اقرأ مع مصطفى لطفى المنفلوطى.. "العبرات" قصص تعلم منها الناس فن الكتابة

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف
رحل الكاتب مصطفى لطفى المنفلوطى فى عام 1924 تاركا خلفه كتبًا مهمة، وأسلوبًا مميزًا حاول الكثيرون التعلم منه. هذا الأسلوب كان أكثر سطوعا فى كتابه "العبرات".
 
و"العبرات" مجموعة من القصص التراجيدية، أثار بها "المنفلوطى" مشاعر الأسى والحزن، فلا تكاد تنتقل من قصة حتى تكون الأخرى أشد حزنًا وأكثر شقاءً، والمجموعة كلها عبارة عن مأساة، تتشارك فى أغلبها لوعة المحبين وشقاء المساكين، وحسرة المظلومين وعذاب المفجوعين، إنها بالفعل عبرات تذرفها أثناء قراءة كل قصة.
 
فترى فى "اليتيم" أن الحياة ضنت على الحبيبين بالاجتماع، فكان الموت أكثر رحمة بهما، وفى "الحجاب" يدعو "المنفلوطى" إلى عدم الانجذاب نحو التقاليد الغربية، وإلى قصة "غرناطة" حيث يحاول المسلمون الحفاظ على دينهم بعدما فقدوا أرضهم. ويوضح "المنفلوطى" أثر الإدمان على الفرد، وكيف يؤدى إلى السقوط فى "الهاوية"، ويصل "المنفلوطى" إلى قمة التراجيديا، ويجعلنا نذرف العبرات بقلوبنا حينما نقرأ "الضحية" و"مذكرات مرجريت".
 
يقول مصطفى لطفى المنفلوطى فى "اليتيم" وننقل جزءا منها:
سكنَ الغرفة العليا من المنزل المجاور لمنزلى من عهد قريب فتًى فى التاسعة عشرة أو العشرين من عمره، وأحسب أنه طالبٌ من طلبة المدارس العليا أو الوسطى فى مصر، فقد كنت أراه من نافذة غرفة مكتبي، وكانت على كثبٍ من بعض نوافذ غرفته، فأرى أمامى فتًى شاحبًا، نحيلًا، منقبضًا، جالسًا إلى مصباح منير فى إحدى زوايا الغرفة، ينظر فى كتاب، أو يكتب فى دفتر، أو يستظهر قطعةً، أو يُعيد درسًا، فلم أكن أحفل بشيءٍ من أمره.
 
العبرات
 
حتى عُدتُ إلى منزلى منذ أيامٍ بعد منتصف ليلةٍ قَرَّةٍ من ليالى الشتاء، فدخلت غرفةَ مكتبى لبعض الشئون، فأشرفتُ عليه، فإذا هو جالسٌ جِلسته تلك أمام مصباحه، وقد أكبَّ بوجهه على دفترٍ منشور بين يديه على مكتبه، فظننتُ أنه لمَّا ألمَّ به من تعب الدرس وآلام السهر، قد عَبِئَتْ بجفنيه سِنةٌ من النوم، فأعجلته من الذهاب إلى فراشه، وسقطت به مكانه، فما رُمْتُ مكانى حتى رفع رأسه، فإذا عيناه مخضلَّتان من البكاء، وإذا صفحة دفتره التى كان مكبًّا عليها قد جرى دمعه فوقها، فمحا من كلماتها ما محا، ومشى ببعض مِدادها إلى بعض، ثم لم يلبث أن عاد إلى نفسه، فتناول قلمه، ورجع إلى شأنه الذى كان فيه.
 
فأحزننى أن أرى فى ظلمة ذلك الليل وسكونه هذا الفتى البائس المسكين منفردًا بنفسه فى غرفة عارية باردة! لا يتقى فيها عادية البرد بدثارٍ ولا نارٍ، يشكو همًّا من هموم الحياة أو رُزءًا من أرزائها، قبل أن يبلغ سن الهموم والأحزان، من حيث لا يجد بجانبه مواسيًا ولا معينًا.
 
وقلت: «لا بد أن يكون وراء هذا المنظر الضارع الشاحب نفسٌ قريحةٌ معذبةٌ تذوب بين أضلاعه ذوبًا، فيتهافت لها جسمه تهافت الخِباء المقوَّض.»
 
فلم أزل واقفًا مكانى لا أبرحه، حتى رأيته قد طوى كتابه وفارق مجلسه، وأوى إلى فراشه، فانصرفتُ إلى مخدعي، وقد مضى الليل إلا أقله، ولم يبقَ من سواده فى صفحة هذا الوجود إلا بقايا أسطر يوشك أن يمتد إليها لسان الصباح فيأتى عليها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ليفربول يبدأ رحلة الدفاع عن لقب الدوري الإنجليزي ضد بورنموث الليلة

حصاد تاريخي من الألقاب لـ فابيان رويز مع باريس سان جيرمان ومنتخب إسبانيا

عمر مرموش يتصدر أغلى اللاعبين الأفارقة في الدوري الإنجليزي الموسم الجديد

اندلاع حريق فى محطة نووية برومانيا

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025


أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

موعد مباريات اليوم الجمعة 15 -8 -2025 في الدورى المصرى

ورطة نتيناهو تنسف وهم "إسرائيل الكبرى".. فشل تمديد استدعاء قوات الاحتياط فى جيش الاحتلال.. ائتلاف نتنياهو يفشل فى تأمين الأغلبية للتصويت على تمديد الخدمة.. انتقادات للحكومة وضباط يرفضون الامتثال للخدمة العسكرية

غدا.. انطلاق امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى 2025


جدول ترتيب هدافى الدورى الممتاز.. عبد الرحيم دغموم ينفرد

الشيبي رجل مباراة بيراميدز والإسماعيلي بدروي Nile

رقم قياسي لـ مصر في حضور الجماهير بمونديال ناشئي اليد رغم وداع البطولة.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى