الغرق فى النظرية.. عالم الأحياء الروسى "ليسينكو" حاول إطعام العالم فقتل 7 ملايين جوعا.. لقّبه العالم بحافى القدمين.. اعتمد نظريات خرافية فى علم الوراثة.. وسانده ستالين واتهم كل من يعارضه بالخيانة العظمى

ليسينكو
ليسينكو
كتب محمد جمال

لعبت العديد من الاختراعات والابتكارات دوراً هاماً فى إنهاء حياة أعداد كبيرة من البشر، وإضافة لاسم ألفرد نوبل مخترع الديناميت وفريتز هابر الملقب بأبى الحروب الكيماوية والذى ابتكر العديد من الغازات السامة، وروبرت أوبنهايمر المدير العلمى لمشروع مانهاتن والملقب بوالد القنبلة النووية، برز للعالم بالقرن الماضى اسم المهندس الزراعى وعالم الأحياء السوفيتى تروفيم ليسينكو (Trofim Lysenko) حيث ارتبط اسم الأخير بنظريات غريبة صنّفت حسب كثيرين بأسوأ من القنبلة والسلاح الكيماوى، فمع تطبيقها بالاتحاد السوفيتى (سابقا)، أسفرت أفكار ليسينكو عن مجاعات أودت بحياة ملايين البشر.

وبحسب تقرير نشرته شبكة "العربية"، ولد تروفيم ليسينكو عام 1898 بمجتمع فلاحى فقير بكارليفكا (Karlivka) بأوكرانيا فكبر وترعرع وتذوق ويلات الفقر والجوع وتأثر أثناء شبابه بما جاء به البلشفيون وثورتهم من وعود بتوفير الغذاء وتوزيع الأراضى وإقامة العدالة الاجتماعية وتوفير حقوق العمال والفلاحين.، وبفضل ذلك، أصبح ليسينكو أحد أشرس المدافعين والمناصرين للتيار الشيوعى، وعند اصطدام البيولوجيا مع الإيديولوجية الشيوعية، لم يتردد ليسينكو فى مساندة الشيوعية مؤكدا أن البيولوجيا ستمتثل للشيوعية فى نهاية المطاف.

ليسينكو أثناء تأمله لبعض السنابل
ليسينكو أثناء تأمله لبعض السنابل

وظل ليسينكو أمّيا لحين بلوغه الثالثة عشرة من العمر إلا أنه استغل الثورة البلشفية وصعود الشيوعيين ليلتحق بالعديد من مدارس الفلاحة السوفيتية المرموقة، ولجأ لتجارب غريبة حاول خلال بعضها زراعة البازيلاء أثناء فترات الشتاء الروسى القاسي، وعلى الرغم من وجود دلائل على قيامه بتزوير بعض نتائج تجاربه، أثنت صحف سوفيتية على تجارب ليسينكو عام 1927 ولقّبه الناس بالعالم حافى القدمين، ومجّده الحزب الشيوعى السوفيتى الذى أكّد مرارا على مساندته للفلاحين.

وخلال الثلاثينيات، لم يتردد الحزب الشيوعى فى تعيين ليسينكو ضمن قائمة أهم المسؤولين عن البرنامج الزراعى السوفيتي، ومع حصوله على هذا المنصب، برزت النظريات الغريبة لليسينكو للعالم حيث ضرب الأخير علوم الوراثة المعاصرة والمندلية والداروينية عرض الحائط ووصفها بالعلوم البورجوازية والفاشية والنازية، فأحيا مجددا نظريات شبيهة بنظريات الوراثة اللاماركية، رافضا بذلك فكرة انتقال الخصائص عن طريق الجينات ومحدثا عن إمكانية تأقلم الحيوانات والنباتات مع المحيط الذى وضعت فيه وقدرتها على توريث ما تعلمته واكتسبته من خبرة أثناء حياتها للأجيال القادمة.

ليسينكو

ليسينكو

ومع حصوله على منصب مدير أكاديمية لينين للعلوم الزراعية بالاتحاد السوفيتي، قاد تروفيم ليسينكو حملة سياسية كاملة ضد علم الوراثة المبنى على أسس علمية وساند نظريات خرافية ووهمية كاللاماركية والادعاءات المبالغ فيها لصالح التجميد التنشيطى وتطعيم النباتات أيضا، وتحدّث ليسينكو عن إمكانية تحويل الذرة لقمح وعن عدم وجود منافسة حول الغذاء بين النباتات من نفس النوعية، ومن نفس الطبقة حسب وصفه، وقدرتها على اقتسام الغذاء فيما بينها بشكل عادل، فدعا الفلاحين لزراعة النباتات بشكل متقارب، كما منع استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة.

أيضا، جاء ليسينكو بفكرة غريبة أكد من خلالها على إمكانية زراعة القمح بمناطق باردة جدا كسيبيريا وقدرة القمح على توريث هذه التجربة للأجيال التالية.

من جهة ثانية، وجد ليسينكو فى القائد السوفيتى جوزيف ستالين أبرز مساند لنظريته حيث لم يتردد الرجل الحديدي، ستالين، فى دعم كل نظرية جديدة، حتى وإن كانت غريبة وخاطئة، أملا فى إبراز المكانة العلمية للسوفيت والشيوعية بالعالم. 

إلى ذلك، تحوّلت عملية نقد ما بات يعرف بالليسنكووية لأمر غير مرغوب فيه، واتهم كل من يقوم بذلك بأبشع التهم كالخيانة العظمى والتآمر على البلاد والحزب ومساندة الفاشية.

وطيلة السنوات التالية، تعرض نحو 3 آلاف عالم سوفيتى للاعتقال على يد ستالين فأعدم بعضهم وأرسل البقية نحو مراكز العمل القسرى المعروفة بالجولاج.

ستالين
ستالين

ومن ضمن ضحايا نظريات ليسينكو، يذكر التاريخ اسم العالم ومدير معهد الوراثة نيكولاى فافيلوف (Nikolai Vavilov) حيث تعرض الأخير للنقد من قبل تروفيم ليسينكو بسبب أفكاره وكتاباته حول الوراثة والزراعة.

بعد وعود بثورة زراعية غير مسبوقة بالتاريخ الإنساني، جاءت نتائج نظريات ليسينكو مخيبة للآمال فتسببت، رفقة سياسة ستالين، خلال الثلاثينيات فى تراجع المحاصيل الزراعية ومجاعة أودت بحياة نحو 7 ملايين، من جهة ثانية، لم تتردد بعض دول المعسكر الشرقى فى اعتماد الليسنكووية فعرفت مصيرا مماثلا، كما لجأت جمهورية الصين الشعبية أثناء عهد ماو تسى تونغ لتطبيق أفكار ليسينكو فعرفت مجاعة مشابهة أودت بحياة الملايين.

وقد استمر تطبيق الليسنكووية فى عدد من دول المعسكر الشرقى لعقود قبل أن تعرف هذه الأفكار والنظريات الغريبة نهايتها منتصف الستينيات حيث فضّل الجميع حينها العودة لعلوم الوراثة المتعارف عليها.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم: 4 سنوات سن التقدم لـ"kg1" بالمدارس الرسمية للغات لعام 2026

الحذاء الذهبي 2025.. محمد صلاح يخطط للعودة إلى القمة من بوابة برايتون

هل يتسبب أجر الخادمة في انفصال زوج وزوجته بالقاهرة الجديدة.. اعرف التفاصيل

صراع ثلاثي على لقب هداف الدوري بين عاشور ومنسى وفيصل

بيان هام بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025


تفاصيل حرائق مروعة اندلعت فى إسرائيل وسر توقف حركة القطارات

نقاط سيراميكا "عنصر القوة" فى ملف شكوى بيراميدز ضد رابطة الأندية والتظلمات

مواجهة من العيار الثقيل.. موعد مباراة الزمالك وبيراميدز فى نهائى كأس مصر

نساء السودان يدفعن فاتورة الحرب.. 176 ألف امرأة حامل يواجهن سوء التغذية.. 1.1 مليون امرأة حامل يفتقرن إلى الرعاية الصحية.. توثيق 679 حالة اعتداء جنسى بينهم أطفال.. وانهيار 90% من المؤسسات الصحية بمناطق النزاع

آخر موعد للتقديم 29 مايو.. اعرف شروط الالتحاق بوظائف مكتبة الإسكندرية


بقيمة 3.8 مليون جنيه.. نفقة الأقارب سر الخلاف بين أرملة وعائلة زوجها بمصر الجديدة

برشلونة يضيف لقبًا جديدًا إلى سجل إنجازاته فى إسبانيا.. إنفو جراف

ثروت سويلم: الأهلى أبلغنا بصعوبة إقامة دورى بدون الإسماعيلى

جهود كبير لتحسين مرفق النقل النهرى وإجراءات جديدة لزيادة الاستثمار.. تفاصيل

درجات الحرارة المتوقعة اليوم الإثنين 19 مايو 2025 فى مصر

إنتر ميلان يقع فى فخ التعادل ضد لاتسيو ويؤجل حسم لقب الدورى الإيطالى

برشلونة بطل الدورى الإسبانى يخسر أمام فياريال 3-2.. فيديو

شوط سلبي بين إشبيلية ضد ريال مدريد في الدوري الإسباني

صحتك بالدنيا.. "FDA" توافق على دواء جديد لعلاج سرطان الرئة.. وأول اختبار دم لتشخيص "الزهايمر".. وتجيز لقاح "نوفافاكس" للكورونا من عمر 12 عاما.. وخلى بالك من علامات متلازمة "الزوج البائس"

رئيس الوزراء:الصادرات غير البترولية شهدت نمواً بنسبة 33٪؜

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى