عودة زمن "الامبراطوريات" القديمة في أوروبا

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

معطيات جديدة، وإرهاصات عدة، تعكس تغير المشهد الدولى، خاصة في دول المعسكر الغربى، في ظل حالة من التفكك، قد تتطور إلى حد الصراع متعدد الأطراف في المرحلة المقبلة، إثر خلافات كبيرة، سواء من حيث السياسات الأحادية التي باتت تتخذها بعض الدول، تجاه شركائها، من جانب، أو حتى نتيجة اختلاف، أو ربما تعارض المواقف التي تتبناها القوى في الغرب تجاه القضايا الدولية الأخرى في العديد من مناطق العالم من جانب أخر، وهو ما يفتح الباب أمام تغير خريطة القوى في الغرب، وبالأخص في أوروبا في المرحلة المقبلة.

فلو نظرنا إلى المشهد الأوروبى الراهن، نجد أن حالة التوحد التي اعتمدتها أوروبا الغربية، منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والتي وصلت إلى ذروتها في التسعينات من القرن الماضى، وتحديدا في أعقاب نهاية الحرب الباردة، تتلاشى تدريجيا، في ظل تضارب المصالح الأوروبية – الأوروبية، وهو ما يبدو في العديد من المواقف، وعلى رأسها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى "بريكست"، وما يترتب على ذلك من مساعى بريطانية لقيادة القارة من خارج التكتل القارى، بينما يقابلها تحرك فرنسى سعيا وراء قيادة القارة العجوز عبر "أوروبا الموحدة" خلفا لألمانيا التي تولت زمام الأمور الأوروبية، تدريجيا، منذ توحيد الألمانيتين وسقوط حائط برلين، حتى وصلت إلى ذروة القيادة الأوروبية خلال سنوات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في البيت الأبيض.

وهنا نجد أنفسنا أمام صراع تتشكل بوادره، بين ما يمكننا تسميته بـ"امبراطوريات" أوروبا القديمة، والتي تتمثل في بريطانيا وفرنسا، وهو الصراع الذى يجد جذوره التاريخية في الحقبة الاستعمارية، عندما كانت لندن وباريس يتنافسان على الاستحواذ على العالم، عبر جيوشهما، والذى استمر حتى ظهرت القوى الأمريكية التي هيمنت على العالم، عبر قيادة المعسكر الغربى، والسيطرة المطلقة علية أولا في الحرب العالمية الثانية، ثم بعد ذلك عبر إقصاء الخصم السوفيتى في أعقاب الحرب الباردة، لتتوارى بذلك القوى الأوروبية القديمة، والتي اقتصر دورها على مجرد الدوران في فلك واشنطن، من خلال الاندماج في بوتقة الاتحاد الأوروبى، الذى باركته الإدارات الأمريكية السابقة.

ولعل التاريخ الامبراطورى لفرنسا وبريطانيا، والطموحات المرتبطة باستعادته، كان يمثل هاجسا أمريكيا، بعد الحرب الباردة، والقضاء على الاتحاد السوفيتى، حيث سعت واشنطن إلى تحييد القوى الأوروبية القديمة، والتي ربما تسعى لاستعادة أمجادها، عبر إيجاد قيادة جديدة لأوروبا وتكتلها القارى، وهى ألمانيا، خاصة وأن النفوذ الألمانى يرتبط في الأساس بالدعم الأمريكى، في ظل عدم توفر المقومات الرئيسية التي تؤهلها للقيام بدور قيادى توسعى، وعلى رأسها جيش قوى، في ظل اعتماد ألمانيا على الحماية الأمريكية لها في إطار حلف شمال الأطلسى.

وبالتالي تبقى برلين بعيدة تماما عن الصراع المرتقب في أوروبا، خاصة بعد غياب دعم واشنطن لها في ظل إدارة ترامب، وهو ما بدا في العديد من المواقف منذ بداية حقبة الإدارة الحالية، وأخرها القرار بسحب جزء كبير من القوات الأمريكية من ألمانيا، وهو القرار الذى يعد بمثابة صفعة قوية للمستشارة أنجيلا ميركل، والتي لم تنجح في أن تجد قبولا لدى الرئيس الأمريكي منذ تنصيبه.

يبدو أن عودة "صراع الامبراطوريات القديمة" في أوروبا سيكون أول بوادر التفكك الكبير الذى تشهده أوروبا، في ظل الرغبة المحتدمة في قيادة القارة العجوز، لتكون بمثابة البوابة أمام نفوذ دولى أكبر يمكنهما من مناطحة القوى الدولية الكبرى، وهى الولايات المتحدة، والتي صارت تتبنى سياسة تحمل "انقلابا" صريحا على حلفائها التاريخيين، في السنوات الماضية، وبالتالي يبقى الرهان على الدعم الأمريكي بمثابة مخاطرة كبيرة في المستقبل.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ماكرون يدعو إلى اعتراف مشترك بدولة فلسطين من جانب باريس ولندن

وزيرة البيئة: خطة حكومية لإعلان كامل ساحل البحر الأحمر محمية طبيعية

إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة نصر دون إصابات

ميار شريف تتأهل إلي نصف نهائي بطولة نورديا المفتوحة للتنس

ترامب يتقارب مع أوكرانيا فى ظل توترات مع روسيا.. واشنطن بوست: الرئيس الأمريكى يوافق على بعض مطالب زيلينسكى من المساعدات العسكرية.. وقادة الجمهوريين بالكونجرس يستعدون لإقرار عقوبات جديدة صارمة على موسكو


البنك المركزى يقرر تثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض

تأييد إيداع نجل محمد رمضان دار رعاية فى واقعة التعدى على زميله (تحديث)

صور لاعبى الدورى فى الطفولة.. وكيف تغير مظهرهم.. إمام عاشور وشيكابالا الأبرز

مصرع شخصين وإجلاء أكثر من 7200 جراء هطول أمطار غزيرة فى الصين

أشرف زكى وريهام حجاج والسعدنى فى جنازة المخرج سامح عبد العزيز


وزارة الأوقاف تعلن فتح باب القبول بمعهد التمريض التابع لمستشفى الدعاة

الحبس سنة لمتهم فى قضية تزوير عصام صاصا وشقيقه محررا رسميا

الحكومة تنفي صحة ما ذكره خلف الحبتور بشأن تدخل رئيس الوزراء لزيادة سعر الأراضى

سامح عبد العزيز وروبى قصة وصفتها الأخيرة بـحب أطفال ومراهق جداً

سامح عبد العزيز أبو البنات.. تزوج مرتين وأنجب حبيبة ودليلة وجميلة وطيبة

طلاب الثانوية العامة يحتفلون بانتهاء الامتحانات بالورود والزغاريد ويوجهون رسائل شكر لأسرهم: كانوا داعمين طوال العام.. فرحتنا تكتمل بظهور النتيجة.. وسهولة بالأحياء والرياضيات والإحصاء.. صور

الأنجولي شيكو بانزا يصل القاهرة تمهيدًا للانضمام إلى الزمالك

2000 جنيه و30 جرام ذهب.. أسرة تحتفل بابنتها بعد امتحانات الثانوية العامة

ذكرى رحيله.. نجل سامى العدل يكشف طقوس والده اليومية وسر لقب "الخال"

الأهلي يتلقى هدية فرنسية في كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى