ميلاد أمل دنقل.. "زرقاء يمامة" الشعر العربى

الشاعر الكبير أمل دنقل
الشاعر الكبير أمل دنقل
كتب أحمد إبراهيم الشريف
اسمه محمد أمل فهيم أبو القسام محارب دنقل، ولد  فى يونيو من عام 1940، كان والده عالمًا من علماء الأزهر، ممّا أثر فى شخصية أمل دنقل وقصائده بشكل واضح.أطلق عليه والده اسم "أمل" بسبب النجاح الذى حققه بعد ولادته فى نفس السنة التى حصل فيها على إجازة العالمية، عُرف أمل بالنباهة والذكاء والجد تجاه دراسته، وقد التحق بمدرسة ابتدائية حكومية أنهى فيها دراسته سنة 1952.
رحل أمل دنقل إلى القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية فى قنا وفى القاهرة التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكى يعمل.
 
 
عمل أمل دنقل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية ثم بعد ذلك موظفاً فى منظمة التضامن الأفروآسيوى، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى كتابة الشعر.
 
استوحى أمل دنقل قصائده من رموز التراث العربى، وقد كان السائد فى هذا الوقت التأثر بالميثولوجيا الغربية عامة واليونانية خاصة، عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم فى تشكيل نفسيته وقد صدم ككل المصريين بانكسار مصر فى عام 1967 وعبر عن صدمته فى رائعته "البكاء بين يدى زرقاء اليمامة" ومجموعته "تعليق على ما حدث ".
تقول القصيدة:
 
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..
جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف فى معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة
منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدى المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال فى الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جارى الذى يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. فى لحظة الملامسة !
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء !!
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتى العزلاء بين السيف .. والجدارْ !
عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟
كيف حملتُ العار..
ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسى ؟ ! دون أن أنهار ؟ !
ودون أن يسقط لحمى .. من غبار التربة المدنسة ؟ !
تكلَّمى أيتها النبية المقدسة
تكلمى .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضى عينيكِ، فالجرذان ..
تلعق من دمى حساءَها .. ولا أردُّها !
تكلمى ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفى عورتى .. كلا ولا الجدران !
ولا اختبائى فى الصحيفة التى أشدُّها ..
ولا احتمائى فى سحائب الدخان !
.. تقفز حولى طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتى .. ونحن فى الخنادْق
فنفتح الأزرار فى ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً فى الصحَراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان 
فأين أخفى وجهى المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةَ الطروب : ضحكتهُ..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتى .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكى أنال فضلة الأمانْ
قيل لى "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ فى عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام فى حظائر النسيان
طعامى : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا فى ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذى ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذى لا حولَ لى أو شأن ..
أنا الذى أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع الى المجالسة !!
تكلمى أيتها النبية المقدسة
تكلمى .. تكلمى ..
فها أنا على التراب سائلٌ دمي
وهو ظمئُ .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذى يخنقنى :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟!"
فمن تُرى يصدُقْنى ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار !
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار !
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار !
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن فى سلاسل الأسرِ،
وفى ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة !
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ !
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ !
فأين أخفى وجهى المُشَوَّها
كى لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها.
فى أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء !
وحيدة .. عمياء !
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هل ينجح لبنان فى معركة "حصر السلاح"؟.. حزب الله يتمسك بسلاحه ويهدد باحتجاجات فى الشوارع.. إيران تجدد الدعم.. جلسة لمجلس الوزراء فى نهاية أغسطس لمناقشة الجدول الزمني للتنفيذ.. وضغوط إسرائيلية تزيد المشهد تعقيدًا

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 22 - 8 - 2025 والقنوات الناقلة

موعد مباراة الأهلي ضد غزل المحلة فى الدوري والقناة الناقلة

يانيك فيريرا: الزمالك استحق الفوز ومباراة مودرن سبورت الأفضل للفريق فى الدورى

ألونسو يدرس الإطاحة بفينيسيوس جونيور من تشكيل ريال مدريد


النصر يتفوق تاريخيًا على الأهلى قبل نهائى كأس السوبر السعودى 2025

جدول ترتيب الدورى الممتاز.. الزمالك والمصرى يتقسمان الصدراة يتصدر

إسرائيل تشرع في تنفيذ مشروع استيطاني جديد بالضفة لمنع قيام الدولة الفلسطينية

تنفيذ الإعدام بحق المتهم الرئيسى فى جريمة اغتصاب سيدة أمام زوجها بالإسماعيلية

خالد منتصر: أنغام ليست مصابة سرطان وألمها بدون تفسير بعد جراحة بالروبوت


إعلان نتيجة تنسيق القبول برياض الأطفال والصف الأول الابتدائى.. السبت القادم

عمر مرموش يُفاجئ الجميع بأصعب مدافع واجهه فى الدورى الإنجليزى

الرئيس السيسى وولى العهد السعودى يعقدان مباحثات موسعة واجتماعا ثنائيا

فيديو وصول الرئيس السيسى مطار نيوم والأمير محمد بن سلمان فى استقباله

النيابة العامة تكشف حقيقة رقص فتاة على منصة القضاء ونقيب الممثلين يعتذر

زفاف بعد السبعين.. فريد وفاطمة يتحديان السن ويدخلان عش الزوجية فى المنوفية

إصابة فريمبونج وغياب جوميز يربكان ليفربول قبل مواجهة نيوكاسل

القبض على المتهم بقتل ابن عمه بسلاح أبيض فى قنا

تفاصيل مصرع شخصين وإصابة 18 آخرين فى حادث طريق مطروح

مكالمة دعم وحب من كريم عبد العزيز لزوجته آن الرفاعى بعد شائعات انفصالهما

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى