مصر الجديدة و"مشروع قومى/ دولى" فى اللغة الوطنية

أحمد طنطاوى
أحمد طنطاوى
بقلم أحمد طنطاوى

باختصار ودون تمهيد، فالمشروع القومى الذى أعنيه هنا هو طرح "اختبار دولى" فى اللغة العربية ذى مستويات متدرجة مسبوقة بمقررات دراسية منتقاة بعناية، يوجه للناطقين بها ولغيرهم، وهذه الفكرة ليست جديدة، بل هى منفذة بالفعل، فهناك اختبار دولى موجه للناطقين باللغة العربية وغير الناطقين بها لقياس مدى إلمامهم بقواعدها التى تلزمهم فى الدراسة والعمل، وتأتى أهداف المؤسسة القائمة على هذا الاختبار رائعة وتستحق الاحترام، فكلها يدور حول النهوض باللغة العربية، ونشرها بين أبنائها والعالم، وقد نجحت هذه المؤسسة فى تعميم اختبارها والتعريف بنفسها على مستوى عدد من الدول عبر تكوين فرق لغوية والترخيص لمراكز متباعدة جغرافيا بالتبعية لها، تماما كالاختبارات الدولية المعتمدة فى اللغة الإنجليزية والحاسب الآلى، ومصر من الدول التى اعتمدت هذا الاختبار واشترطته رسميا للمتقدمين لوظائف التدريس فى تخصصات اللغة العربية بمسابقة التعليم الأخيرة، ومن المنتظر أن يُطلب هذا الاختبار فى المستقبل من طلاب الدراسات العليا وموظفى الدولة المرشحين للمناصب العليا، وبعض المهن التى تتصل اتصالا وثيقا باللغة العربية كالصحفيين والمدرسين والمحامين وغيرهم.

وحتى الآن فالفكرة جميلة، ومادامت منفذة ففيما الدعوة لها مجددا؟  

فى رأيى أن الاختبار الموجود الآن يواجه بعض المشاكل، ومنها:

1ـ أنه اختبار يسير بقواعد اللغة العربية فى طريقها التقليدى الذى يجمع بين الجاف والأخضر من أغصانها (المستعمل والمهمل من قواعدها)، رغم أن ديباجته تنص على تركيزه على النحو الوظيفى، لكننا نجده ـ مثلا ـ يقرر بين دروسه المفعول معه وبدل الاشتمال ويهمل دروسا أخرى مستعملة كالمجرور بنزع الخافض، كما تعتمد الأمثلة والأسئلة على نماذج افتراضية.

2ـ تأتى اختبارات هذه الشهادة كلها موضوعية بنظام "الاختيار من متعدد"، ومن المعروف أنه من عيوب الاختبارات الموضوعية عدم تمكنها من قياس "القدرة اللغوية" الحقيقية للدارس.

3ـ تتركز اختيارات هذه المؤسسة على الجوانب الرسمية للغة، وتهمل الجوانب الإبداعية والوجدانية.

4ـ تنحاز الصيغ والاختيارات اللغوية فى هذا الاختبار لما لا تنحاز له "الفصحى المصرية"، ولمصر بصمتها وروحها المتسقة مع خصائصها الإنثروبلوجية فى العربية على "كافة" مستوياتها ـ لاحظ ما يعنيه تنصيص كافة المضافة ـ وهذه النقطة بالغة الأهمية حتى لا يمتحن المصرى مادة هى ـ إلى جانب رسميتها ـ غريبة عليه فى اختياراتها المعجمية و"القواعدية"، وبالتالى يبدو مجمع اللغة العربية فى القاهرة بالمظهر الذى يصوره به بعض الشوام والمتشددون لغويا إن جاز التعبير، فهو فى رأيهم يتوسع فى التساهل ويجوز الخطأ.

5ـ الاختبار الموجود الآن يجمع إلى جانب أبواب القواعد الضرورية للغة العربية أبواب قواعد غير ضرورية ويلقى بهذا كله فى وجه الدارس مهما كان تخصصه، وبالتالى لا يراعى المدى الذى يكفيه من هذه القواعد، فالصحفى مثلا لن يحتاج إلى دروس القافية والعروض، وكذلك المحامى وطلاب الدراسات العليا فى غير تخصصات اللغة العربية، وموظفو الدولة لن يحتاجوا باب الأمثال والمعاجم، بينما قد يحتاج طالب الدراسات العليا المتخصص فى أحد أقسام اللغة العربية هذا كله.

ولأنه من غير المتوقع أن ترضخ المؤسسة المسئولة عن الاختبار الحالى لهذه الملاحظات، فمن الواجب ـ فى رأيى ـ أن تضع مصر للغتها الوطنية اختبارا دوليا ذا مستويات متدرجة، تحت إشراف مجمعها اللغوى وأزهرها وكليات اللغة العربية فيها، وهذا لن يكون انقساما بقدر ما هو تنوع، فالخلافات اللغوية بين المختلفين كلها رحمة وكلها صحيحة وكلها فصيحة، كما أن لدينا فى اللغة الإنجليزية مثالا مقبولا على تعدد اختباراتها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مواعيد إجازة نصف العام 2026 لصفوف النقل والثانوية والإعدادية

محمد عبد الله مطلوب فى الدوري البرتغالي.. واللاعب يحيل العروض للأهلي

ملياردير نيجيري يتبرع بـ20.7 مليون دولار لموظفي إمبراطوريته التجارية

إمام عاشور يوجه رسالة مؤثرة: مريت بمرحلة صعبة ومش مستنى آخد لقطة

تشيلسي يتأهل لنصف نهائي كأس الرابطة بالفوز على كارديف سيتي


عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور

شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025

أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

22 قائدا للمنتخبات يدعمون محمد صلاح فى ذا بيست

منتخب مصر يهزم نيجيريا 2 - 1 فى البروفة الأخيرة قبل أمم أفريقيا.. صور


تعرف على أصوات محمد صلاح وحسام حسن فى جائزة ذا بيست

غيابات بالجملة فى الزمالك أمام حرس الحدود

نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

الأهلى يغلق ملف التفاوض مع الكولومبى بابلو صباغ.. اعرف السبب

تعرف على رسالة حمزة عبد الكريم إلى الأهلى بسبب عرض برشلونة

بعد إثارة جدل فى لقاء رئيسة وزراء إيطاليا.. كم يبلغ طول رئيس موزمبيق؟

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى