القارئ محمد الحسانين عبد الخالق يكتب: "على طهران رايحين شهداء بالملايين"

الثورة الإيرانية
الثورة الإيرانية

في شتاء عام 1979 اندلعت الثورة الإيرانية وغادر الشاه إيران مطرودا بلا عودة وعاد الخميني الى إيران محمولا على الأعناق وبدا أن الأمر لن يكون بسيطا، بل إن هناك تغيرا جذريا يوشك أن يحدث في إيران ولن يلبث هذا التغيير أن يؤثر على المنطقة كلها، واستقبلت دول المنطقة خبر الثورة بفرح يشوبه الكثير من الحذر، خاصة الدول العربية، فقد كان الشاه معروفا بعنصريته وبكرهه للعرب، وكانت المعارضة الإيرانية وقت الشاه تعيش في بعض الدول العربية كالعراق مثلا والذي - لسخرية الأقدار - كان الحاضنة الرئيسية لقادة الشيعة الايرانيين – وعلى رأسهم الخميني – لفترة طويلة قبل انتقاله إلى فرنسا، ليأتي بعد ذلك على رأس الثورة التي حاربت العراق فيما بعد، في أحد أطول حروب المنطقة، وبعيدا عن التفاصيل سرعان ما تبددت الفرحة العربية بالثورة الاسلامية في إيران عندما أعلن الخميني أهدافه الحقيقية، والتي تمثلت أولا في مبدأ تصدير الثورة الى باقي دول المنطقة، ولم تنطلي حجة (الثورة الاسلامية) على العرب ولا المسلمين خاصة عندما أعلن الخميني عن مبدأه الثاني وهو ان الدين الرسمي لهذه الثورة هو المذهب الاثني عشري، وهو أكثر المذاهب الشيعية تطرفا وهو ما يتعارض تماما مع المحيط السني الذي يقع حول إيران.

بعيدا عن الكثير من التفاصيل، دعونا نتطرق لموقف تنظيم الإخوان من الثورة الإسلامية، ومع ان أهداف الثورة اصبحت واضحة للعيان، وبات أن هناك خطرا قريبا من موجات المد الشيعي – ذات طابع ثوري عسكري – الا ان الاخوان قد أيدوا هذه الثورة الى ابعد الحدود! نعم لقد أيدوها الى درجة انهم يرسلون وفودهم الرسمية لتلتقي بالخميني وتعلن تأييدها المطلق له! ليس هذا فقط، بل أنهم (طلبوا من الخميني أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين)! ووعدوه انهم - اي جماعة الإخوان – سوف تتولى أخذ البيعة له في عموم بلاد المسلمين!! المضحك المبكي في هذا الأمر أن الخميني نفسه هو الذي رفض هذه الفكرة!! وانا حقا لا استطيع ان امنع نفسي من أن أتخيل كيف كان الأمر يبدوا ان كان الخميني قد وافق على عرض الإخوان ثم أصبح خليفة للمسلمين، وكيف أننا كنا سنسمع "حي على خير العمل" في أذان الحرم المكي، وكيف كان خطباء المساجد سوف يختمون خطبة الجمعة بلعن ابو بكر وعمر وعائشة في ربوع العالم الإسلامي، الى غير ذلك من الشذوذ الفكري الإثنا عشري، وأني أحمد الله أن الإخوان لم يوفقوا في مسعاهم آنذاك، ولكن كان لا بد من مساءلة التنظيم عن هذا القرار الأحمق، وكان لا بد (لأتباع) هذا التنظيم أن يسألوا قادتهم عن سبب هذا الشذوذ الفكري، ولكن سرعان ما وضع قادة الاخوان هذه المسألة في خانة الظل، وغلفوها بتلك السرية المقيتة ومنعوا اعضائهم ان يخرج هذا الموضوع الى العلن مرة أخرى.

إن دوافع تأييد الاخوان للثورة الايرانية بهذه الطريقة الغريبة – في رأيي – لا يخرج عن سببين أحلاهما مر، السبب الاول والاخطر هو ان التنظيم يتبع طريقة الغاية تبرر الوسيلة، وهو لا يجد مشكلة في تحالف مع ايدلوجية مختلفة – بل معادية ومتطرفة – لايدلوجية العربية الإسلامية، اي انه طمع في تأييد الخميني وثورته في دعم التنظيم حتى وان كان ذلك على حساب الاسلام نفسه، وهذا الامر إن صح فإنه يضع هذا التنظيم في موقف العداء ضد الاسلام والمسلمين، ومعنى هذا أن قادة هذا التنظيم يرتدون عباءة الدين لا لشىء إلا لهدمه، ولا يمتلك الاخوان اي مبرر لما فعلوه الا ورقة "التقارب الشيعي السني" الهزيلة التي اثبتت فشلها لاحقا كما سأذكر، والسبب الاخر والاقل خطرا هو ان قيادات الاخوان اصغر من ان تقرأ المشهد السياسي الصحيح، فهي دائما ما تراهن على الجواد الخاسر، وهذا الامر يمثل قصورا سياسيا وفكريا دائما ما يتسبب في حدوث الكوارث والمشاكل السياسية، وينتج عنه ردة فعل سلبية – منطقية - غالبا ما يتخللها اراقة للدماء (للاتباع والضحايا الأبراياء).

 باختصار أقول، دائما ما تكون قيادة التنظيم في ايدي فئة تفتقر الى البصيرة السياسية والخبرة القيادية والنية الصادقة فينتج عن ذلك اتخاذ قرارات خاطئة وغير مدروسة تتسب في ضرر بالغ لمن ينفذها (أعضاء التنظيم) ولمن تقع علية (عامة الناس) ولحكومات الدول التي تكون مجالا لتنفيذ تلك القرارات الخاطئة، فيما تظل النخبة القيادية في معزل من الاحداث والمسائلة الى ان يفتضح امر احدهم فيسجن ثم لا تلبث القيادة باختيار شخصية اخرى تمتع بنفس القدر من انعدام البصيرة لتسير على نفس المنهج والاسلوب السابق، وهكذا دواليك.

أما فيما يختص بالتقريب السني الشيعي، فقد مارست القيادة الإخوانية نفس الطريقة المريرة، فقد أقنعت بعض شيوخ إيران – من السنة -  بالعمل لصالحهم في إيران وأسست لهم مكتب في الاردن وسمته "فتح إيران" (ألم يكن فتح القدس التي تبعد بضع كيلومترات من الاردن اهم؟!)، وكانت النتيجة هي مقتل هؤلاء الشيوخ في إيران على أيدي الخميني وثورته كما حدث مع الشيخ ناصر سبحاني والشيخ أحمد مفتي زادة، مجرد أن فكرة غبية ليس لها مكان في المنطق راودت القيادة الإخوانية فتقرر تنفيذها بدون أي دراسة حقيقية وبدون توفير أي حماية لؤلائك الذين سينفذونها ثم يدفع الاتباع والاخرون الثمن، وتبقى هذه القيادات الحمقاء بدون مساءلة، وتنطوي القصة في الظل كغيرها من القصص والمآسي.

في السطور القادمة، سنكشف جانبا مخفيا عن أحد الكوارث التي تسبب بها صناع القرار في تنظيم الإخوان في ثمانينيات القرن الماضي وبلغت حصيلة القتلى فيه عشرات الآلاف، في إحدى الدول العربية.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير الخارجية يلتقى مع نظيره الزامبى على هامش الاجتماع الأفريقى الأوروبى

العراق يعلن استعادة 3 قطع أثرية نادرة من نيويورك

فحص عقود بيع 6 فيلات بقيمة 50 مليون جنيه من نوال الدجوى إلى حفيدتيها

مها الصغير بعد طلاقها من أحمد السقا: مفيش حاجة مبهرة قد وقفة ربنا جنبك

من المطار إلى أماكن التسكين.. المدينة تفتح ذراعيها لحجاج مصر القادمين تباعا


محمد صلاح في تشكيل الموسم بدوريات أوروبا

مان سيتي ضد بورنموث.. ملعب الاتحاد تميمة حظ عمر مرموش

البنك الأهلى ينتظر الفائز من إنبي والحرس في نصف نهائي كأس عاصمة مصر

هل تحدد المحكمة الرياضية بطل الدوري المصري هذا الموسم؟

الزمالك يدرس رحيل التونسي حمزة المثلوثى وعدم تجديد عقده


أمين المجلس الأعلى للجامعات: آليات لتطوير الشهادات الجامعية وتعيين المعيدين

أول تعليق لـ مها الصغير بعد إعلان السقا طلاقهما: واصبر حتى يحكم الله

هكذا تحدث أحمد السقا ومها الصغير عن زواجهما والمشاكل بينهما

أحمد السقا يفجر مفاجأة بشأن انفصاله عن مها الصغير بعد 26 سنة زواج.. إنفوجراف

صحيفة بريطانية تنصب محمد صلاح ملكًا على نجوم الدورى الإنجليزى

أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج

الزمالك يواصل الاستعداد لبتروجت بعد العودة من الإسماعيلية

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والعكس اليوم الأربعاء 21- 5- 2025

الأهلي يواصل الاستعداد لمباراة حسم الدوري أمام فاركو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى