لماذا تراجع أردوغان؟

معتز بالله عبدالفتاح
معتز بالله عبدالفتاح
معتز بالله عبدالفتاح
1 - كتبت فى هذا المقال من أيام أن من يشن الحرب كى ينتصر فى حربه، فعليه أن يتحقق من الكثير من الشروط على رأسها ثلاثة: أولا أن يفكر بمنطق موازين القوى الديناميكى، فالعدو القوى لا يسهل كسره أو الانتصار عليه، كما أن الضعيف يمكن أن يقاوم. وليس من المنطقى أن يدخل فاعل دولى فى حرب مع فاعل دولى آخر أقوى منه عدة وعتادا إلا إذا كانت عملية انتحارية، وهنا تقدير الأمر مهم لأن لبنان كان ضعيفا فى عام 1982 وكان سهلا على الجيش الإسرائيلى اجتياح الحدود ومحاصرة العاصمة بيروت، ولكن المقاومة ظهرت وأجهدت الجيش الإسرائيلى حتى حدث الانسحاب الإسرائيلى لاحقا. 
 
2 - ثانيا، أن يفكر صانع قرار الحرب بمنطق التحالفات المحتملة كذلك، لأن القضية ليست فى يوم الحرب فقط وفى ميزان القوى يومها، ولكن العدو الذى توجه له الأداة العسكرية من الممكن أن يدخل فى تحالفات إقليمية تجعله فى النهاية أقوى منك، يوم أن غزا صدام حسين الكويت، الكويت كان معها تحالف هش مع دول الخليج لكن بعد أسبوع كانت هناك أكثر من 35 دولة متحالفة معها ضد العراق. 
 
3 - ثالثا، التفكير بمنطق العائد الاقتصادى من الحرب ومن سيغطى تكاليفها، الحرب قرار مكلف للغاية، ومهما كانت موارد الدولة المتاحة لتمويل الحرب كبيرة فإن الأطرف الأخرى تعلمت كيف تطيل أمد الحرب وتجعل تكلفتها باهظة.. أرسلت مصر الناصرية قواتها إلى اليمن دونما أى اعتبار لكل ما سبق، فكانت الهزيمة النكراء، وكان التساؤل كيف يفكر صانع قرار الحرب فى الحرب وتكلفتها البشرية والمادية؟ 
 
4 - وأشرت كذلك إلى أن صانع السياسة الخارجية إن وجد أن الشروط السابقة ليست فى صالحها، فسيكون أمامه سيناريوهان آخران غير التصعيد المتبادل المفضى إلى الحرب، وهما أولا أن يتراجع أحد الطرفين، وهنا لا بد من أن يحفظ الطرف الثابت على موقفه للطرف الآخر ماء وجهه أمام الرأى العام المحلى والعالمى، وسيناريو أخير أن يتراجع الطرفان فيلجآن فى النهاية إلى أدوات الحل الدبلوماسى الخمس: التفاوض، المساعى الحميدة، الوساطة، التحكيم، تدخل تنظيم دولى أو إقليمى بقرارات ملزمة. 
 
5 - هذا هو ما فعله أردوغان تحديدا.. أدرك أن التصعيد فى غير مصلحته لاسيما أن مصر يقف معها تحالف واسع وقوى سواء من دول أوروبية مثل روسيا وفرنسا أو عربية مثل السعودية والإمارات، كما أنه أدرك أنها حرب ستكون تكاليفها البشرية والعسكرية والاقتصادية فوق طاقة الاقتصاد التركى المنهك بسبب غزواته الخارجية. 
 
6 - أكبر الخاسرين من تراجع أردوغان عن سياسة تصدير الثورة والتمرد إلى الدول غير الإخوانية هم الإخوان أنفسهم، وإخوان مصر تحديدا، لأنه أدرك، كما نشرت وكالة الأناضول التركية المتحدثة بلسان حال الإخوان، أن الإخوان صاروا عبئا عليه وعلى تركيا وأنهم فشلوا فى تحقيق كل وعودهم له رغم إنفاقه ببذخ عليهم وعلى إخوان الإخوان: احتضنهم، أنفق عليهم، وفر لهم ملاذا آمنا، صنع لهم محطات تليفزيون ومواقع على الإنترنت على أمل أن ينهار نظام السيسى، وأن يعود الإخوان إلى الحكم وأن تخرج سيناء عن سيطرة مصر وأن تضعف مكانة مصر الدولية والإقليمية. 
 
7 - أكبر الكاسبين من تراجع أردوغان عن سياسة تصدير الثورة والتمرد إلى الدول غير الإخوانية هم أعداء الإخوان من المحافظين على الدولة الوطنية والراغبين فى استقرار المنطقة والباحثين عن تنمية اقتصادية توفر للملايين حياة كريمة. 
 
8 - لا ننسى أن أحد شروط نجاح استراتيجية تراجع أحد الأطراف عن التصعيد (وفى هذه الحالة تركيا) أن عليها أن نحفظ لها ماء الوجه حتى لا يتحول التراجع إلى تصعيد مرة أخرى. 
 
هذا ما أمكن إيراده، وتيسر إعداده، وقدر الله لى قوله.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سما إبراهيم تعلن وفاة خالها وتنعيه: كان بطلا فى حرب أكتوبر وبطلا بحكمته

إسرائيل تعلن دعم الدروز فى سوريا بـ 2 مليون شيكل

تعرف على الطرق البديلة للأوتوستراد بعد غلقه لإصلاح هبوط أرضى

أمير كرارة عن فيلم "الشاطر": تجربة مختلفة ومصطفى غريب قنبلة كوميديا

فيفا يخطر الإسماعيلى بعقوبة إيقاف قيد جديدة لمدة 3 فترات


التحفظ علي سائق سيارة نقل ثقيل محملة بلودر بعد اصطدامه بكوبري مشاه

رئيس البرازيل: ترامب انتخب رئيسا لأمريكا وليس إمبراطورا للعالم.. ولن أتلقى أوامر منه

إعلان القائمة النهائية لمرشحى انتخابات مجلس الشيوخ برموزهم الانتخابية

الطقس اليوم الجمعة 18-7-2025.. ارتفاع بدرجات الحرارة والرطوبة

اتحاد الكرة يتلقى عروضا عربية للمنتخب الوطنى


القانون يحظر تعيين عضو مجلس الشيوخ فى وظائف حكومية أثناء مدة عضويته

مواعيد دقيقة للقطارات من القاهرة إلى الإسكندرية اليوم الجمعة 18-7-2025

اليوم.. إعلان القائمة النهائية لمرشحى الشيوخ وبدء الدعاية الانتخابية رسميا

7 ليالٍ فلكية ساحرة تنتظر عشاق السماء فى يوليو.. التفاصيل بالتواريخ

فرص عمل ذهبية للأطباء المصريين بدولة خليجية براتب 350 ألف جنيه شهريًا

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 18 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

مواقف تاريخية انتصر فيها الأهلي للمبادئ.. وسام أبو علي أحدث الحالات

سجل الآن للحصول على نتيجة الثانوية العامة 2025 فور اعتمادها

اتحاد الكرة يقيم عزاء لميمي عبد الرازق بالقاهرة

موجة شديدة الحرارة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة 18 يوليو 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى