سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم.. 9 يوليو 1972..الصحف المصرية ترفض نشر بيان مثقفين يدين اغتيال إسرائيل للكاتب الفلسطينى غسان كنفانى.. وجنازة صامتة فى شوارع القاهرة

غسان كنفانى
غسان كنفانى
فوجئت أهم الشوارع الرئيسية فى مدينة القاهرة بـ«70» شابا وكهلا يسيرون فى صفوف منتظمة، وجوههم يلفها سحابة من الحزن، حسبما يصف الدكتور غالى شكرى فى كتابه «الثورة المضادة فى مصر».
 
كانت المسيرة يوم 9 يوليو، مثل هذا اليوم، عام 1972..يتذكر «شكرى» أن بعض المشاركين حملوا لافتات وباقات من الورد لفت فى شرائط زرقاء، وكتب على هذه وتلك ما يفيد أنهم يشيعون جنازة «غائب»، وكان الأديب والمناضل الفلسطينى غسان كنفانى المولود فى عكا يوم 8 إبريل 1936 هو هذا الغائب الذى تقصده اللافتات، حيث اغتالته إسرائيل فى اليوم السابق «8 يوليو 1972»، ووقعت جريمة اغتياله وهو يهم بتحريك سيارته فى الجراج الكائن أسفل البناية التى يقيم فيها، فوق الهضبة الساحلية بمنطقة «الحازمية» التى تقع شرق العاصمة اللبنانية بيروت، ويذكر «شكرى»: رغم أن المتفجرات التى وضعت داخل المحرك بعناية بالغة قد مزقت الرجل وابنة اخته التى كانت تهم بالركوب معه، بحيث تحول الجسدان فى لحظات إلى نثرات صغيرة من اللحم المشوى، إلا أنه أمكن العثور بين الركام البشرى على بطاقة صغيرة كتب عليها بخط واضح: «مع تحيات إسرائيل».
 
اهتز العالم العربى وكافة القوى المناضلة من أجل الحرية والتقدم والسلام فى العالم على هذه الجريمة البشعة لرجل «يمثل فى الأدب العربى الحديث رمزا لجيل كامل» بحسب تعبير «شكرى» الذى يضيف: «كان استشهاد غسان كنفانى بداية لاستئناف حركة المثقفين المصريين، ومن مقهى «ريش» قرب ميدان «طلعت حرب» إلى دار نقابة الصحفيين أقام الكُتاب الشباب والكهول جنازة صامتة لم تستأذن جهات الأمن، وأوقفت حركة المرور ووضعت رجال الشرطة أمام الأمر الواقع، وتجمهر الناس على الأرصفة والطرقات فى خشوع مثير للدمع».
 
كان «شكرى» مشاركا» وطرفا فى تنظيم هذه المسيرة، ويشهد أنها ضمت مختلف الأجيال المتقاربة الاتجاهات، ويكشف طريقة تعامل رجال الأمن السريين معها قائلا: «ما إن وصلنا إلى دار نقابة الصحفيين المجاورة لنقابة المحامين فى شارع عبد الخالق ثروت حتى كانت الشرطة السرية «المباحث العامة» فى انتظارنا، فتقدم الكاتب يوسف إدريس عن الجميع مستفسرا، فاستفسروا بدورهم عن بقية البرنامج، قال لهم إننا نزمع إقامة مأتم هذه الليلة،  وكانت الجنازة الرمزية فى مصر قد تزامنت مع الحقيقة فى العاصمة اللبنانية بيروت، وأننا سنكتب عزاء جماعيا فى الصحف».
 
يؤكد شكرى، أن المفاوضات دامت مع الأمن حول إقامة المأتم أربع ساعات كاملة، وفى النهاية لم يتم الموافقة، كما رفضت الصحف نشر البيان القصير كانت الصحف الموجودة وقتئذ مملوكة للدولة وأبرزها «الأهرام، الأخبار، الجمهورية، روز اليوسف، المصور».
 
ويذكر «شكرى» نص البيان الممنوع من النشر: «نحن الكتاب والمثقفين والفنانين المصريين الذين خرج بعضهم فى جنازة صامتة لاستنكار اغتيال الشهيد الكاتب غسان كنفانى على تلك الصورة البربرية البشعة، لنهيب بكتاب العالم أجمع وأحراره وشرفائه أن يقفوا من جرائم الصهيونية والإمبريالية الموقف الجدير بكل إنسان متحضر، وأن يستنكروا هذه الجريمة المروعة، وأن يقفوا مع المثقفين العرب صفا واحدا ضد جرائم النازية الجديدة دفاعا عن النفس والقيم الإنسانية، إن ما حدث لغسان كنفانى أن هو إلا الخطوة الأولى فى طريق تصفية الثورة العربية من مضمونها الفكرى والإنسانى، تمهيدا لقهر روح الشعب العربى وسحق قواه وإجباره على الركوع أمام الغزاة والامبرياليين الإسرائيليين والأمريكيين، يا كتاب العالم قفوا معنا ضد النازية الجديدة». ووقع على البيان 73 كاتبا ومثقفا مصريا من بينهم، ميشيل كامل، أبو سيف يوسف، لويس عوض، لطفى الخولى، محمد أنيس، يوسف إدريس، رفعت السعيد، إبراهيم منصور، أمل دنقل، مراد وهبة، صلاح عيسى، فتحى عبد الفتاح، محمد عودة، أمير إسكندر، نجيب سرور، عزت عامر، مجيد طوبيا، والفنانون محيى اللباد، وحسن سليمان، ومصطفى رمزى.
 
يتذكر «شكرى» أن الدكتور لويس عوض طلب منه أعمال «كنفانى» لقراءتها، وهو عرف فى مصر بكتابيه المبكرين «أدب المقاومة فى الأرض المحتلة «ثم» فى الأدب الصهيونى» يؤكد شكرى: حين قرأ «عوض» الأعمال الروائية للكاتب الفلسطينى أعجب بها إعجابا شديدا وهم بالكتابة عنه وعنها فى الأهرام، ولكن رئاسة التحرير اعتذرت عن النشر دون سبب واضح، وإن كنا عرفنا بعدئذ أن الموقف الرسمى للنظام من المنظمة التى ينتسب إليها غسان «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» يحول دون هذا المقال أو غيره».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حريق داخل سنترال رمسيس والحماية المدنية تحاول السيطرة على النيران

مانشستر يونايتد يمنح برونو ودالوت راحة استثنائية بسبب وفاة جوتا

الحوثيون يغرقون سفينة تتعامل مع إسرائيل في البحر الأحمر بخمس صواريخ

فاركو يؤكد رحيل ياسين مرعى.. والأهلى يعلن عن الصفقة خلال ساعات

رئيس الوزراء: مصر أولت اهتماما كبيرا لتطوير نظام الرعاية الصحية والخدمات الطبية


المواد الأساسية والتخصص بالصف الثانى الثانوى بالبكالوريا وفق المسارات الأربعة

مها الصغير: أنا غلطت فى حق الفنانة ليزا.. أنا آسفة وزعلانة من نفسى

تعرف على نظام الامتحانات بالبكالوريا بعد موافقة البرلمان على تطبيقها

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

وزير التعليم: نظام الثانوية العامة الحالى قاس على الطلاب والأسر


وزارة العمل تنذر 7 منشآت بالقاهرة غير ملتزمة بتطبيق الحد الأدنى للأجور

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

تنسيق الجامعات 2025.. محظورات على طلاب الثانوية تؤدى لإلغاء اختبارات القدرات

المقابل المادى يحسم انضمام كارلوس فينيسوس لاعب توتنهام السابق للزمالك

الأهلى يبدأ إجراءات سفر ياسين مرعى لمعسكر تونس بعد حسم الصفقة

روبوت المرور الذكى.. خطوة مصرية رائدة لخلق شوارع أكثر أمانًا وتنظيمًا.. الداخلية تطلق روبوتات للحد من الأخطاء والتحاور مع المواطنين.. المهمة رصد المخالفات وإرسالها لغرفة المرور فورا بكفاءة عالية.. صور

الأجواء شديدة الحرارة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة اليوم

الأهلي يرهن إعلان صفقة أسد الحملاوي برحيل وسام أبو علي

مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يوليو 1977 العثور على الشيخ الذهبى وزير الأوقاف السابق مقتولا برصاصة فى عينه اليسرى من خاطفيه الإرهابيين أعضاء «التكفير والهجرة»

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى