الوجه الأخر لـ طبيب الغلابة د محمد مشالى

أحمد التايب
أحمد التايب
بقلم أحمد التايب

تصدر طبيب الغلابة د محمد مشالى المشهد الإعلامى والعالم الافتراضى خلال الأيام الماضية، كنموذج للعطاء ورمز للتفانى والإخلاص فى خدمة البسطاء والفقراء، فكان رحيله عن عمر يناهز 76 عاما صدمة حقيقية لمرضاه، ولأهل منطقته، بل لكل أهل مصر والوطن العربى الذى سمع عنه وعرف رحلته فى الحياة، حيث تسابقت كاميرات التلفزيونات والصحف والإعلام على نقل جنازته وتسليط الضوء على مقتطفات من حياته، بل هبت الدولة وبعض المؤسسات بتكريمه خير تكريم، سواء بنعيه رسميا، وهذا تجلى فى موقف رئاسة مجلس وزراء مصر، أو بإطلاق شارع أو ميدان وهذا حدث فى محافظة الغربية، أو بتسمية دفعة طب 2020 باسمه وهذا ما فعله شيخ الأزهر الشريف، ليعلم الجميع أن الخير باق إلى يوم الدين، وهنيئا إلى من أحسن الله خاتمته.

إلا أن لحياة الدكتور محمد مشالى وجه أخر، لم يلتفت إليها الكثير، وإنما كان التركيز على الرمزية فى العطاء، والتواضع فى ملبس والمأكل والمسكن، وكأنه درويش من دراويش الزمن، لكن يا سادة، نحن أمام طبيب وشخصية ناجحة بكل المقاييس، فهذا الرجل بدأ طبيبا مقيما فى وحدة صحية ريفية، وتدرج فى المناصب والعمل الإدارى، حتى وصل إلى قمته، بتوليه إدارة مستشفيات كبرى قبل خروجه على المعاش عام 2004، فوفقا لما قاله فى أحد اللقاءات التلفزيونية، كان مديرا لمستشفى الحميات ومديرا أيضا لمستشفى الأمراض المتوطنة، فأنت هنا أمام قائد ومسئول، وليس درويشا، لأنه ببساطة لو لم يكن مؤهلا للعمل الإدارى لما كان أتى على رأس مجلس الإدارة لتلك المؤسسات الصحية الكبرى.

الأمر الثانى، الذى يعكس إنه ليس درويشا فى الحياة، فأنت أمام مربى أجيال، وأب استطاع وبكل جدارة أن ينجح فى تربية أولاده وأخوته، ويقدمهم للمجتمع فى أبهى صورة، فها هم خريجى كليات قمة، نعم 3 مهندسين كبار، وبالمناسبة، وفقا لتصريحاته التلفزيونية، أن هؤلاء الأبناء المهندسين مليونيرات فى الحياة، وهذا يعكس أن هناك أبا قائدا أيضا فى البيت، يعلم واجباته تماما تجاه بيته وأسرته أولا ومجتمعه ثانيا.

الأمر الثالث، أنت أمام رجل ذو موهبة رياضية فذة، ثقافة وعلما، ظهر ذلك جليا، أثناء حديثه خلال لقاء تلفزيونى يقدمه لاعب ومسئول رياضى معروف، استطاع أن يبهره ويبهر المشاهدين، بمعلوماته الغزيرة فى الرياضة، وكيف يحفظ ويعلم أسماء لاعبى الأهلى والزمالك فى الزمن الجميل، بل لديه رؤية تحليلية لبعض المأخذ على الكرة المصرية، مقدما حلول لتخطيها والتغلب عليها، والأمر لم يكتف عند ذلك بل أنك أمام رجل ذو ولاء وانتماء لناديه المفضل، يعلم كل كبيرة وصغيرة عنه إدارية وإنشائيا، فأنتم هنا لستم أمام درويش وإنما خبير رياضى بكل ما تحتويه الكلمة من معنى.

الأمر الرابع، الإنسان بلا ثقافة، ناقص فى تلك الحياة، لكن الدكتور محمد مشالى، ظهر أمام العالم أجمع أنه مثقف كبير، وليس مجرد طبيب يساعد مرضاه، فالناظر إلى الكتب والمجلات والجرائد فى عيادته، وهو جالس بينها يؤدى عمله، والمستمع إلى تصريحاته التلفزيونية، وهو يتحدث فى الأدب والفنون، يعلم علم اليقين، أنه أمام إنسان فريد، استغنى عن الحياة بالعلم والثقافة وليس الدروشة، فحديثه عن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين وكتابه الشهير المعذبون فى الأرض، وكيف كان مثله الأعلى، قائلا، إن وصية أبيه له، أن الله فى السماء وطه حسين فى الأرض، يعلم حقا، كيف شكلت القراءة والثقافة إنسانا مانحا للعطاء والإنسانية لدرجة التفانى والزهد فى كل شىء.

وأخيرا.. فإن المتأمل، لحياة طبيب الغلابة، فإنه يجد أن حياته العملية انقسمت، إلى قسمين، القسم الأول الذى بدأ منذ تعيينه طبيبا فى وحدة صحية ريفية، حتى خرج على المعاش 2004، رجل مسئول فى عمله، حيث كان طبيبا ومديرا ناجحا، ورب أسرة مسئولا، أما القسم الثانى، بدءا من خروجه على المعاش 2004 ألى  رحيله2020 ، رجلا زاهدا خادما للفقراء على حساب أى شىء، وكأنه أراد أن يقول لنا، إنه اكتفى بالدنيا حتى سن الـ60 فيها عاش وأكل وشرب وربى وأدى رسالته الأولى وهى "العمل وتربية الأولاد"، وما بعد الـ60 قرر أن تكون حياة ثانية برسالة ثانية، فيها وهب نفسه زاهدا عن الحياة وملذاتها ومظاهرها، لخدمة الفقراء والبسطاء، لدرجة أنه لا وقت للتفكير فى الملبس ولا المسكن ولا المأكل، ولا جمع الأموال، ليخرج من بيته كل صباح متجولا بين عياداته الثلاث راجعا منتصف الليل لبيته، دون كلل أو ملل، حتى وافته المنية، وكرمه الله فى هذه الدنيا أحسن تكريم.. فاللهم ارحم دكتور مشالى وأهب للفقراء مليون مشالى جديد.

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

عيد أضحى جديد

عيد أضحى جديد السبت، 01 أغسطس 2020 12:40 ص

خائنون فى حمى المتغطرس

خائنون فى حمى المتغطرس الأربعاء، 22 يوليو 2020 12:21 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نجل حنان ترك يحتفل بزفافه وسط المقربين ورواد السوشيال يتساءلون عن غيابها

أحمد حسام ميدو يواجه خطر الحبس بسبب صافرة محمود البنا.. التفاصيل

عبد الفتاح البرهان عبر X: شكرًا مصر.. شكراً فخامة الرئيس السيسى

مشاهد من غناء جنا عمرو دياب والهضبة فى حفل زفاف مدير أعماله

إصابة الرباط الصليبى تضرب لاعبًا جديدًا فى منتخب الأردن


موعد مباراة منتخب مصر وزيمبابوى فى كأس أمم أفريقيا 2025

قرار جديد من ترامب يهدد مصير 26 مليون مجنس أمريكى.. ما الذى حدث؟

الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة لـ 11 درجة

طبيب عيون بدرجة رئيس سابق.. كيف غير حادث سيارة حياة بشار الأسد؟

بعد حادثى إطلاق نار.. ترامب يعلق برنامج قرعة جرين كارد للمهاجرين


15 يوما قبل الفصل فى الحجر على نوال الدجوى.. هل تتصالح الأسرة؟

الطقس اليوم الجمعة 19-12-2025.. تغيرات حادة ومفاجأة فى درجات الحرارة

20 سنة للجنايات وسنتان للجنح.. قانون الإجراءات الجنائية يحدد مدة سقوط العقوبة

كارثة حقيقية تهدد العالم.. الأرض تتجه لخسارة 100 ألف نهر جليدى

الحصر العددى لدائرة دكرنس وشربين وبنى عبيد.. باسم بهاء يحصد 121327 صوتا

منتخب مصر يتربع على عرش العرب فى كأس أمم أفريقيا

مواعيد مباريات اليوم الجمعة فى ثانى جولات كأس عاصمة مصر

موعد انتهاء لجان حصر وحدات الإيجار القديم نهائيا

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 19-12-2025 والقنوات الناقلة

نتيجة الحصر العددى بالدائرة الأولى فى المنصورة بجولة الإعادة لانتخابات النواب 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى