الفراعنة المحاربون.. بسماتيك الأول محارب وسياسى ورجل دولة قاد مصر للمجد

بسماتيك الأول
بسماتيك الأول
كتب أحمد منصور

لقد كانت مصر فى موعد مع القدر حتى يمن عليها بواحد من أفضل الملوك المحاربين ودهاة الملوك السياسيين، وهو الملك بسماتيك الأول الذى تولى حكم مصر فى فترة عصيبة فى عصرها المتأخر، وقاد مصر إلى المجد والقوة والنهضة ثانية، فكانت أشبه بابتسامة مبتسرة قبل أن يتم إسدال الستار على تاريخ وحضارة مصر الفرعونية، وقبل أن تتحول إلى مملكة يحكمها الغرباء، مثل الإسكندر الأكبر وخلفائه من الملوك البطالمة.

بسماتيك الاول (1)
بسماتيك الاول 

 

 

يقول كتاب  "الفراعنة المحاربون.. دبلوماسيون وعسكريون" للدكتور حسين عبد البصير، إنه من رحم الموت، تولد الحياة، ومن هول وفجاعة الانهيار، تنبعث النهضة، ومن خضم المعاناة والفرقة والمأساة، تتحق الوحدة والأمجاد والانتصارات، وبفرض قبضة الآشوريين القوية على حكم مصر بعد هروب الكوشيين أو النوبيين إلى بلادهم الكوشية أو النوبية البعيدة، انتهت الأسرة الخامسة والعشرين الكوشية أو النوبية للأبد، وبدأت فى التشكل والظهور الأسرة السادسة والعشرون الصاوية المصرية الوطنية تحت حكم الآشوريين حين قام الآشوريون بقيادة ملكهم الأشهر آشوربانيبال بتعيين نكاو أو نخاو، أو نكاو أو نخاو الأول كحاكم على مدينة سايس وابنه بسماتيك الأول كحاكم على مدينة أثريب أو أتريب بالقرب من بنها فى القليوبية فى الدلتا. وقام الملوك الصاويون بفرض سيطرتهم على الدلتا شيئًا فشيئًا كحكام تابعين للآشوريين. وفى عام 664 قبل الميلاد، مات نكاو أو نخاو الأول، فقام الآشوريون بتعيين ابنه بسماتيك الأول كملك على مصر ككل.

وأوضح الدكتور حسين عبد البصير، لم يكن صعبًا على الملك العسكرى والسياسى المحنك بسماتيك الأول أن يسيطر على الدلتا التى جاء منها، خصوصًا أن أمراء الدلتا كانوا ضعافًا وحكامها لم يكونوا يشكلون أية خطورة تذكر عليه وتحديدًا بعد أن مهد له أبوه الحكم أثناء فترة تبعيته للحكم الآشورى، غير أن الصعوبة الحقيقية التى واجهها الملك بسماتيك الأول كانت هى كيفية سيطرته على الصعيد المصرى البعيد عن الدلتا والعصى على السيطرة والاعتراف بحكمه، وتحديدًا مدينة طيبة العاصمة الدينية العريقة ومركز عبادة الرب الأكبر الإله آمون.

 

وأضاف كتاب "الفراعنة المحاربون"، أن الملك بسماتيك الأول أثبت أنه سياسى محنك ورجل دولة من طراز رفيع، ففى عام 656 قبل ميلاد السيد المسيح، قام بإرسال ابنته الأميرة نيوت إقرت أو نيوتكريس إلى الجنوب، إلى طيبة عاصمة مصر الدينية الكبرى، كى يتم تعيينها كزوجة مستقبلية للإله آمون رب طيبة الأعظم، فى معبد الإله آمون بالمدينة، وكى يضمن السيطرة الدينية ومن ثم السياسية على طيبة وعلى الجنوب وعلى معبد الإله آمون وكهنته المسيطرين ودولته ذات الأوقاف والإقطاعيات والهبات والمؤسسات الاقتصادية القوية والمتحكمة فى الجنوب وفى مصر ككل.

بسماتيك الاول (2)
بسماتيك الاول 

 

وأشار كتاب "الفراعنة المحاربون"، إلى أن بسماتيك الأول كان من الذكاء بمكان حين استخدم نبلاء الجنوب، ولم يعاد منهم أحدًا، وكان من بين أهمهم، والذى استخدمه كى يدعم حكمه وحكم ابنته فى الجنوب بعد قيامه بخطوة تعيينها بمعبد الإله آمون، مونتو إم حات، عمدة طيبة القوى النبيل والكاهن الرابع للإله آمون، وكان بسماتيك رجل دولة مميزًا حين لم يخلع زوجتى الإله آمون الحاليتين من الأسرة السابقة، أى الأسرة الخامسة والعشرين الكوشية أو النوبية والتى هرب ملوكها إلى الجنوب، وهما شبن أوبت الثانية وآمون إرديس الثانية، وذلك حتى لا يدخل فى محظور دينى يفقد به ما أراد تحقيقه من تعيين ابنته كزوجة مستقبلية للإله بعد موتهما، وهكذا سيطر بسماتيك الأول على الدلتا أولاً، ثم على الصعيد ثانيًا من خلال تعيين ابنته فى طيبة فى ذلك المنصب الدينى والدنيوى المهم، وكذلك عدم معاداة البيت الكوشى الحاكم دينيًا فى الجنوب أو معاداة نبلاء الجنوب الذين دعموا سيطرتهم وأيدوا سلطانه على الجنوب.

وتابع الكتاب ، واتجه بسماتيك الأول ببصره إلى خارج الحدود بعد أن أمن دولته فى الداخل، وحاول استعادة أمجاد ملوك مصر السابقين فى الشرق الأدنى القديم، غير أنه وجد أن الأمر يحتاج إلى تكوين جيش قوى حتى يستطيع أن يحقق جولاته وصولاته وانتصاراته معيدًا مجد الإمبراطورية المصرية فى الشرق الأدنى القديم والتى كانت فى عصر الدولة الحديثة، فتوصل إلى فكرة بديعة وهى تكوين جيش من الجنود المرتزقة من بلاد البحر الأبيض المتوسط، فجمع عددًا كبيرًا منهم من الإغريق والكاريين وغيرهم.

ولفت كتاب "الفراعنة المحاربون"، حكم بسماتيك الأول مصر لمدة تزيد على النصف قرن حوالى 54 عامًا، أعاد مصر فيها إلى عصر الاستقرار والقيم الدينية الراسخة فى عقيدة المصريين القدماء، وعلى الرغم من التأثر الكبير بالتأثيرات الوافدة من الخارج فى الفن والتجارة، والتى لم تحدث من قبل، قام ذلك الملك ورجال عهده ومن تلاهم بالنظر إلى آثار الماضى فى عصور الدول القديمة خصوصًا عصرى الدولتين القديمة والوسطى بعين الاعتبار والتقليد الحميد، والذى نعرفه بعصر الرينيسانس أو عصر النهضة الصاوية، حين قام ملوك الأسرة بتقليد فنون ونصوص الفترات السابقة ووضع لمستهم الفنية فى محاولة منهم للالتصاق بمجد الماضى العظيم فى مواجهة ضعف الحاضر الذى كانوا يعيشونه.

الملك بسماتيك الأول
الملك بسماتيك الأول

 

وفى عام 653 قبل الميلاد، استغل بسماتيك الأول انشغال ملوك آشور بأمورهم الداخلية، وانسلخ من سيطرتهم، وهم أيضًا لم يهتموا بانفصاله عنهم، نظرًا لشدة الصراع الداخلى على العرش لديهم، وتهديد قوة بابل الصاعدة من الجنوب لهم، فكان لبسماتيك الأول ما أراد. وكان سعيد الحظ. وأخذ لنفسه خطًا مغايرًا فى السياسة الخارجية. وجعل من مصر قوة ضاربة ومهمة ومؤثرة فى منطقة الشرق الأدنى القديم.

وقال الدكتور حسين عبد البصير، كما أن غياب آشور عن المسرح السياسى للأحداث فى الشرق الأدنى القديم، ترك فراغًا سياسيًا كبيرًا فى المنطقة، فظهرت قوى أخرى مثل البابليين تحت قيادة ملكهم الشهير نابوبولاصر، وظهر كذلك الميديون، وظهر أيضًا الساسانيون، وفى الفترة من 629 إلى 627 قبل الميلاد، قام نابوبولاصر بالتحرك جنوبًا إلى جنوب فلسطين حتى دحره المصريون فى أشدود على الساحل الفلسطينى، وتقين بسماتيك الأول من الخطر الحقيقى لمصر لانهيار الآشوريين، لذا ساعدهم ضد البابليين فى عام 616 قبل الميلاد، غير أنه لم تكن لديه قوات كافية كى يقضى على البابليين نصرة ومساندة منه لحلفائه الآشوريين السابقين، غير أن قوى دولية أخرى مكونة من الفرس والساسانيين قامت بمهامجة آشور فى عام 612 قبل الميلاد وقامت بالقضاء على الخط المالك فى البيت الآشوري.

بسماتيك الأول ملك مصرى محارب وسياسى ورجل دولة من طراز رفيع حقق لمصر مجدها وناطح القوى الإقليمية الكبرى وجعل لمصر مكانها فى عالمى الشرق الأدنى القديم والبحر المتوسط وحقق عصر النهضة الصاوية فى فترة متقلبة من تاريخ مصر القديمة، فكان نعم الفرعون الموحد لمصر العظيمة والمجدد لثقافتها والمعيد لمجدها الخالد.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تفاصيل معركة "الخوى" بين الجيش السودانى والدعم السريع.. مقتل 800 من الميليشيا

وزارة الداخلية تضبط قضية غسيل أموال بقيمة 280 مليون جنيه

البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بزلزال البحر المتوسط

اليوم الثانى من جولة ترامب الخليجية.. لقاءات حاسمة في الرياض والدوحة

اتجاه في اتحاد الكرة لرفض مطالبات الأندية بإلغاء الهبوط في اجتماع الثلاثاء


اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس

حدث ليلا.. تغطية شاملة لزلزال اليوم بقوة 6.4 ريختر: كان قويًا نسبيًا

تفاصيل زلزال "نص الليل".. سكان القاهرة والمحافظات يشعرون بهزة أرضية بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية: قوى نسبيًا.. واستغرق أقل من 20 ثانية.. ورصدنا هزتين ارتداديتين.. والهلال الأحمر: لم ترد بلاغات بوقوع أضرار

بيراميدز ضد صن داونز.. موعد مباراة نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

توابع الزلزال.. هزة ارتدادية جديدة بقوة 4.26 ريختر شمال مرسى مطروح


زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

برشلونة يصنع التاريخ بأرقام مذهلة فى الموسم الحالى

الإسماعيلى يبدأ مباريات الحسم بدوري نايل أمام مودرن سبورت

معهد الفلك: الزلزال لم يتجاوز 20 ثانية.. ولم نسجل هزات ارتدادية حتى الآن

زلزال اليوم.. هزة أرضية تضرب القاهرة وعددا من المحافظات.. البحوث الفلكية: قوته 6.4 ريختر على بعد 631 كم شمال رشيد.. ورئيس المعهد: عمق الزلزال كان كبيرًا.. ويطمئن المواطنين: نتابع تداعيات الهزة الأرضية بشكل دقيق

تعرف على مواعيد الجولة السابعة من مرحلة حسم دوري نايل والقناة الناقلة

بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة

عاجل.. زلزال يضرب القاهرة وعددا من المحافظات

وفاة جورج وسوف شائعة وحالته الصحية بخير ويستعد لجولته الغنائية فى أوروبا

محامى رمضان صبحى يكشف حقيقة القبض على شخص يؤدى الامتحان بدلا منه

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى