طه حسين والفتنة الكبرى.. ما قاله العميد عن زمن سيدنا عثمان بن عفان

الفتنة الكبرى
الفتنة الكبرى
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نواصل مع المفكر العربى الكبير طه حسين (1889 -1973) قراءة مشروعه الفكرى الذى مثل إضافة كبرى فى الثقافة العربية والإسلامية، ولا نزال حتى الآن نستشهد بكل ما قاله العميد فى الأفكار الخطيرة التى مر بها التاريخ الإسلامي، واليوم نتوقف عند كتابه (الفتنة الكبرى.. عثمان بن عفان).
يقول الكتاب فى الجزء الأول من الكتاب، هذا حديث أريد أن أُخْلِصَهُ للحقِّ ما وسعنى إخلاصه للحقِّ وحده، وأن أتحرَّى فيه الصواب ما استطعتُ إلى تحرِّى الصوابِ سبيلًا، وأن أَحْمِلَ نفسى فيه على الإنصاف لا أَحِيدُ عنه ولا أُمَالئ فيه حزبًا من أحزاب المسلمين على حزب، ولا أُشايع فيه فريقًا من الذين اختصموا فى قضية عثمان دون فريق؛ فلستُ عثمانى الهوى، ولستُ شيعةً لعليّ، ولستُ أفكر فى هذه القضية كما كان يفكر فيها الذين عاصروا عثمان واحتملوا معه ثقلها وَجَنَوْا معه أو بعده نتائجها.
عثمان
 
وأنا أعلم أن الناس ما زالوا ينقسمون فى أمر هذه القضية إلى الآن، كما كانوا ينقسمون فيها أيام عثمان رحمه الله، فمنهم العثمانى الذى لا يَعْدِل بعثمان أحدًا من أصحاب النبى ﷺ بعد الشيخين، ومنهم الشيعى الذى لا يَعْدِل بِعلى رحمه الله بعد النبى أحدًا، لا يستثنى الشيخين ولا يكاد يرجو لمكانهما وقارًا؛ ومنهم من يتردد بين هذا وذاك، يقتصد فى عثمانيَّته شيئًا أو يقتصد فى تشيُّعه لعلى شيئًا، فيعرف لأصحاب النبى كلهم مكانتهم، ويعرف لأصحاب السابقة منهم سابقتهم، ثم لا يُفضِّل بعد ذلك أحدًا منهم على الآخر، يرى أنهم جميعًا قد اجتهدوا ونصحوا لله ولرسوله وللإسلام والمسلمين، فأخطأ منهم من أخطأ وأصاب منهم من أصاب، ولأولئك وهؤلاء أَجْرُهم؛ لأنهم لم يتعمدوا خطيئة ولم يقصدوا إلى إساءة. وكل هؤلاء إنما يرون آراءهم هذه يستمسكون بها ويذودون عنها ويتفانون فى سبيلها؛ لأنهم يفكرون فى هذه القضية تفكيرًا دينيًّا، يصدرون فيه عن الإيمان، ويبتغون به ما يبتغى المؤمن من المحافظة على دينه والاستمساك بيقينه، وابتغاء رضوان الله بكل ما يعمل فى ذلك أو يقول.
 
وأنا أريد أن أنظر إلى هذه القضية نظرة خالصة مجردة، لا تصدر عن عاطفة ولا هوى، ولا تتأثر بالإيمان ولا بالدين، وإنما هى نظرة المؤرخ الذى يجرِّد نفسَه تجريدًا كاملًا من النزعات والعواطف والأهواء، مهما تختلف مظاهرها ومصادرها وغاياتها.
 
وقد قضى جماعة من المسلمين، بل من خيار المسلمين، نَحْبَهم قبل أن تحدث هذه القضية وتُثار حولها الخصومة، فلم ينقص هذا من إيمانهم ولا من أقدارهم، وإنما عصمهم من الشبهة وجنبهم مواطن الزلل، فمضوا بخير ما كتب الله للمسلمين، ونجوا من شر ما كتب عليهم؛ وعاش قوم من أصحاب النبى حين حدثت هذه القضية وحين اختصم المسلمون حولها أعنف خصومة عرفها تاريخهم، فلم يشاركوا فيها ولم يحتملوا من أعبائها قليلًا ولا كثيرًا، وإنما اعتزلوا المختصمين وفروا بدينهم إلى الله؛ وقال قائلهم سعد بن أبى وقاص رحمه الله: لا أقاتل حتى تأتونى بسيف يعقل ويبصر وينطق فيقول: أصاب هذا وأخطأ ذاك!
 
فأنا أريد أن أذهب مذهب سعد وأصحابه رحمهم الله، لا أجادل عن أولئك ولا عن هؤلاء، وإنما أحاول أن أتبين لنفسى وأُبين للناس الظروف التى دفعت أولئك وهؤلاء إلى الفتنة وما استتبعت من الخصومة العنيفة التى فرَّقتْهم وما زالتْ تفرِّقهم إلى الآن، وستظل تفرِّقهم فى أكبر الظن إلى آخر الدهر. وسيرى الذين يقرءون هذا الحديث أن الأمر كان أجلَّ من عثمان وعلى وممن شايعهما وقام من دونهما، وأن غير عثمان لو ولى خلافة المسلمين فى تلك الظروف التى وليها فيها عثمان لتعرَّض لمثل ما تعرض له من ضروب المحن والفتن، ومن اختصام الناس حوله واقتتالهم بعد ذلك فيه.
 
وأكاد أعتقد أن الخلافة الإسلامية، كما فهمها أبو بكر وعمر، إنما كانت تجربة جريئة توشك أن تكون مغامرة، ولكنها لم تنتهِ إلى غايتها، ولم يكن من الممكن أن تنتهى إلى غايتها؛ لأنها أُجريت فى غير العصر الذى كان يمكن أن تُجرى فيه، سبق بها هذا العصر سبقًا عظيمًا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أزمة فورية للاسترلينى.. اقتصاديون ينتقدون خطط الإصلاح البريطانى لخفض الضرائب

وزارة التعليم: إضافة 20% من درجات العربى والتاريخ بالثانوية الدولية للمجموع

بعد زلزال كريت.. تقرير لمعهد الفلك يكشف أسباب الهزات الأرضية.. التقرير يوضح كيفية قياس قوة الزلزال وتحديد شدته.. يستعرض أكبر الزلازل قوة فى التاريخ.. ويؤكد: لا أحد يستطيع التنبؤ بحدوثها فى العالم حتى الآن

الأهلي يتقدم 4 مراكز في تصنيف أندية أفريقيا.. وغياب الزمالك وبيراميدز

الوكرة القطري يرفض طلب الأهلي ويتمسك بعودة حمدي فتحي بعد كأس العالم


ترامب عن لقائه أحمد الشرع: الرئيس السورى رائع ولديه فرصة جيدة

اليونان تصدر تحذيرا من احتمال حدوث تسونامى عقب الزلزال

الرئيس السيسي يستعرض مع مدبولى وعبد الغفار محاور عمل المجموعة الوزارية للتنمية البشرية.. ويوجه بسرعة انتهاء المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحى الشامل.. ودراسة إدراج الذكاء الاصطناعى كمادة إلزامية فى المناهج

دفاع الفنان محمد غنيم: إنهاء إجراءات إعادة المحاكمة وحبس موكلى لحين تحديد جلسة

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته


أزمة مباراة القمة.. الزمالك يترقب قبل التصعيد للمحكمة الرياضية

ميرسك العالمية: حريصون على العودة للإبحار من قناة السويس مرة أخرى

فرص عمل للأطباء فى السعودية براتب يصل إلى 13 ألف ريال شهريا

الحوثيون: استهدفنا مطار بن جوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي

زلزال بقوة 6.4 درجة على مقياس ريختر يضرب تونجا

اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس

خوسيه موخيكا.. وفاة أفقر رئيس فى العالم عن عمر 89 عاما

حدث ليلا.. تغطية شاملة لزلزال اليوم بقوة 6.4 ريختر: كان قويًا نسبيًا

ريال مدريد يستضيف مايوركا لاستعادة الانتصارات بعد صدمة الكلاسيكو

تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

لا يفوتك


بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى

بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى الأربعاء، 14 مايو 2025 02:24 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى