هل تحول "عجل بنى إسرائيل" إلى لحم ودم؟.. ما يقوله التراث الإسلامى

البداية والنهاية
البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

بعدما أنقذ الله سبحانه وتعالى بنى إسرائيل من فرعون وجنوده لم يشكروا بل استغلوا غياب سيدنا موسى عليه السلام وذهابه للقاء ربه وعبدوا عجلا صنعه لهم رجلا منهم يسمى "السامرى" من الذهب الذى سرقوه من المصريين.. لكن كيف كان هذا العجل.. وهل حقا تحول إلى لحم ودم؟

 

يقول كتاب البداية والنهاية للحافظ ابن كثير 

حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه، مكث على الطور يناجى ربه، ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة، وهو تعالى يجيبه عنها، فعمد رجل منهم يقال له: هارون السامرى، فأخذ ما كان استعاره من الحلى فصاغ منه عجلًا، وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل حين رآه - يوم أغرق الله فرعون على يديه - فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقى.

ويقال: إنه استحال عجلًا جسدًا أى: لحمًا ودمًا حيًا يخور، قاله قتادة وغيره.
وقيل: بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كما تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون: "فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِى" أى: فنسى موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو ههنا! تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتضاعفت آلاؤه وعداته.
قال الله تعالى مبينا بطلان ما ذهبوا إليه، وما عولوا عليه من إلهية هذا الذى قصاره أن يكون حيوانًا بهيمًا، وشيطانًا رجيمًا: "ألم يروا أن لا يرجع إليهم قولًا ولا يملك لهم ضرًا ولا نفعًا" وقال: "أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ" [الأعراف: 148]
 
فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جوابًا، ولا يملك ضرا ولا نفعا، ولا يهدى إلى رشد، اتخذوه وهم ظالمون لأنفسهم، عالمون فى أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل، والضلال.
 
"وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ" أي: ندموا على ما صنعوا، "وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ" ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الألواح المتضمنة التوراة ألقاها فيقال: إنه كسرها، وهكذا هو عند أهل الكتاب، وإن الله أبدله غيرها، وليس فى اللفظ القرآنى ما يدل على ذلك، إلا أنه ألقاها حين عاين ما عاين.
عجل
 
وعند أهل الكتاب أنهما كانا لوحين، وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة، ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل، فأمره بمعاينة ذلك.
ولهذا جاء فى الحديث الذى رواه الإمام أحمد، وابن حبان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:" ليس الخبر كالمعاينة"، ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم وهجنهم فى صنيعهم هذا القبيح، فاعتذروا إليه بما ليس بصحيح قالوا: "وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِى" تحرجوا من تملك حلى آل فرعون، وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا بجهلهم، وقلة علمهم وعقلهم من عبادة العجل الجسد، الذى له خوار مع الواحد الأحد الفرد الصمد القهار.
 
ثم أقبل على أخيه هارون عليهما السلام قائلًا له: "قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ" أى: هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتنى فأعلمتنى بما فعلوا، فقال: "إِنِّى خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى" أى: تركتهم وجئتنى وأنت قد استخلفتنى فيهم، "قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلِأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" [الأعراف: 151].
 
وقد كان هارون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهي، وزجرهم عنه أتم الزجر، قال الله تعالى: "وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ" أى: إنما قدر الله أمر هذا العجل، وجعله يخور فتنة واختبارًا لكم، "وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ" أي: لا هذا، "فَاتَّبِعُونِى" أى: فيما أقول لكم "وَأَطِيعُوا أَمْرِى * قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى" يشهد الله لهرون عليه السلام "وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" [النساء: 166] أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك، فلم يطيعوه ولم يتبعوه، ثم أقبل موسى على السامري: "قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِى" أى: ما حملك على ما صنعت؟ "قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ" أى: رأيت جبرائيل وهو راكب فرسًا "فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ" أى: من أثر فرس جبريل.
 
وقد ذكر بعضهم أنه رآه، وكلما وطئت بحوافرها على موضع اخضر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه فى هذا العجل المصنوع من الذهب، كان من أمره ما كان ولهذا قال: "فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى * قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ".

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس وزراء المجر: لا يمكن التوصل لاتفاق سلام في أوكرانيا إلا باجتماع بين بوتين وترامب

رئيس الوزراء يتفقد كوبري السيدة عائشة مع أعمال إزالته

وزير النقل يناشد المواطنين عدم السير فى الحارة المخصصة للأتوبيس الترددى

رئيس"الشورى"السعودى: تجمعنا بمصر علاقات أخوية وزيارتى لتعزيز التعاون

وزير خارجية البحرين: ندعم مسار حل الدولتين والخطة العربية لإعادة إعمار غزة


عاجل.. الأرصاد تناشد المواطنين تجنب التعرض لأشعة الشمس

1983 عام الأفلام القياسية في مسيرة الزعيم عادل إمام

عمر مرموش يطارد أول ألقابه مع مانشستر سيتي فى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.. كتيبة جوارديولا تواجه كريستال بالاس بـ"ويمبلي".. هالاند ورفاقه فى مهمة إنقاذ الموسم.. والنادي اللندني يبحث عن المجد الغائب

موعد مباراة الأهلى والزمالك فى ثالث لقاءات نصف نهائى دورى سوبر السلة

13 شهيدا ومصابين فى قصف إسرائيلى على جباليا وخان يونس بقطاع غزة


زعيم كوريا الشمالية يشرف على تدريبات جوية ويدعو لتكثيف الاستعداد للحرب

وزارة التعليم: بدء التقديم لأولى ابتدائى ورياض الأطفال أول يونيو المقبل

بدء توافد القادة والزعماء على مقر انعقاد القمة العربية الـ34 فى بغداد

مواعيد مباريات اليوم.. نهائى كأس إنجلترا وختام البوندزليجا والدوري الفرنسي

الرئيس السيسى يصل العاصمة العراقية بغداد للمشاركة فى القمة العربية.. فيديو

الأهلي يخشى مفاجآت البنك فى الدوري المصري الليلة

طلاب الصفين الثانى والثالث الثانوى غير ملزمين برد التابلت بعد انتهاء دراستهم

غرة شهر ذى الحجة فلكياً الأربعاء 28 مايو.. وهذا موعد عيد الأضحى المبارك

لجنة التظلمات تخطر 3 أندية والرابطة بقرارات اجتماع مباراة القمة

3 مواجهات مثيرة اليوم فى الجولة السابعة من مرحلة حسم الدوري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى