اقرأ مع عباس العقاد.. تعرف على رحلة المصريين مع العقيدة فى "الله"

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نواصل مع المفكر العربى الكبير عباس محمود العقاد (1889- 1964) قراءة مشروعه المهم الذى يعد يعد حجر أساس فى الثقافة العربية فى القرن العشرين، ونتوقف اليوم عند كتابه "الله".

يقول الكتاب فيما يتعلق بمفهوم المصريين عن "الله":

أما مصر فتاريخها فى أطوار الاعتقاد هو تاريخ جميع الأطوار من أدناها إلى أعلاها بلا استثناء، فشاعت فيها "الطواطم" فى كلا الوجهين قبل اتحاد المملكة وبعد هذا الاتحاد، ويظن الكثيرون من علماء الأديان أن تقديس الصقر والنسر وابن آوى والقط والنسناس والجعل والتمساح وغير ذلك من فصائل الحيوان هى بقايا "طوطمية" تحولت مع الزمن إلى رموز، ثم فقدت معنى الرموز واندمجت فى العبادات المترقية على شكل من الأشكال.

 

كتاب العقاد
 
وشاعت فيها عقيدة الأرواح، فكان المصريون من أعرق الأمم التى آمنت بالروح، ثم آمنت بالبعث والثواب والعقاب بعد الموت، ورمزوا للروح "كا" تارة بزهرة، وتارة بصورة طائر ذى وجه آدمي، وتارة بتمساح أو ثعبان، وقالوا بأن الروح تتشكل بجميع الأشكال، ولكنهم لم يقولوا بتناسخ الأرواح، ولعل اختلاف الرموز من بقايا اختلاف الطواطم فى زمان سابق لزمان الاعتقاد بالبعث والثواب والعقاب.
 
أما أثبت العبادات وأعمها وأقواها وأبقاها إلى آخر العصور فهى عبادة الموتى والأسلاف دون مراء، فإن عناية المصرى بتشييد القبور وتحنيط الجثث وإحياء الذكريات لا تفوقها عناية شعب من الشعوب، وقد بقيت آثار هذه العبادة إلى ما بعد بزوغ الديانة الشمسية وتمثيل أوزيريس بالشمس الغاربة، ثم تغليبه على عالم الخلود وموازين الجزاء.
 
فقصة أوزيريس هى قصة آدمية تشير إلى واقعة قديمة مما كان يحدث فى الأسر المالكة فى تلك العصور السحيقة، وهى قصة ملك أحبه شعبه ثم نازعه أخوه «ست» عرشه فقتله، وجاءت زوجته «إيزيس» بعد ذلك بابن اسمه «حوريس» أخفته فى مكان قصى حتى بلغ الرشد، فرشحته للملك فساعده أنصار أبيه على بلوغ حقه فى العرش، وعاد «ست» ينازعه هذا الحق أمام الآلهة ويدعى عليه أنه ابن «غير شرعي» من أب غير أوزيريس، فلم تقبل الآلهة دعواه وحكمت لحوريس بالميراث.
 
وتقول الأسطورة: إن أوزيريس ولد فى الوجه البحري، ولكن رأسه دفن فى الصعيد بقرية العرابة المدفونة، وإن "ست" حين قتله فرق أعضاءه بين البقاع لكيلا يعثر على جثته أحد من المطالبين بثأره، ولكن إيزيس جمعت هذه الأعضاء وتعهدتها بالصلوات والأسحار حتى دبت فيها الروح من جديد وحملت منه بحوريس الذى قدح عمه فى نسبه، وقد حاول أوزيريس أن يعود إلى الملك فأخفق فى محاولته وقنع بالسيادة على عالم «المغرب» حيث تغيب الشمس وتنحدر إلى عالم الأموات.
 
وللخصب شأن لا يستغرب فى ديانة مصر القديمة، فهم يرمزون إلى الكون كله ببقرة تطلع من بطنها النجوم، أو بامرأة تنحنى على الأرض بذراعيها ويسندها «شو» إله الهواء بكلتا يديه، وأقدم ما تخيلوه فى أصل العالم المعمور أنه عيلم واسع من الماء طفت عليه بيضة عظيمة خرج منها رب الشمس، وأنجب أربعة من الأبناء هم "شو" و"تفنوت" القائمان بالفضاء، و"جب" رب الأرض، و"نوت" رب السماء، ثم تزاوجت السماء والأرض فولد لهما أوزيريس، وإيزيس وست ونفتيس، فهم تسعة آلهة فى مبدأ الخليقة نشأوا من تزاوج الأرض والسماء، ثم استقر الأمر لثلاثة من هؤلاء هم أوزيريس وإيزيس وحورس، وهناك صيغة أخرى من قصة الخلق فحواها أن "رع" كان مزدوج الطبيعة، فتولد منه الخلق فهو منهم بمثابة الأبوين.
 
ويتراءى لفريق من المؤرخين أن "رع" نفسه — إله الشمس — كان ملكًا على مصر فى زمن من الأزمان، ويستدلون على ذلك بخلاصة قصته المتداولة فى الأساطير: وهى أن رع ملك الدنيا قبل سكانها من البشر فتمرد عليه رعاياها فسلط عليهم ربة النقمة "حاتحور"، ثم أشفق عليهم من قسوتها، فاعتزل الدنيا وحملته بقرة السماء على ظهرها فأقام هناك، واندمج شخصه بعد حين بشخص أوزيريس.
 
وقد فعل غربال الزمن فعله فى تصفية هذه العقائد والأرباب، فنسى أوزيريس السلف المعبود ورسخ فى الأذهان وصف أوزيريس الشمس القائمة على المغرب أو عالم الأموات، وتوحدت عبادة الشمس بمعناها وتعددت بأسمائها ومواعدها، وجمعت بينها كلها عبادة "آمون" ثم عبادة آتون.
 
وعبادة "آتون" هى أرقى ما وصل إليه البشر من عبادات التوحيد فى القرن الرابع عشر قبل الميلاد.
 
فلم يكن المراد بآتون قرص الشمس ولا نورها المحسوس بالعيون، ولكن الشمس نفسها كانت رمزًا محسوسًا للإله الواحد الأحد المتفرد بالخلق فى الأرض والسماء.
 
وإنما جاء هذا الطور بعد تمهيدات دينية وسياسية تهيأت لمصر ولم تتهيأ لغيرها من الدول الكبرى فى تلك الفترة.
 
فكانت فى أقاليم القطر — قبل ظهور عبادة آتون — ثلاث عبادات "شمسية" تتنافس فى المبادئ الروحية ووسائل النفوذ التى تتغلب بها على النظراء.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تغيرت ملامحه لكن صموده لم ينكسر.. مروان البرغوثى يواجه المتطرف بن غفير داخل الانفرادى.. الوزير الإسرائيلى: سنقوم بمحوكم.. زوجة الأسير: نخشى من إعدامه داخل الزنزانة.. وفلسطين تحمل الاحتلال مسئولية حياته.. فيديو

الزمالك أمام المقاولون العرب فى الدورى.. موعد المباراة والقناة الناقلة

فاينانشيال تايمز: زيلينسكى يواجه أكبر تحدٍ له فى الحكم مع لقاء ترامب وبوتين

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

تعليق مهين من متحدثة الخارجية الروسية ضد الرئيس الأوكرانى.. فيديو


أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

إصابة فليك فى تدريبات برشلونة قبل مواجهة ريال مايوركا

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

مد معرض "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية" بالعاصمة الإدارية حتى الاثنين


تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية

غدا.. بدء تنسيق وقبول طلاب مدارس المتفوقين والنيل الثانوية الدولية 2025

تفاصيل بدء تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى.. فيديو

شديد الحرارة رطب نهارا حار ليلا.. تفاصيل الطقس والظواهر الجوية المرتقبة

قناة إسرائيلية: جهات إيرانية اخترقت هاتف وزيرة الداخلية الإسرائيلية السابقة

منظمات إغاثة تدعو إسرائيل إلى إنهاء استخدام المساعدات في غزة كسلاح

أشرف زكى يصدر قرارا بمنع الفنانين الحديث عن أزمة بدرية طلبة بأى وسيلة إعلامية

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

شواطئ مطروح والساحل الشمالى مقصد الباحثين عن المتعة داخل وخارج مصر.. إقبال على الشواطئ والقرى والمنتجعات السياحية.. أفواج مصايف الشركات والأندية والنقابات تزيد زخم المصيف.. وتزايد كبير لرحلات اليوم الواحد.. صور

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل لاعبي البريميرليج وفق تصنيف سكاي سبورتس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى