وائل السمري يكتب.. مع السلامة يا عظيم.. محمود رضا يرحل بعد رحلة فنية ملهمة.. أصبح رائدا للرقص وهو ابن الثلاثين وأحب العالم فرقته الأصيلة لاستلهامها روح مصر وهويتها فكانت خضراء كالزرع اليافع لينة كصفحة نهر النيل

الراحل محمود رضا
الراحل محمود رضا
لا يشعر الواحد بفجاعة الفقد إلا إذا كان المفقود عظيما، وللأسف كنا اليوم على موعدا لاختبار هذا الشعور فور سماعنا لنبأ رحيل الفنان المتفرد "محمود رضا" فنان الشعب المبهج، الجرئ الحالم الفيلسوف الوثاب، مؤسس فرقة رضا للفنون الشعبية وصانع تاريخ الرقص في مصر والوطن العربي، الفنان الذي ضرب مثلا بتاريخه وإنجازه لكل الحالمين المجتهدين، والذي استطاع أن يصنع حالة فنية ناردة، وأن يكتب لنفسه ولبلده تاريخا في الاستعراض والتمثيل، رحل اليوم محمود رضا عن عمر يناهز الـ 90 عاما، تاركا فرقة وطنية مصرية عمرها أكثر من 60 عاما، عاش وأنجز، حلم ونفذ، كرم الهوية المصرية في أعماله، فكرمته الهوية المصرية وخلدته في تاريخها ووجدانها.

محمود رضا (4)
 
حالة فنية متكاملة يمثلها الفنان الكبير "محمود رضا" في تاريخ الفن المصري، مثل نجيب الريحاني في التمثيل المسرحي، وسيد درويش في الموسيقى، ومحمود مختار في النحت، وراغب عياد ومحمود سعيد في الفن التشكيلي، أسماء أصيلة تركت وراءها تاريخا أصيلا، عبقرية مدهشة، وروح جامحة، ورغبة في الإنجاز والتحقق والعمل والبهجة.

محمود رضا (5)
 
كان الاستعراض في مصر قبل محمود رضا قوالب جامدة معظمها مستورد، حركات محفوظة تخلو من الروح المصرية، أداء مدرسي لا يداعب الروح ولا يثري الخيال، فجاء محمود رضا بعنفوانه اليافع ليؤسس في فرقته التي اجتهد في بلورتها وهو في العشرينيات، ليصبح رائدا في مجاله وهو ابن الثلاثين وعلامة في تاريخنا من ذلك الحين. 

محمود رضا (7)
 
هوى السباحة صغيرا ثم تركها حينما شعر بالملل، ثم تعلم الغطس لما فيه من جرأة ومغامرة، ثم الجمباز الذي أشبع روحه الراغبة في القفز وتحدي الطبيعة الإنسانية، ألعاب ثلاثة، احترفها وأحبها، فأكسبته مهارات شخصية نادرة، ولياقة جسمانية طوعت له أحلامه، ومن هذه الألعاب الثلاث استمد محمود رضا روحا قادته طوال حياته، فظل يسبح في عالمه العامر بالرقص والبهجة والتحقق والإنجاز، وغاص في عمق المجتمع المصري بكل مفرداته ليستخرج لنا رقصات شعبية ممزوجة بعرق الأرض وفرحة النوار، وبهجة جني المحاصيل، وفتوة الرجولة المصرية وخشونتها، ونعومة الأنوثة المصرية ودلالها.
راقص نعم، وشاعر أيضا، وفيسلوف، لم يرض بأن نعيش عالة على الرقصات الأجنية والمصممين الأجانب والمشاعر الأجنبية، فاستخرج لنا من نفسه وطنا، واستخرج من الوطن إنسانا، ومن هذا الإنسان تشكلت عبقرية محمود رضا ونصاعة تجربته، لذلك صار اسم فرقة رضا للفنون الشعبية علامة فارقة في تاريخنا الفني والثقافي المعاصر، وأحبها الشعب المصري والعالم أجمع لما تتميز به من أصالة ورشاقة ورقة، وبرغم أن بمصر فرقة أخرى تضاهيها في الأهمية والبراعة هي "الفرقة القومية للفنون الشعبية" لكن فرقة رضا صارت على الدوام الأقرب للمصريين، لأن الفرقة القومية أسهم في بلورة مدرسها مصممون روسيون، فتميزت بالقوة والخشونة والحركات المستقيمة، أما فرقة رضا، فكانت خضراء كالزرع اليافع، لينة كصفحة نهر النيل، مبهجة مثل ابتسامة صاحبها الراحل الكبير. 

محمود رضا (3)
 
اسم واحد فحسب، استطاع أن يؤسس مشروعا ثقافيا متكاملا، هو اسم "فرقة رضا" التي تتكون من محمود رضا، وزوجته الفنانة الكبيرة "فريدة فهمي" صاحبة الطلة المبهجة والأثونة المصرية الرشيقة والروح الجذابة، وأخية الراحل علي رضا المتخصص في إخراج الاستعراضات، ومعهم الموسيقار المتفرد "على اسماعيل" على رضا يخرج الاستعراضات، ومحمود رضا يصمم الرقصات، وفريدة فهمي ترقص وتقود الراقصات، وعلى اسماعيل يمزج تلك الروح الوثابة بموسيقى مصرية أصيلة خلقت للرقصات أجنحة وصنعت تلك الحالة الفريدة من البهجة العارمة والخيال الجامح بنفس أوركسترالي وروح مصرية أصيلة وتنويعات مدهشة على تيمات شعبية محببة.

محمود رضا (1)
 
نمرة واحد كلنا احد 
ولا فيش واحد غير الفرقة
الفرقة ومواعيد الفرقة 
تتنفذ مظبوط وبدقة
نمرة أتنين الخلقة الرايقة 
نمرة تلاتة الهيئة اللايقة
نمرة أربعة الطاعة الكاملة من أصغر فنان للبطلة
 
 
هذا هو الدستور الذي اتبعته فرقة رضا والذي تغنت به في فيلم غرام في الكرنك لترسم ملامح العمل الجاد بكوميدية وخفة مدهشة، أربعة فحسب محمود وعلي رضا وفريدة فهمي وعلى اسماعيل، صنعوا مشروعا ثقافيا متكاملا، وإنجاز الوطن هو مجموع إنجازات أبنائه، وقد استطاع هؤلاء الأربعة أن يصنعوا تاريخا ثقافيا فريدا، وأن يضيفوا إلى مفردات ثقافتنا صفحة كبيرة مرصعة بروح المزمار البلدي والطبل البلدي والرقص البلدي والناي البلدي والهمهمات والضحكات والقفزات، أربعة فحسب وصلوا إلى بناء حالة هارمونية من البساطة والدهشة والانسجام، ولا يفوتني هنا الإشارة إلى رشد الدولة وقتها التي ما أن لمست جدية الفرقة وأصالتها حتى ضمتها إلى هيئاتها وقت أن كان الراحل الكبير ثروت عكاشة يقود وزارة الثقافة في عصر الراحل الكبير جمال عبد الناصر.


محمود رضا (6)

 
محمود رضا (8)

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إصابة وسام أبو علي بالتواء في الكاحل والأشعة تحدد مدة غيابه عن الأهلي

تشكيل مباراة نيجيريا وجنوب أفريقيا في نصف نهائي كأس أفريقيا تحت 20 عاماً

القبض على فرد أمن لتسهيله دخول طالب للامتحان بدلا من رمضان صبحى بأبو النمرس

حماس: نتوقع دخول المساعدات إلى غزة فورا وفق التفاهمات الأمريكية

ترامب يرقص أمام الجنود الأمريكيين فى قاعدة العديد بقطر.. فيديو


طارق حامد وسام مرسى وحمزة علاء يقتربون من الزمالك

ترامب يصل الإمارات فى ثالث محطات جولته الخليجية

مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ القاهرة يبحثان إعادة تشغيل محل جروبى

كم يبلغ ثمن قلم "مونت بلانك" هدية تميم لترامب؟

مستشفى الزمالك .. شحاتة ومنسى وبنتايج ينضمون لقائمة المصابين


ترامب: تخصيص تريليون دولار لموازنة الدفاع والجيش الأمريكى الأقوى فى العالم

أزمة مباراة القمة.. 3 سيناريوهات أمام لجنة التظلمات فى اجتماع اليوم

رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة معلم مساعد من معلمى الحصة حتى 45 عامًا

مواعيد مباريات الأهلى وبيراميدز فى دوري nile قبل قرار لجنة التظلمات اليوم

مواعيد مباريات اليوم.. إسبانيول ضد برشلونة وشباب مصر فى أفريقيا

منتخب الناشئين يواجه أيرلندا في بطولة بولندا الودية.. اليوم

22 برنامجًا للحماية الاجتماعية بتكلفة 635 مليار جنيه سنويًا.. سياسيون: "تكافل وكرامة" وقانون الضمان الاجتماعى تتويج لجهود القيادة السياسية لحماية الفئات الأولى بالرعاية.. ويؤكدون: تعكس أولوية بناء الإنسان

الزمالك يدرس مقترح أيمن الرمادى لاستغلال فترة التوقف قبل مواجهة بتروجت

صلاح يتصدر قائمة أكثر اللاعبين خلقًا للفرص فى الدوريات الأوروبية الكبرى

لجنة التظلمات تحسم اليوم مصير شكاوى الأهلى والزمالك وبيراميدز في أزمة القمة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى