فتاوى الدم.. كيف تاجر العثمانيون بالدين من أجل غزواتهم وتصفية معارضيهم

العثمانيون - أرشيفية
العثمانيون - أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن
كانت الدولة العثمانية دولة حرب، استعمارية غازية، تتاجر باسم الدين فى غزوتها لتصبغها بصبغة الفتوحات الإسلامية، فكان لابد من صدور فتوى من شيخ الإسلام تسبق أو تصحب إعلان الحرب وخروج القوات المسلحة للقتال، وكان سلاطين العثمانيين لا يقدمون على الحرب دون صدور فتوى منه يقرر فيها أن أهداف هذه الحرب لا تتعارض مع الدين وكان أحكام المفتى نهائية لا معقب عليها، وكان الجهاز الإسلامى المنبث فى جسم الدولة يضم الأشراف وهم الذين ينحدرون من سلالة الرسول "ص"، وكان نقيب الأشراف يحتل مكانة عالية فى المجتمع.
 

فتح القسطنطينية

عند فتح القسطنطينية أصدر فخر الدين عشرات الفتاوى التى مكنت السلطان محمد الفاتح من إعدام الإمبراطور البيزنطى وكبار قادة الجيش وصفوة رجال المدينة، إضافة للسماح له بأخذ نسائهم جواري له.
 
كما بارك القوانين البيزنطية التى أصدرها السلطان تحت اسم "قانون نامه سي"، وبلغ عددها 75 تشريعا وأصدر فتوى تؤكد أن تلك القوانين الجديدة توافق إجماع المذاهب الإسلامية الأربعة، كما أباح رسم صور السلطان، وتعليقها على جدران القصر، فى الوقت الذى كان فيه التصوير محرما وفق إجماع شيوخ الإسلام، فى حين حرمها على العامة، وأفتى بتكفير المصورين والرسامين خارج نطاق القصور العثمانية، وحذر من يقدم على ذلك بالإعدام فوق الخازوق.
 

غزو مصر

كان لدى الشيخ على بن أحمد المعروف باسم زنبيلى أفندى، طموحا لدخول العثمانيين مصر، فقد زارها سنة 1503 م، حيث كان فى طريقه للحج واستقر بها لتحصيل علوم في الأزهر ليصله خبر موت أفضل زاده حميد الدين شيخ الإسلام العثمانى زمن بايزيد الثانى، ويسافر إلى تركيا ليتولى المنصب.
 
ظل حلم دخول مصر يراود زنبيلي حتى تحقق مع سليم الأول، بفتوى قتال الغورى وأجاز فيها حكم قتال الملحدين من ولاة السنة الذين قاموا بموالاة الشيعة الصفويين، ثم فتوى أخرى تنص على نفس المعنى ونشرها أكرم كيدو في كتابه "شيخ الإسلام في الدولة العثمانية" الذي ترجمه هاشم الأيوبي ص 109 و 111.
 
حدد المؤرخ التركي أكرم كيدو نصوص الفتاوى الثلاث بأن الأولى قالت "يجوز للحاكم الإسلامي أن يستأصل شأفة الملحدين (يقصد الفرس) بمساعدة جماعة هي أيضًا تعاني طاغية (يقصد المصريين) ومنع هذا الحاكم واستباحة قتله كطاغوت واغتنام ممتلكاته".
 
أما الفتوى الثانية فكانت ردًا على سؤال سليم الأول القائل "هل يحل قتال شعب يحمل اسم الإسلام (يقصد المصريين) يفضل أن يخلط أولاده وأحداثه بعائلات غير المؤمنين (يقصد المماليك) على أن يخلطهم بالمسلمين ؟" فكانت الإجابة من زنبيلي لا ضير في ذلك.
 

حروب الدولة الصفوية

حسبما ذكر كتاب "العرب: من مرج دابق إلى سايكس – بيكو (1916-1516) - تحولات بُنى السلطة والمجتمع " فإن الدولة العثمانية، كانت ترى أن الصفويين والمماليك خطر داهم على نفوذهم، وكانت المذاهب السنية تجمع العثمانيين والمماليك، فاستحل السلطان العثمانى على فتوى دعمته فيها فقهاء دولته تبيح قتل الصفوى وأتباعه ومجاهدتهم، فصدرت الفتاوى من عالميين هما حمزة سروغورز، وكمال باشزاده الشهير بابن كمال الوزير، بتسفيه القزلباش وإدانتهم وبإعلام الجهاد ضدهم، وأعلن كلا من الرجلين أنه يجب على كل مسلم القضاء على أتباعه الشاه إسماعيل، ويذكر أيضا أن العلماء أجازوا للسلطان سليم الاول قتل الشاه، فقاتله وانتصر عليه، ودخل عاصمته تبريز.
 

فتاوى قتل الشيعة والإيزيديين

وأصدر زنبيلى فتوى تجيز قتل الشيعة بالسلطنة، فأمر سليم بحصر عدد الشيعة في الولايات المتاخمة لبلاد فارس بشرق الأناضول وقتلهم جميعا عام 1513، وبلغ عددهم 40 ألفا من قبائل القزلباش، ثم أفتى بإعدام أسرى معركة جالديران والتمثيل بجثثهم.
 
كما أفتى أبو السعود أفندى بقتل الإيزيديين، فشن سليمان القانونى حملة عليهم عام 1564، راح ضحيتها الآلاف وسبى نسائهم، كما ساعد فى تحليل الربا لدعم اقتصاد الدولة وقتها وصدرت الفتوى فى كتاب أطلق عليه "رسالة في جواز وقف النقود"، تحايل فيها على النصوص الفقهية.
 
 

الحرب العالمية الأولى

بحسب كتاب "العلاقة بين الدين والسياسة: رؤى متنوعة" فإنه في أثناء اندلاع الحرب العالمية الأولى، وعندما أرادت أن تخرج الدولة العثمانية للتحالف مع ألمانيا لتواجه القوى المناوئة لها كبريطانيا وغيرها استصدرت فتوى من شيخ الإسلام، بأن الحرب لا تتعارض مع الدين وبالتالي استطاعت الدولة العثمانية أن تكسر كثيرا من مساحات الحرج عن طريق إعلان الجهاد ضد أعدائها، لكن لم تستطع فتوى الجهاد أن تمنع الهزائم الكبرى عن الجيش العثماني غير المستعد للحرب والمنهك فى حروبه الكثيرة بسبب جنون سلاطينه بالحرب.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الهلال يعلن مواجهة الفيحاء فى آخر ودياته قبل انطلاق الدوري السعودي

التحقيق مع بدرية طلبة فى نقابة المهن التمثيلية

معاناة أولياء الأمور.. المدارس تجبر الأسر على اختيار البكالوريا لأبنائهم على حساب الثانوية العامة.. وتؤكد: توجيهات من الوزارة بتسجيل الطلاب على النظام الجديد.. والوزارة: البكالوريا اختيارية ومجانية بنص القانون

محمود سعد: وضع أنغام الصحى صعب وفقدت الكثير من وزنها (فيديو)

رغيف العيش المصري تريند فى الأسواق الأمريكية والرغيف بـ25 جنيها


رفض الاحتلال مقترح القاهرة يفضح مراوغة نتنياهو وغياب إرادة السلام.. خبراء وسياسيون: إسرائيل تتمسك بشروط تعجيزية لإفشال مبادرة التهدئة وتتذرع بحماس لتمديد العدوان.. ومصر تتحرك دوليًا لإنهاء معاناة الفلسطينيين

هدى الإتربى مطربة معتزلة فى فيلم هيروشيما بطولة أحمد السقا

الكرملين: بوتين يطلع أردوغان بنتائج قمة ألاسكا

اليوم السابع الموقع الإخبارى الأول في مصر والشرق الأوسط بفضل قرائه.. مليار و400 مليون مشاهدة آخر 12 شهرا.. وأكثر من 300 مليون مشاهدة فى يوليو.. و12.5 مليار معدل وصول صفحة فيس بوك في النصف الأول من العام الجارى

تنسيق الشهادات المعادلة 2025.. خطوات تسجيل الطالب بياناته ورغباته


سيدتان تتهمان 3 أشخاص باحتجازهما والاعتداء عليهما فى بولاق الدكرور

مصطفى قمر وعمرو دياب صداقة منذ 35 عاما.. صور

قطع المياه بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة الجمعة 6 ساعات للصيانة

شاهد.. محمد الشناوى يلقى النظرة الأخيرة على جثمان والده

ترامب : أريد دخول الجنة من بوابة السلام إن أمكن

إعدام قاتل شيماء جمال.. القصة كاملة من جريمة بشعة لقصاص عادل بالإعدام شنقًا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى