قصة السيدة مريم والملاك.. ما قاله التراث الإسلامى

كتاب البدايه والنهايه
كتاب البدايه والنهايه
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نواصل سرد قصة السيدة مريم من خلال التراث الإسلامى، فكيف رأى القدماء قصة السيدة مريم مع الملاك الذى أرسله الله سبحانه وتعالى ليبشرها بسيدنا "عيسى" عليه السلام.

يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير :

تقدم أن مريم لما جعلتها أمها محررة، تخدم بيت المقدس، وأنه كفلها زوج أختها أو خالتها نبى ذلك الزمان زكريا عليه السلام، وأنه اتخذ لها محرابا وهو المكان الشريف من المسجد، لا يدخله أحد عليها سواه.
 
وأنها لما بلغت، اجتهدت فى العبادة، فلم يكن فى ذلك الزمان نظيرها فى فنون العبادات، وظهر عليها من الأحوال ما غبطها به زكريا عليه السلام.
 
وخاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها، وبأنه سيهب لها ولدا زكيا يكون نبيا كريما، طاهرا، مكرما، مؤيدا بالمعجزات، فتعجبت من وجود ولد من غير والد، لأنها لا زوج، لها ولا هى ممن تتزوج، فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
 
فاستكانت لذلك، وأنابت، وسلمت لأمر الله، وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها، فإن الناس يتكلمون فيها بسببه، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال من غير تدبر، ولا تعقل، وكانت إنما تخرج من المسجد فى زمن حيضها، أو لحاجة ضرورية، لا بد منها من استقاء ماء، أو تحصيل غذاء.
 
فبينما هى يوما قد خرجت لبعض شؤونها "انْتَبَذَتْ" أى: انفردت وحدها شرقى المسجد الأقصى، إذ بعث الله إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام "فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرا سَوِيّا" فلما رأته "قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّا".
 
 
قال أبو العالية: علمت أن التقى ذو نهية، وهذا يرد قول من زعم أنه كان فى بنى إسرائيل رجل فاسق مشهور بالفسق، اسمه: تقى، فإن هذا قول باطل بلا دليل، وهو من أسخف الأقوال.
 
" قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ" أى: خاطبها الملك قائلا: إنما أنا رسول ربك أى لست ببشر، ولكنى ملك بعثنى الله إليك "لِأَهَبَ لَكِ غُلَاما زَكِيّا" أى: ولدا زكيا "قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ" أى: كيف يكون لى غلام، أو يوجد لى ولد "وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّا" أى: ولست ذات زوج، وما أنا ممن يفعل الفاحشة.
 
" قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَى هَيِّنٌ" أى: فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها والحالة هذه، قائلا: "كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ" أي: وعد أنه سيخلق منك غلاما، ولست بذات بعل، ولا تكونين ممن تبغين "هُوَ عَلَى هَيِّنٌ" أى: وهذا سهل عليه ويسير لديه، فإنه على ما يشاء قدير.
 
وقوله: "وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ" أى: ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلا على كمال قدرتنا على أنواع الخلق، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى.
 
وقوله: "وَرَحْمَةً مِنَّا" أي: نرحم به العباد، بأن يدعوهم إلى الله فى صغره وكبره فى طفوليته وكهوليته، بأن يفردوا الله بالعبادة وحده لا شريك له، وينزهوه عن اتخاذ الصاحبة، والأولاد، والشركاء، والنظراء، والأضداد، والأنداد.
 
وقوله: "وَكَانَ أَمْرا مَقْضِيّا" يحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل معها، يعنى: أن هذا أمر قد قضاه الله وحتمه وقدره وقرره، وهذا معنى قول محمد بن إسحاق، واختاره ابن جرير، ولم يحك سواه، والله أعلم.
 
ويحتمل أن يكون قوله: "وَكَانَ أَمْرا مَقْضِيّا" كناية عن نفخ جبريل فيها، كما قال تعالى: "ومَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا" [التحريم: 12]
 
فذكر غير واحد من السلف: أن جبريل نفخ فى جيب درعها، فنزلت النفخة إلى فرجها، فحملت من فورها، كما تحمل المرأة عند جماع بعلها.
ومن قال: أنه نفخ فى فمها، أو أن الذى كان يخاطبها هو الروح الذى ولج فيها من فمها، فقوله خلاف ما يفهم من سياقات هذه القصة فى محالها من القرآن.
فإن هذا السياق يدل على أن الذى أرسل إليها ملك من الملائكة، وهو جبريل عليه السلام، وأنه إنما نفخ فيها، ولم يواجه الملك الفرج، بل نفخ فى جيبها، فنزلت النفخة إلى فرجها، فانسلكت فيه، كما قال تعالى: "فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا" فدل على أن النفخة ولجت فيه، لا فى فمها، كما روى عن أبى بن كعب، ولا فى صدرها كما رواه السدى، بإسناده عن بعض الصحابة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

خالد دومة: العهد 3 .. صوت هابيل

خالد دومة: العهد 3 .. صوت هابيل الإثنين، 07 يوليو 2025 03:34 ص

الأكثر قراءة

الأهلي يستعجل كريم نيدفيد لتحديد وجهته بالموسم الجديد

بالأرقام.. حكيمى يخطف الأضواء بأداء استثنائى فى كأس العالم للأندية

اعرف الصح.. دار الإفتاء تواصل حملتها لتصحيح المفاهيم الخاطئة.. وتوضح حكم زيارة مساجد المدينة المنورة والترتيب بين فريضة الفجر وسنته.. وتجيب عن سؤال حول حكم صلاة الصبى المُميّز فى الصف الأول

اليوم .. آخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بالقاهرة

ارتفاع كبير فى أسعار تذاكر الطيران من إسرائيل فى شهر يونيو الماضى


تطورات جديدة فى موقف لويس دياز من الانتقال إلى برشلونة

اتجاه لانطلاق دورى المحترفين 27 أغسطس بعد تأجيله

جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق صاروخين من اليمن ونجاح اعتراض أحدهما

منتخب المكسيك بقيادة أجيرى يتوج بالكأس الذهبية بثنائية ضد أمريكا.. فيديو

البنك الأهلي يخوض سلسلة وديات في المرحلة الثانية من الإعداد بالإسكندرية


خيمينيز يسجل هدف تعادل المكسيك ضد أمريكا ويحتفل على طريقة جوتا.. فيديو

أحمد أبو مسلم: اللاعب المصرى طماع.. ومصطفى محمد قريب من الأهلى بنسبة 80%

اعترافات المتهمين بالتنقيب عن الآثار بحثا عن الثراء فى بولاق الدكرور

سيف زاهر: الأهلى لديه عروض لـ3 لاعبين بمبالغ تتخطى المليار جنيه وإمام هيجدد

مارسيلو يكشف عن النهائى "الحلم" فى كأس العالم للأندية

أيمن الشريعي: عبد الناصر محمد عليه فلوس "سُلف" لإنبي لابد من تسويتها

ضبط سائق نقل ترك الرمال تتناثر من سيارته على الطريق الدائري بالقاهرة.. فيديو

كيف تحمي نفسك من النصب خلال التسوق الإلكتروني؟.. التفاصيل

تحويلات مرورية بالدائرى الإقليمى لتنفيذ أعمال تطوير ورفع كفاءة الطريق

صحتك بالدنيا.. اعرف حقيقة أشهر 10 خرافات عن "السكر".. دراسة تؤكد: ممارسة الرياضة بعد التعافى من السرطان تمنع تكرار المرض.. تحذيرات بريطانية من متحور كورونا الجديد "ستراتوس".. وأعراض "الكوليسترول" لدى الأطفال

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى