له عمر: "مالك؟"، فقال: استكدَوْني وأخذوا مني الجزية حتى كُفَّ بصري، فليس أحد يعود على بشيء! فقال عمر: "ما أنصفنا إذن"، فأمر له بقوته وما يصلحه، ثم قال: "هذا من الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾، الفقراء: هم زمنى أهل الكتاب"، ثم أمر له برزق يجري عليه. أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" مطوَّلًا، وأخرجه سعيد بن منصور في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف" مختصرًا. 
 
كما ذكرت دار الإفتاء في فتواها العديد من النقول والأدلة التي ذكرها الفقهاء في كتبهم عن جواز إعطاء غير المسلمين من أموال الزكاة، ومنها ما روي عن الإمام أبي يوسف القاضي في كتاب "الخراج" (ص: 139، ط. المكتبة الأزهرية للتراث) عن أبي بكرة قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل؛ شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: "من أي أهل الكتاب أنت؟" فقال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده، وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: "انظر هذا وضرباءه؛ فوالله ما أنصفناه؛ أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم! ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ﴾، والفقراء: هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب"، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه. قال أبو بكرة: "أنا شهدت ذلك من عمر رضي الله عنه ورأيت ذلك الشيخ".
 
وأضافت دار الإفتاء أن هذا الأمر يتأكد عند حلول الوباء بمواطني الدولة من غير المسلمين؛ كما فعله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المصابين بالجُذام من غير المسلمين من كفايتهم من أموال الزكاة.
 
ولفتت الدار إلى ما رواه الإمام البلاذري في كتابه "فتوح البلدان" (1/153، ط. لجنة البيان العربي) قال: حدثني هشام بن عمار أنه سمع المشايخ يذكرون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عند مقدمه الجابيةَ من أرض دمشق، مر بقوم مجذَّمين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت.
 
وذكرت الفتوى كذلك ما روي عن جابر بن زيد: أنه سئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال: "في أهل المسكنة من المسلمين وأهل ذمتهم"، وقال: "قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
 
وأوضحت أن المقصود هو إغناء الفقير المحتاج على طريق التقرب، حسبما ذكر العلامة السرخسي الحنفي في "المبسوط" بأنَّه يُجَوِّزُ دفع الزكاة إلى غير المسلم وهو القياس.
 
كما أشارت دار الإفتاء في فتواها إلى أن الإمام القرطبي المالكي في تفسيره، والعلامة العمراني الشافعي في كتابه "البيان" وغيرهما ذكروا أنه رخص للمسلمين أن يعطوا غير المسلمين من قراباتهم من صدقة الفريضة حسبما قال الإمام الزهري وابن سيرين.
 
وقالت دار الإفتاء: "لا يخفى أن التنوع البشري واختلاف الديانات هو من السنن التي أرادها الله في خلقه، وإعمار الكون وتحقيق مبدأ الاستخلاف في الأرض إنَّما يكون على وفق ما أراده الله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ۝ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99].
 
وأضافت أن الدين الإسلامي ضرب أروع المُثُل في التعاون والتعايش وحسن المعاملة لأصحاب الديانات الأخرى، فمنذ أن تأسست الدولة في  المدينة المنورة وتوطدت أركانها، ورسَّخت مبدأ المواطنة القائم على التناصر والتآزر والتعاون، جعلت لرعاياها على مختلف طوائفهم حقوقًا وواجبات من الكفالة والرعاية والحماية، لم تفرق في ذلك بين المسلمين وغيرهم

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

صفقات الأهلى فى الميزان بعد المونديال.. زيزو يلمع وبن رمضان يبدع وتريزيجيه تحت الضغط

الذكرى الـ12 لثورة 30 يونيو.. نقطة تحول فارقة أعادت مصر إلى مسارها الوطني.. الجبهة الوطنية: جسدت إرادة شعب واستعادت هوية مصر واستقرارها.. ورئيس الحزب الناصري: عبرت عن وعي شعب لا يُخدع ووطن لا يُكسر

مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره طريق الإسكندرية الصحراوى

شبح التسريح فى يوليو يهيمن على الخارجية الأمريكية.. واشنطن بوست: غضب بين الموظفين بعد الاستعانة بهم ساعات إضافية عند ضرب إيران.. ومطالبة السفارات بمشاركة صور سعيدة لحفل عيد الاستقلال تكشف ازدواجية إدارة ترامب

إنريكى: بدأنا مواجهة ميامى بأفضل طريقة ممكنة.. ونملك لاعبين على أعلى مستوى


حتى لا ننسى.. "الإرهابية" استغلت الأطفال والسيدات في اعتصامي رابعة والنهضة.. تصدروا الصفوف الأمامية لتكوين صورة "سلمية" تخدم رواية المظلومية.. والجماعة استخدمتهم دروعا بشرية أثناء فض الاعتصام بشهادات داخلية

تفاصيل التحقيق مع متهم بتجارة العملة خارج نطاق السوق المصرفية

استخراج جثة سيدة بعد تقطيع السيارة إثر سقوط ونش عليها بطريق الأوتوستراد

إبراهيم عادل يحتفل بزفافه وسط نجوم الكرة.. صور

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات


حبس مالك سيارة حادث الإقليمي بالمنوفية لتمكينه السائق من قيادتها دون رخصة

جواو نيفيس أفضل لاعب فى مباراة باريس سان جيرمان ضد إنتر ميامى فى كأس العالم

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

الداخلية تضبط صانع محتوى يصور فيديوهات خادشة للحياء.. فيديو

"اليوم السابع" يرصد بدء الأعمال لمشروع توسعة كورنيش الإسكندرية.. تطوير محور محمد نجيب بطول 600 متر.. إنشاء كوبري عند تقاطع المحور مع طريق جمال عبد الناصر.. والمحافظة تعلن عن 3 طرق بديلة.. صور وفيديو

"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

أخبار مصر.. الطقس غدا شديد الحرارة ورطوبة عالية والعظمى بالقاهرة 37 درجة

عيد قوات الدفاع الجوى.. الملحمة الكبرى في حرب أكتوبر كبدت العدو 326 طائرة وأسر 22 طيارا.. الفريق ياسر الطودى: العمليات العسكرية الأخيرة أدت لظهور مراكز ثقل جديدة تحسم نتائج المعارك

صراع الكبار فى مونديال الأندية 2025.. باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى لقاء نارى.. ميسي فى مواجهة التحدى والذكريات أمام إنريكي.. وملحمة أوروبية لاتينية بين بايرن ميونخ وفلامنجو لخطف بطاقة ربع النهائى

كامل الوزير: إعداد خطة زمنية مضغوطة لإنهاء الطريق الإقليمي بالكامل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى