هل تحد دراسة الأديان من التعصب؟

محمد ثروت
محمد ثروت
بقلم: محمد ثروت

لا يولد السلام بين الأديان في عالم الاعتقاد بل فى عالم من الفهم والاعتراف وقبول الآخر، وليس الإقصاء والمعلومات المغلوطة المشوشة.

فى أثناء زيارتي لأستاذي فى مرحلة الدكتوراة وجدته متجهما وقد اعتدت أن أراه باسما بشوشا، فسألته عن السبب فقال لي:

"هذه رسالة ماجستير قدمها شيخ وإمام جامع، يتناول قضية ما فى الديانة اليهودية وهو فى الأساس لا يعترف بها، وأول جملة بدأ بها رسالته أن الكتب السابقة محرفة، أى أول القصيدة كفر يا أستاذ".

وحكى لى الكثير عن طلبة دراسات عليا يدرسون الهندوسية أو البوذية أو الكونفوشيوسية وهم يرونها مجرد ثقافات ضالة، رغم كون أتباعها بالملايين خصوصا فى آسيا.

والأمثلة كثيرة من نماذج دارسين كونوا افكارا مسبقة وتحيزا أعمى عن مذاهبهم ومعتقداتهم، فلم يعترفوا بالآخر الشريك معهم في الإنسانية.

وأذكر أن باحثا فى إحدى كليات الآداب بجامعة إقليمية بنى رسالته للماجستير  عن الشاعر الأموي الأخطل الكبير على أساس كثرة  استخدام رقم ثلاثة فى شعره أى رمز الثالوث، وهنا قالت له لجنة الحكم والمناقشة التي كان يرأسها المرحوم الدكتور رمضان عبد التواب عميد آداب عين شمس الأسبق: أنت مخطئ تماما، ذلك أن الأخطل التغلبي(ت710م) كان من المسيحيين الموحدين فى العراق الذين لا يؤمنون بالتثليث، وفى سيرته لم يكن متدينا وكان يحتسي الخمر، ثم أنه كان شاعر الدولة الأموية وصديقا للخلفاء حتى جعله الخليفة عبد الملك بن مروان شاعر الدولة والمدافع عنها ضد أعداءها ولذلك معظم أشعاره وظف فيها القرآن وظل على دينه حتى وفاته، وهذا يحسب للحضارة الإسلامية.

إذا هناك إشكالية تتعلق بدارسي الأديان أنفسهم وليس فى الديانات، مشكلة الأحكام المسبقة التي تولدت لدى هؤلاء نتيجة تراكمات فى أسلوب التربية والتعليم، وكبرت معهم حتى أصبحت أفكارهم مشوشة وأحكامهم قيمية

 غير منطقية، رغم حكمة التعدد والاختلاف قال الله تعالى فى القرآن الكريم : ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالوا مختلفين (هود 118).

وقد ورد فى الأثر كما ذكر كتاب "نزهة المجالس ومنتخب النَّفَائِسِ" للصفوري أن الله تعالى عاتب أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام فى ضيف لم يكرمه، لأنه سأله عن دينه وعرف منه أنه غير مؤمن، لذلك لم يضيفه، وقال له ربنا: أمن أجل ليلة تستقبله فيها تريد أن تغير دينه، بينما أنا أرزقه أربعين سنة وهو كافر". وبغض النظر عن مدى صحة إسناد تلك القصة، إلا أن الصفوري أراد إثبات أن إكرام الضيف للجميع بدون استثناء لا لدين أو عرق أو جنس أو لون.

القضية هنا ليست رسائل جامعية توضع على أرفف المكتبات، حتى يطالها التراب دون أن تستفيد منها المجتمعات، بل أن تكون دراسة الأديان دراسة حقيقية متعمقة مرتبطة بقضايا الواقع الراهن أو إعادة قراءة التراث الديني قراءة واعية، وبإشراف من علماء متخصصين أصحاب مناهج علمية وليست رؤى وأهواء ذاتية، وأن يخضع الدارس لاختبارات دورية وفحص وتقويم على مدار دراسته من خلال بحوث وحلقات نقاشية تجمع مختلف أصحاب الأديان، لمعرفة مدى قبوله الاختلاف والتسامح مع الآخر المختلف عنه دينيا ومذهبيا، والانفتاح على الثقافات والأفكار وعدم التحيز والتعصب المسبق أو الإساءة للآخر والتطاول عليه، واعتماد منهج الحوار والرد بموضوعية وبالحكمة والحجة والبرهان.

إن دراسة الأديان تهدف إلى التعرف على المشتركات الروحية فالوصايا العشر.. لا تقتل، لا تسرق، لاتزنى.. الخ مشتركة بين الديانات. والدعوة  للعمران البشري والتنمية ونبذ الحروب والمشاحنات والعدوان على البيئة قضايا تحث عليها الديانات المختلفة.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصرع شخص سقط عليه ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

وزير الخارجية: مصر ترى أنه لا أمن ولا استقرار بدون حل القضية الفلسطينية

بزشكيان: تعزيز علاقات إيران وجيرانها بالمنطقة يحمل رسالة سلام للعالم الإسلامي

باريس سان جيرمان يهزم إنتر ميامى برباعية فى حضور ميسى بكأس العالم للأندية

المثلوثى: شيكابالا أفضل لاعب فى مصر وشيفو أعظم شخص تعاملت معه


بعد منافسة شرسة..بيع ممتلكات نابليون بمزاد دار سوثبى بـ 9.6 مليون دولار.. جواربه وملابسه الداخلية تتخطى 155 ألف دولار وقبعته بـ416 ألف.. بيع لوحة بونابرت مقابل مليون دولار.. وكرسى مطلى بالذهب يحقق 470 ألف دولار

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

كايروكى في أقوى حفلة باستاد القاهرة بحضور أكثر من 60 ألفًا.. فلسطين حاضرة بقوة برسائل دعم وصور الشهداء.. غناء أكثر من 26 أغنية منها أغانٍ منذ 12 عامًا.. أمير عيد: إحنا بسببكم عملنا أكبر حفلة بمصر

حمزة المثلوثى: فضلت الخروج من الباب الكبير للزمالك وفوجئت بتفاعل الجماهير

مبادرات غيرت حياة المصريين بعد «30 يونيو».. حياة كريمة المشروع الأضخم لتنمية الريف.. «100 مليون صحة» تعيد الروح للشعب.. المبادرات تبدأ بحديثى الولادة حتى كبار السن.. تمكن الشباب والمرأة وترتقى بالوطن


ليفربول يحتفل بإنجازات محمد صلاح التاريخية فى موسم 2024-25

"كهنوت المرأة ابتداع فى الدين".. رؤية متكاملة تجمع تعاليم الكتاب المقدس بالفكر الأرثوذكسي.. السيدة العذراء صاحبة النموذج فى الخدمة الهادئة.. وهذا دور المرأة المناسب بالكنيسة وأسباب اقتصار الكهنوت على الرجال

خالد إبراهيم يكتب.. زى النهاردة عادل إمام ويسرا يعثران على الذهب فى "جزيرة الشيطان".. 35 عاما على إنتاجه.. مقتبس من الفيلم الأمريكي Wet Gold.. ونادر جلال يقدم "أكشن" جديد وينقل الصراع من البر إلى أعماق البحار

في يومه العالمي.. كل ما تريد معرفته عن التمثيل الغذائي وكيف يستمر طوال اليوم حتى مع النوم.. أبرز الاضطرابات والأمراض المرتبطة بها وأسبابها.. اعرف تأثير المواد والسموم والأدوية.. وأشهر الاضطرابات الأيضية

صراع الكبار فى مونديال الأندية 2025.. باريس سان جيرمان وإنتر ميامي فى لقاء نارى.. ميسي فى مواجهة التحدى والذكريات أمام إنريكي.. وملحمة أوروبية لاتينية بين بايرن ميونخ وفلامنجو لخطف بطاقة ربع النهائى

الخبير الأمنى اللواء أحمد كساب يكشف فى حوار مع"اليوم السابع": الداخلية حطمت شبكة الإخوان الإرهابية بعد 30 يونيو.. الشرطة واجهت إرهاب الجماعة وفق رؤية متطورة.. وتصدينا للشائعات ونشر الإحباط الالكترونى

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه

تداعيات حادث المنوفية.. مجلس النواب يكتسي بالحزن على وفاة 19 فتاة.. بدء الجلسة العامة بدقيقة حدادا على أرواح الضحايا.. نواب يلقون بيانات عاجلة ومطالب بمحاسبة المقصرين.. والحكومة: لن نتهاون مع المهملين

الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وأجواء شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة

الأهلي يتسلم 8 ملايين دولار من فيفا ويترقب رد الضرائب الأمريكية فى باقي المستحقات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى