وائل السمري يكتب: وصايا للسودان فى رحلة استئصال سرطان الإخوان.. إزالة التمكين لن تتم إلا بمحاربة أعداء مصر فى السودان وإزالة الأفكار قبل الأشخاص.. ومراجعة وسائل الإعلام والمناهج التعليمية وتبني أبناء الطيب صالح

عمر البشر والطيب صالح
عمر البشر والطيب صالح

تتخذ جمهورية السودان العديد من الإجراءات المهمة في إطار التخلص من بقايا نظام الرئيس السابق عمر البشير، ولا يخفى على أحد أن عمر البشير كان منتميا إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكانت الدولة السودانية تقرب أبناء هذه الجماعة رغما عن الجميع وبصرف النظر عن مدى كفاءتهم أو مناسبة مؤهلاتهم لما يشغلونه من مواقع وتلك خصيصة أصيلة في هذه الجماعة التي تتخذ من عقيدة التمكين مذهبا سياسيا عتيدا وقد يصل تقدسيه إلى مراحل أشد من المقدسات كافة، وكان آخر ما ما تخذته الحكومة من إجراءات تطهيرية من ذيول الإخوان في الحكم هو إنهاء خدمة 98 مستشارا قانونيا بوزارة العدل بعد أن ثبت تعيينهم على أساس الولاء السياسي لتنظيم الإخوان الإرهابي وبحسب ما قاله نائب رئيس اللجنة عضو المجلس السيادى محمد الفكي سليمان، فإن لجنته أعفت أيضا المئات بعدد من الوزارات أبرزها وزارة شئون مجلس الوزراء، العمل والتنمية الاجتماعية، مفوضية العون الإنساني بالتأمين الصحي في إطار سياسة "التمكين" التي انتهجها نظام الإخوان البائد برئاسة المعزول عمر البشير.

 

ولم تتوقف تلك الحملة التطهيرية على تطهير وزارة العدل فحسب، بل صادرت منظمة سودان فاونديشن إحدى المنظمات المشبوهة التي تعمل في تخريب الاقتصاد، إلى جانب استيلاء ومصادرة كل أصول وممتلكات الصرافات التي تعمل في التحويل النقدي بالعملات الأجنبية لخارج السودان والمملوكة لعدد من رموز النظام الإخواني بالإضافة إلى العديد من الشركات الأخرى في مجالات مختلفة، ويأتي من أعمال اللجنة التي شكلها رئيس المجلس السيادي بالسودان عبدالفتاح البرهان برئاسة الفريق أول ياسر العطا وتضمن في تشكيلها أعضاء من وزارة الدفاع والداخلية والعدل والحكم الاتحادي والمالية والمخابرات العامة وقوات الدعم السريع والبنك المركزى، وديوان المراجعة القومى وقوى الحرية والتغيير بهدف إزالة "التمكين" لنظام الرئيس المعزول البشير، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال.

من هنا يتبين أن الدولة السودانية الشقيقة الأقرب تاريخيا لجمهورية مصر العربية بدأت رحلة طويلة وشاقة من أجل بناء دولة حديثة تنتمي إلى العالم الحديث خلافا لما حدث أثناء جمهورية البشير التي كانت دولة تنظيم أو دولة "قبيلة" بالمعنى الحرفي، فالإخوان في كل زمان ومكان يخاصمون الحداثة عالميا ويقاطعون دولة القانون والمواطنة ويحاربونها، رافعين شعار الجماعة أولا وبالطبع أبناء الجماعة في الصدارة بصرف النظر عن كفاءتهم، وتلك رحلة شاقة وطويلة فالبشير مكث في الحكم حوالي 30 عاما وهي فترة كافية لصبغ الدولة السودانية بالصبغة الإخوانية وفترة أيضا كافية لاستقطاب الكثيرين من مختلف الأجيال، ويحسب للشعب السوداني الشقيق أنه برغم طول مدة الاستعمار الإخواني لبلادهم أن كثيرين منهم لا يزالون محافظين على هويتهم الوطنية ومدنيتهم الأصيلة.

تلك رحلة شاقة، وإن كان لي أن أنصح الشعب السوداني الشقيق بشيء أو أن أوصي لجنة إزالة التمكين بشيء فهو أهمية محاربة الأفكار المتوغلة في بعض العقول السوداينة وليس الأشخاص فحسب، فيجب على أشقائنا في السودان أن ينتبهوا إلى أن الرجال أحيانا يصنعون أفكارا وأن الأفكارا أحيانا هي ما تصنع الرجال، ولذلك فإن محاربة الفكر الإخواني الدميم أمر غاية في الأهمية، ولا يتأتى هذا إلا من خلال تطهير وسائل الإعلام السودانية من كل أذناب الجماعة وتبني خطابا عاقلا تجاه القضايا المصيرية.

كذلك يجب على الإخوة في السودان الشقيق الانتباه إلى أن جميع الأصوات التي كانت تهاجم مصر في السودان كانت تفعل هذا إرضاء للجماعة سواء في الداخل السوداني أو في التنظيم الدولي للجماعة، فنظام البشير كان يدرك جيدا أن مصر هي المدنية المصرية هي المهدد الرئيسي لحكمه فمصر بحكم التاريخ والجغرافية الأقرب للسودان والأحب لشعبها، والخوف من انتقال عدوى المدنية المصرية إلى النظام السوداني كان كابوسا مهددا النظام السوداني، ولذلك صنع من مصر صنما للعداوة والبغضاء في حين أن حقيقة مشاعر الشعبين المصري والسوداني تقول عكس هذا، وفي الحقيقة فإن أرى أن أزالة تمكين الجماعة لن يتم في السودان إلا بإزالة تلك الكراهية الصناعية لمصر التي اجتهد نظام البشير في تأسيسها.

كذلك يجب على النظام السوداني الآن الانتباه إلى مناهج التعليم وما قد تحتويه من أفكارا هدامة تنتمي إلى فكر الجماعة المستبدة، فمراحل التعليم النظامي والجماعي كما نعرف جميعا كانت من أهم الأهداف للجماعة في مصر وفي كل دول العالم، واستقطاب الأطفال والشباب من أهم أولويات الجماعة في كل زمان ومكان، ولذلك فإن مهمة مراجعة المناهج التعليمية أمر لا يقل أهمية عن متابعة استثمارات الجماعة ومسارات أموالها.

ولا يفوتني هنا أن أؤكد على أهمية أن تتبنى السودان الشقيقة مشروعا ثقافيا وطنيا جامعا يعيد إلى السودان الشقيق بهائها ويعيد إليها رموزها المهاجرة التي نفرت من حكم الإخوان، وفي الحقيقة فإن الشعب السوداني برغم فرض الإخوان لأفكارهم البالية طوال العقود الثلاثة لم يكف عن إنتاج الأصوات الإبداعية البراقة، في الرواية والشعر والفن التشكيلي والموسيقى، ولهذا أتمنى أن تعيد السودان إلى حضنها أبناء الطيب صالح والهادي آدم وأن تسهم في إشاعة الفكر الحر المستنير الراقي لتحارب أبناء حسن البنا وعمر البشير ومن على شاكلتهم، وأن تهندس مشروعا ثقافيا تنويرا كبيرا يعيد السودان إلى خارطة عالمه الجديد ويحافظ على هويته الخاصة ويصل ما بينه ومحيطه القريب والبعيد.

 

 

 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

انطلاق ماراثون انتخابات مجلس الشيوخ.. وفتح باب تلقى أوراق المرشحين اليوم

محمد صلاح وأشرف حكيمى فى صراع مشتعل على الكرة الذهبية الأفريقية

الزمالك يستعد للموسم الجديد بلائحة قوية من إعداد يانيك فيريرا

ترامب مرحبًا برد حركة حماس: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة خلال أيام

تاريخ مواجهات ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند قبل صدام كأس العالم للأندية


براكين غامضة تثير حيرة العلماء.. بركان بتايوان يقذف "طينا مشتعلا".. البركان الأسود يصدر حمما باردة تتحول للون الأبيض.. زافاريتسكي ثورانه أدى إلى تبريد الأرض منذ 200 عام.. ويلوستون الأمريكى أخطرها

نجوى كرم تحيى حفلاً غنائيًا فى عمان 17 يوليو

الكلام يبدأ من 10 ملايين دولار.. الأهلى يفتح المزاد على وسام أبو على

شيكابالا أحدث أبطال فيلم "كابتن بدرجة إعلامى فى ملعب الفضائيات" بعد الاعتزال

اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى


تصل إلى الحبس 7 سنوات.. عقوبة تنتظر السائق المتسبب فى حادث الطريق الإقليمى

مواعيد مباريات اليوم السبت 5 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

الزعيم عادل إمام يغيب عن حفل زفاف حفيده.. صور

قدم الآن.. فرص عمل فى تأمين محطات المترو بمرتبات تصل لـ10 آلاف جنيه

زيزو والشحات ومحمد شريف أبرز أبطال فيلم "صفقات برعاية بر الوالدين".. فيديو وصور

حر لا يطاق.. حالة الطقس المتوقعة اليوم السبت 5 يوليو 2025 فى مصر

مصرع طفل صدمته سيارة والده أثناء لهوه فى البدرشين

قبل ساعات من الموعد.. عناوين لجان تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ

50 مليون جنيه تكلفة لوك عمرو دياب فى بوستر ابتدينا.. اعرف التفاصيل

إعلام عبرى: خناقة وصراخ بين نتنياهو وزامير بسبب وقف إطلاق النار فى غزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى