اقرأ مع جواد على .. "المفصل فى تاريخ العرب" كيف خرج أهل الحبشة من اليمن؟

المفصل فى تاريخ العرب
المفصل فى تاريخ العرب
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نواصل مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) قراءة التاريخ العربى فى مرحلة ما قبل الإسلام والتعرف على أيامهم وعلاقاتهم الداخلية والخارجية وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب" واليوم نتوقف مع خروج الحبش من اليمن. 

يقول جواد على:

لقد عجل الحبش فى نهايتهم فى اليمن، وعملوا بأيديهم فى هدم ما أقاموه بأنفسهم من حكومة، باعتدائهم على أعراض الناس وأموالهم، وأخذهم عنوة كل ما كانوا يجدونه أمامهم، حتى ضج أهل اليمن وضجروا، فهبوا يريدون تغيير الحال، وطرد الحبشة عن أرضهم، وإن أدى الأمر إلى تبديلهم بأناس أعاجم أيضًا مثل الروم أو الفرس، إذا عجزوا هم عن طردهم، فلعل من الحكام الجدد من قد يكون أهون شرًّا من الحبش، وإن كان كلاهما شرًّا، ولكن إذا كان لا بد من أحد الشرين فإن أهونهما هو الخيار ولا شك.

وهب اليمانون على الحبش، وثار عليهم ساداتهم فى مواضع متعددة غير أن ثوراتهم لم تفدهم شيئًا؛ إذ أخمدت، وقتل القائمون بها. ومن أهم أسباب إخفاقها أنها لم تكن ثورة عارمة عامة مادتها كل الجماهير والسادات، بل كانت ثورات سادات، مادة كل ثورة مؤججها ومن وراءه من تبع. هنا ثورة وهناك
ثورة، ولم تكن بقيادة واحدة، أو بإمرة قائد خبير أو قادة متكاتفين خبراء بأمور الحرب والقتال، فصار من السهل على الحبش، الانقضاض عليها وإخمادها، أضف إلى ذلك أنها لم تؤقت بصورة تجعلها ثورات جماعية، وكأنها نيران تلتهب فى وقت واحد، يعسر على مخمدى النيران إخمادها، أو إخمادها على الأقل بسهولة.
ولتحاسد الأقيال وتنافسهم على السيادة والزعامة نصيب كبير فى هذا الإخفاق، لذلك وجه بعض السادة أنظارهم نحو الخارج فى أمل الحصول على معونة عسكرية أجنبية خارجية، تأتيهم من وراء الحدود، لتكره الحبش على ترك اليمن. وكان صاحب هذا الرأى والمفكر فيه "سيف بن ذى يزن"، من أبناء الأذواء ومن أسرة شهيرة. وقد نجح فى مشروعه، فاكتسب صفة البطولة وانتشر اسمه بين اليمانيين، حتى صير أسطورة من الأساطير، وصارت حياته قصة من القصص أمثال قصة أبى زيد الهلالى وعنترة وغيرهما ممن تحولوا إلى أبطال تقص حياتهم على الناس فى المجالس وفى المقاهى وحفلات السمر والترفيه، أو تقرأ للتسلية واللهو.
 
و"سيف بن ذى يزن"، هو "معد يكرب بن أبى مرة"، وقد عرف أبوه أيضًا بـ"أبى مرة القياض"، وكان من أشراف حمير، ومن الأذواء.
 
وأمه "ريحانة بنة علقمة"، وهى من نسل "ذى جدن" على نحو ما ذكرت يقال إن أبرهة لما انتزع ريحانة من بعلها "أبى مرة"، فر زوجها إلى العراق فالتجأ إلى ملك الحيرة "عمرو بن هند" على ما يظن، وبقى "معديكرب" مع أمه فى بيت "أبرهة" على ذلك مدة، حتى وقع شجار بينه وبين شقيقه من أمه "مسروق" الذى ولى الملك بعد موت أخيه "يكسوب" فأثر ذلك فى نفسه وحقد على "مسروق" فلما مات يكسوم، خرج من اليمن، حتى قدم على قيصر ملك الروم، فشكا ما هم فيه، وطلب إليه أن يخرجهم عنه، ويليهم هو ويبعث إليهم من يشاء من الروم، فيكون له ملك اليمن، فلم يشكه ولم يجد عنده شيئًا مما يريد، فخرج حتى قدم الحيرة على النعمان بن المنذر، فأسكنه عنده ثم أوصله بكسرى، وحدثه فى شأنه وفى خاطره فى قومه، فأمده بثمانى مائة محارب، وبـ "وهرز" أمره عليهم، وبثمانى سفن جعل فى كل سفينة مائة
 
رجل وما يصلحهم فى البحر، فخرجوا، حتى إذا لجوا فى البحر غرقت من السفن سفينتان بما فيها، فخلص إلى ساحل اليمن من أرض عدن ست سفائن فيهن ستمائة رجل فيهم وهرز وسيف بن ذى يزن، نزلوا أرض اليمن، فلما سمع بهم مسروق بن أبرهة، جمع إليه جنده من الحبشة، ثم سار إليهم، فلما التقوا رمى "وهرز" مسروقًا بسهم، فقتله، وانهزمت الحبشة، فقتلوا، وهرب شريدهم، ودخل "وهرز" مدينة صنعاء، وملك اليمن ونفى عنها الحبشة، وكتب بذلك إلى كسرى، فكتب إليه كسرى يأمره أن يملك سيف بن ذى يزن على اليمن وأرضها وأن يرجع وهرز إلى بلاده، فرجع إليها. ورضى سيف بدفع جزية وخرج يؤديه فى كل عام.
 
وذكر "الطبري" فى رواية له أخرى عن "سيف بن ذى يزن" وعن مساعدة الفرس له، فقال: "فخرج ابن ذى يزن قاصدًا إلى ملك الروم، وتجنب كسرى لإبطائه عن نصر أبيه، فلم يجد عند ملك الروم ما يحب، ووجده يحامى عن الحبشة لموافقتهم إياه على الدين، فانكفأ راجعًا إلى كسرى".
 فقابله وحياه وقال لكسرى: "أنا ابن الشيخ اليمانى ذى يزن، والذى وعدته أن تنصره فما ببابك وحضرتك، فتلك العدة حق لى وميراث يجب عليك الخروج لى منه.
 
فرقَّ له كسرى، وأمر له بمال. فخرج، فجعل ينشر الدراهم، فانتهبها الناس. فأرسل إليه كسرى: ما الذى حملك على ما صنعت: قال: إنى لم آتك للمال، إنما جئتك للرجال، ولتمنعنى من الذل، فأعجب ذلك كسرى، فبعث إليه: أن أقم حتى انظر فى أمرك. ثم إن كسرى استشار وزراءه فى توجيه الجند معه، فقال له الموبذان: إن لهذا الغلام حقًّا بنزوعه وموت أبيه بباب الملك وحضرته، وما تقدم من عدته إياه، وفى سجون الملك رجال ذو نجدة وبأس، فلو أن الملك وجههم معه، فإن أصابوا ظفرًا كان له، وإن هلكوا كان قد استراح وأراح أهل مملكته منهم، ولم يكن ذلك ببعيد الصواب. قال كسرى: هذا الرأي. وعمل به.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير التموين :تخفيض أسعار اللحوم والدواجن 10% بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو

تفاصيل التعاقد مع يانيك فيريرا والجهاز المعاون يضم 5 مساعدين أجانب

حماس تعلن استشهاد أسير في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي

المحكمة الإسرائيلية تستدعى ابن نتنياهو لحصوله على جواز سفر دبلوماسى دون حق

الزمالك يجهز بيانًا لتوجيه الشكر لأيمن الرمادى والجهازين الإدارى والطبى


تعرف على البلجيكى يانيك فيريرا المدير الفنى الجديد للزمالك

رئيس "التنظيم والإدارة" يعلن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية

تركى آل الشيخ يعلن إحياء تامر حسنى حفل بطولة العالم للرياضات الإلكترونية 11 يوليو

النيابة العامة تتيح 3 خدمات إلكترونية لقضايا الأسرة المقيدة قبل 2023

الأهلى يطلب من ريبيرو حسم موقف نجم الفريق الشاب بسبب عرض زعيم الثغر


حزن يخيم على تونس.. 20 غواصًا يبحثون عن الطفلة مريم فى قاع البحر

المتهم بالتعدى على ابنه فى الشرقية: "كنت بأدبه".. فيديو

رسائل مهمة لرئيس مجلس النواب بشأن قانون الإيجار القديم.. حنفى جبالى: نحن أمام تحدى جديد ضمن تحديات سبق أن اجتازها هذا المجلس بعزيمة وثبات وحكمة شهد بها الجميع.. وأزمة الإيجار القديم لم يكن لأى منا يد فى صناعتها

انفجار ناقلة نفط تحمل مليون برميل قبالة سواحل ليبيا

موعد مباراة الإنتر ضد فلومينينسي فى ثمن نهائى كأس العالم للأندية

زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب قرب سلسلة جزر توكارا اليابانية

نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 فى جميع المحافظات بالاسم ورقم الجلوس الآن

سيسكا موسكو يترقب الإعلان عن مدرب الزمالك قبل طلب حسام عبد المجيد رسميًا

جمهور الزمالك يترقب الإعلان عن المدير الفني الجديد

تحدٍ من نوع خاص بين مرموش وبونو فى قمة مان سيتي والهلال بمونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى