ملتقى الفكر الإسلامى: المسارعة فى الخيرات من أسباب السعادة فى الدنيا والآخرة

وزارة الأوقاف - أرشيفية
وزارة الأوقاف - أرشيفية
كتب على عبد الرحمن

أكد الشيخ يسري عزام، الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف، أن الإسلام دين الخير والصلاح ، ودين السعادة والرخاء، دين يأمر بكل ما فيه صلاح الفرد والمجتمع، فأقرّ ويقر مبدأ المنافسة، ويشجع على استغلال إمكانات الإنسان ، ويوجه إلى ما يستحق بذل الجهد فيه، وجعل في مقدمة ما يسعى إليه الإنسان وينافس فيه ما يسعده في دنياه وآخرته ، يقول سبحانه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، فالهدف من السعي هو الدار الآخرة مع التمتع بالحياة في الدنيا. 

كما أكد عزام، خلال الحلقة التاسعة لملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، والتي جاءت بعنوان : " المسابقة في الخيرات"،  أن المسارعة في الخيرات والمسابقة إلى الأعمال الصَّالحة مطلب شرعي للفوز برضا الله (عزَّ وجلَّ )، لذا نراها في سلوك كلِّ مسلمٍ فَطنٍ ، وفي تصرُّفاتِه كلّ وقت وحين؛ امتثالاً لأمر الخالق (عزَّ وجلَّ) إذ يقـول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }، ويقولُ: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ }، والمعنى: بادروا إلى عمل الصالحات ، وتنافسوا في تقديم الخيرات ، ولا تضيعوا الأوقات في غير فائدة، ولا تؤثروا الحياة العاجلة على الآجلة ، لا تركنوا إلى الحياة الفانية ، وتتركوا الباقية؛ فإن الآخرة خير وأبقى ، ولو كانت الدنيا من ذهب يفنى ، والآخرة من خزف يبقى، لكان الواجب على المسلم العاقل أن يؤثر خزفا يبقى على ذهب يفنى ، فكيف والآخرة من ذهب يبقى، والدنيا من خزف يفنى؟!  .

وتابع عزام:"لقد امتثل الصحابة (رضي الله عنهم) لتوجيهات النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) وسارعوا في الخيرات ، وبادروا بالأعمال الصالحة ليلا ونهارا، فهذا أبو بكر (رضي الله عنه) ما وجد طريقا علم أن فيها خيرا وأجرا إلا سلكها ومشى فيها، وحينما وجه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى أصحابه بعض الأسئلة عن أفعال الخير اليومية، كان أبو بكر الصديق هو المجيب ، قال (صلَّى الله عليه وسلَّم): (مَن أصبحَ مِنكُم اليومَ صائمًا؟)، قال أبو بَكرٍ: أنا، قال: (فمَن تَبِع مِنكم اليومَ جنازةً؟)، قال أبو بكرٍ: أنا، قال: (فمَن أَطْعَم منكم اليومَ مِسكينًا؟)، قال أبو بكر: أنا، قال: (فمَن عادَ مِنكم اليومَ مريضًا؟)، قال أبو بكر: أَنا، فقال رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلَّم): (ما اجْتمَعْنَ في امرئٍ إلاَّ دخَل الجَنَّةَ) ، مشيرًا إلى روح المنافسةِ في الخيراتِ التي سادت بين الصحابة الكرام (رضي الله عنهم)،  فقد أَخْرَجَ أبو داود في سننه ، والترمذي عن عُمَر بْن الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) : "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.

ولقد تأسى الصالحون برسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وأصحابه الكرام (رضوان الله عليهم) في المسارعة إلى الخيرات والمنافسة في الصالحات ، قال وهيب بن الورد (رضي الله عنه) : إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل.

وفي ختام كلمته أكد الشيخ يسرى عزام، أن خير الناس أنفعهم للناس ، والمؤمن الفَطِن يعلم أنَّ أنفاسَه معدودة ، وساعاتِ إقامتِهِ في الدنيا محدودة ، ويدرك أنَّ الحياة فُرص ، من اغتنم هذه الفرصَ وعمِل الصالحاتِ ، فازَ وسعِد في الدنيا والآخِرة ، ومَن ضيَّعها خابَ وخسِر ، قالَ رَسولُ اللهِ (صلَّى الله عليه وسلَّم) لرجلٍ وهو يَعِظه : ( اغتنمْ خمسًا قبلَ خمس: شبابَك قبلَ هرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقمِك، وغِناك قبلَ فَقْرِك، وفراغَك قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ موتِك ) ، ورحم الله من قال :

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه      لا يذهب العرف بين الله والناس

وفي كلمته أكد الشيخ محمد عبد العال الدومي، إمام وخطيب بالأوقاف، أن القرآن الكريم عرض كلمة (الخيرات) في ست مواضع ، بمعان متعددة ، منها ما يتحدث عن الأمم السابقة ، ومنها ما يتحدث عن أمة الإسلام ، يأمرهم بعمارة الأرض ، ونشر العمران فيها ، قال سبحانه وتعالى: { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، وقال سبحانه : { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}، مشيرًا إلى أن الله تعالى مدح أهل الكتاب بأنهم كانوا يتسابقون في فعل الخيرات ، فقال سبحانه وتعالى: { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} .

كما أكد الدومى، أن الله تعالى جعل فعل الخيرات سببًا لنيل البركات ، ومنها الرزق بالأولاد ، فقد أصلح الله حال زوجة سيدنا زكريا (عليه السلام) ومن أسباب ذلك: المسارعة إلى الخيرات ، قال الله تعالى: { وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }، مشيرًا إلى أن الإنسان العاقل هو الذي  يُسارِعُ ويُبادرُ قَبْلَ العوائِقِ والعَوَارِض، فَنَافِسْ مَا دُمْتَ في فُسْحَةٍ ونَفَسْ، فالصِّحْةُ يَفْجَؤُهَا السَّقَم ، والقوةُ يَعْتَرِيهَا الوَهَن ، والشبابُ يَعْقُبُهُ الهَرَم ، فعلى الإنسان أن يسارع ويبادر إلى فعل الخير ولا يؤجله فإنه لا يدري ماذا سيحدث غدًا

بَادِرْ بِخَيْرٍ إذا ما كُنْتَ مُقْتَدِرَا  *  فَلَيْسَ في كُلِّ وَقْتٍ أَنْتَ مُقْتَدِرُ

وفي ختام كلمته أكد الشيخ محمد الدومى، أن الإسلام جعل السبق إلى الخيرات والمسارعة إلى الصالحات مَطْلَبًا شرعيًّا حث المؤمنين عليه وأمرهم به ، فقَالَ تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}، ومن أهم أعمال المسابقة بالخيرات التي يجب أن نهتم بها لرفعة الوطن ما يسمى بالمشاركة الفاعلة في المجتمع ، التي يمكن من خلالها النهوض بالمجتمع والارتقاء به ، مشيرًا إلى أن أبواب الخير كثيرة ، ومفتوحة للراغبين، والمؤمن العاقل هو الذي يبادر إلى الخيرات ويقطف من ثمراتها ، فالتنافس في الخير هو التنافس المشروع المحمود حينما يُشمر كل امرىءٍ عن ساعده ليصنع المعروف أو يبذل الخير أو يُعمر الأرض، والغاية من كل ذلك نيل رضا الله (عز وجل) والفوز بجنانه والظفر بالسعادة الأبدية الدائمة .

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سامية الطرابلسي: أنا ماسعتش للتمثيل وهو اللي جالي لوحده

اليوم.. نظر محاكمة عاطل بتهمة قتل فتاة فى منطقة الأميرية

سلاح الجو الأمريكى يعترض طائرة فوق نادى ترامب للجولف

صدق أو لا تصدق.. ميسي يُهدي هدفا لمنافسه بتمريرة كارثية "فيديو"

محمد عواد حارس مرمى الزمالك يحتفل بعيد ميلاده الـ"33" اليوم


حالات إلغاء "الرخصة" لقائد المركبات أثناء السير على الطرق.. تعرف عليها

الزمالك يجدد عقد عبد الله السعيد لمدة موسمين

صدمة للبايرن.. تقارير تكشف مدة غياب موسيالا بعد إصابته الخطيرة

ريبيرو يدرس إعادة نظام الدور فى حراسة المرمى بالأهلى

شائعات وأكاذيب مستمرة.. خبراء يفندون مخطط الجماعة لاستهداف المؤسسات بالتضليل.. ربيع: الإخوان يروجون الأكاذيب لإسقاط مؤسسات والتشكيك فى إنجازاتها.. البشبيشى: ترويج الأكاذيب بهدف زعزعة الثقة وضرب الاستقرار


إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا".. ويؤكد: سيعيد للأمريكيين حريتهم

وائل القبانى: أتعرض لحملة ممنهجة.. ولم أفش أسرار الزمالك

الداخلية تكشف تفاصيل إشهار شخص بمطعم سلاح أبيض

تحذير عاجل من الأرصاد الجوية لهذه المحافظات خلال الـ48 ساعة المقبلة

الرئيس السيسى يوجه الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإغلاق الطريق الدائري الإقليمى بمناطق أعمال رفع الكفاءة والصيانة ووضع البدائل المناسبة والأمنة.. ويوجه "الداخلية" بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين

رامى إمام يكشف عن صورة لعادل إمام مع عائلته وأحفاده

ارتفاع عدد المتوفين بحادث الطريق الإقليمي لـ 10 ضحايا

افتتاح الدراسة الدولية للمدربين لكرة اليد للحصول على الرخصة D

الأهلي يكثف مفاوضاته مع أسد الحملاوي لخلافة وسام أبو على فى الموسم الجديد

وزير العمل يوجه ببحث تعويض ضحايا حادث الدائري الإقليمي ويعزى أسر المتوفين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى