الأزهر للفتوى: طلب الراحة فى الانتحار وهم ولا راحة فى الموت لصاحب كبيرة

مركز الازهر العالمى للفتوى الالكترونية
مركز الازهر العالمى للفتوى الالكترونية
كتب لؤى على
قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية إن الإسلام جعل حفظ النفس مقصدًا من أَولى وأعلى مقاصده حتى أباح للإنسان مواقعة المُحرَّم في حال الاضطرار؛ ليُبقي على حياته ويحفظها من الهلاك، وقد جاء الإسلام بذلك مُوافقًا للفطرة البشرية السّوية، ومؤيدًا لها، لذا كان من العجيب أن يُخالِف الإنسان فطرته وينهي حياته بيده؛ ظنًا منه أنه يُنهي بذلك آلامه ومُشكلاته، ولكنَّ الحقَّ على خلاف ذلك، لا سيما عند من آمن بالله واليوم الآخر، فالمؤمن يعلم أنّ الدنيا دار ممر لا مقر، وأن الآخرة هي دار الخُلود والمُستقَر، وأن الموت هو بداية الحياة الأبدية لا نهايتها.
 
وتابع المركز فى بيان له أن الآخرة دار حساب وجزاء، وأن الدنيا لا تعدو أن تكون دار اختبار وافتتان ومكابدة؛ قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 165]،وهذا بلا شك يوضح دور الاعتقاد والإيمان في الصبر على الحياة الدنيا وبلاءاتها، وتجاوز تحدياتها.
 
فالمؤمن يرى وجود الشَّدائد سُنّة حياتيّة حتميّة، لم يخلُ منها زمانٌ، ولم يسلم منها عبد من عباد الله؛ بيد أنها تكون بالخير تارة، وبالشَّر أخرى، بالعطاء أوقاتًا، وبالحرمان أخرى، قال سُبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]،ويعلم حقيقة الابتلاء الذي يحمل الشَّر من وجه، ويحمل الخير من وجوه؛ إذ لا وجود لشرٍّ محض،ويستطيع ذوو الألباب أن يُعددوا أوجه الخير في كل محنة، والله سبحانه وتعالى قال عن حادثة الأفك في القرآن الكريم: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ..} [النور: 11]، رغم ما كان فيها من الشِّدة والبلاء على سيدنا رسول الله ﷺ، وزوجه أم المؤمنين السّيدة عائشة رضي الله عنها، والمجتمع الإسلامي كله.
 
فسُنَّة الله سُبحانه في الابتلاء أن جعله اختبارًا وتمحيصًا؛ ليرى صدق إيمان المؤمنين وصبرهم وشكرهم، وليظهر السّاخط عند البلاء، الجاحد عند النّعماء؛ كي يتفاضل النّاس ويتمايزوا، ثمَّ يُوفَّى كلٌّ جزاءَه في دنياه وأخراه؛ قال سُبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]، فإذا عَلِم العبدُ هذا هدأت نفسه، واطمئن قبله، وعلم أنّ كل قَدَر الله له خير، إنْ هو آمن وصدق وصبر وأحسن؛ قَالَ سَيِّدنا رَسُولُ الله ﷺ: «عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ» [أخرجه مسلم].
 
أما طلب الراحة في الانتحار فوهم، إذ لا راحة في الموت لصاحب كبيرة، وليس بعد الموت توبة أو مستعتب، والتخلص من الحياة بإزهاق الروح التي هي ملك لله سبحانه جريمة لا مبرر لها على الإطلاق، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود: 101]، واعتداء على خلق الله، واستعجال ما قَدّر،لذلك توعد الله سبحانه وتعالى المُنتحر بالعقاب الأليم، فقال تعالى: {..وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا . إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 29 -31].
 
وقال رسول الله ﷺ: «كانَ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ به جُرْحٌ، فَجَزِعَ، فأخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بهَا يَدَهُ، فَما رَقَأَ الدَّمُ حتَّى مَاتَ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: بَادَرَنِي عَبْدِي بنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عليه الجَنَّةَ» [أخرجه البخاري]،كما عاقب النبي ﷺ مرتكب هذا الجرم بعدم صلاته عليه، فعن جابر بن سمرة، قال: «أُتِيَ النبيُّ ﷺ برَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عليه» [أخرجه مسلم].
 
وبيان حكم الانتحار المذكور لا يعارض النظر إليه كنتيجة لاضطراب نفسي قد يحتاج في بعض الحالات لمعالجة طبيبة مُتخصّصة، أو لمعاملة أُسرية ومُجتمعة واعية، فالدين يدعم العلم لا يُناقضه، ويدعو الأسرةَ إلى تحمل مسئولياتها إزاء تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة إيمانية سوية وسطية، ويعتمد الحوار الهادئ البنّاء كأحد أهم أدوات وأساليب العلاج.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

فيلم ريستارت يحتل المركز التاسع ضمن قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات

محافظ القاهرة يشكل لجنة هندسية لبيان مدى تأثير حريق بحى بولاق على العقار

إعلام عبرى: على الجيش الإسرائيلى الاستعداد لأكمنة محكمة حال اجتياح غزة

حقيقة إعلان المحكمة الرياضية قرارها بشأن شكوى بيراميدز

شهيدان وإصابات بقصف الاحتلال الإسرائيلي خيمة تؤوي نازحين في خان يونس


إليسا تحيى حفلا غنائيا في دبي نوفمبر المقبل

مصطفى شوبير يحتفل بارتداء شارة قيادة الأهلى: "شرف ما بعده شرف"

القبض على المتهمين بالتشاجر بسبب حادث توك توك فى مدينة 6 أكتوبر.. صور

كواليس استبعاد 7 لاعبين من الزمالك أمام المقاولون.. بانزا والجزيري الأبرز

جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباراة الزمالك والمقاولون العرب الليلة


ليفربول ضد بورنموث.. أرقام قياسية بالجملة لـ محمد صلاح ورفاقه

مصر تعزى باكستان في ضحايا الفيضانات التى اجتاحت البلاد

وزارة التعليم: حظر تحصيل أية مبالغ مالية من أولياء الأمور

وزارة التعليم: تسجيل غياب الطلاب يوميا بالعام الدراسى الجديد 20 سبتمبر

غلق شارع 26 يوليو لتنفيذ مونوريل وادى النيل -6 أكتوبر.. اعرف تحويلات المرور

مواد المرحلة التمهيدية "أولى ثانوى" بالبكالوريا للعام الدراسى 2026

الأهلي يقدم شكوى رسمية ضد الحكم محمد معروف خلال ساعات بسبب طرد هاني

علشان تختار لابنك صح.. أبرز 10 فروق بين البكالوريا والثانوية العامة

وزارة التعليم: توفير كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026

أحمد شريف والدباغ يقودان هجوم الزمالك في التشكيل المتوقع أمام المقاولون

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى