ترامب وكامب ديفيد ومبادرات السلام

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى
في الوقت الذى تمثل فيه الاتفاقية التي وقعتها الإمارات وإسرائيل حدثا فارقا، في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أنها خطوة استراتيجية تحمل في طياتها انعكاسا صريحا لتغير المعطيات الدولية التي تتطلب قدرا من مراجعة الأولويات على الساحة العالمية في المرحلة الراهنة، إلا أن ثمة أبعاد أخرى ربما لم يلتفت لها الكثيرون في الحدث الهام، رغم أهميتها، أبرزها الابتعاد عن منتجع كامب ديفيد البديع، والذى طالما كان واجهة الدبلوماسية الأمريكية في العديد من الأحداث المشابهة، أبرزها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1979، بالإضافة إلى القمة التاريخية التي جمعت بين الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، ونظيره الفلسطينى ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إيهود بارك فى عام 2000 ليتم التوقيع في البيت الأبيض.
 
الحديث عن مكان توقيع الاتفاقية يمثل أهمية كبيرة، في ظل الأهمية الرمزية التي حظى بها كامب ديفيد، باعتباره واجهة دبلوماسية للقوى العظمى، المهيمنة على العالم، حيث بدأ تاريخ المنتجع السياسى، مع بزوغ نجم واشنطن، على قمة النظام الدولى، منذ ما قبل نهاية الحرب الباردة، حيث كان منطلقا لإعادة ترتيب القوى الدولية، مع بداية التسابق النووي، عبر القمة التاريخية بين الرئيس ريتشارد نيكسون والأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي حينها ليونيد بريجنيف، بالإضافة إلى كونه مرتبط إلى حد كبير بمبادرات السلام مع إسرائيل، باعتباره شاهدا على مفاوضات مارثونية بين العرب والدولة العبرية في مراحل متفرقة.
 
وبالتالي يعد التخلي عن كامب ديفيد خلال التوقيع على اتفاق الإمارات وإسرائيل محلا للتساؤل، باعتباره أمرا فارقا، خاصة وأن الأمر لا يرتبط فقط بالاتفاق الأخير، وإنما سبقه دعوة الرئيس الأمريكي لعقد قمة مجموعة السبع، والتي تستضيفها واشنطن في العام المقبل، في منتجعه الشخصى للجولف، وهى الدعوة التي أثارت جدلا كبيرا دفعته في نهاية المطاف للتراجع، ليدعو أعضاء المجموعة للاجتماع في كامب ديفيد، مما يعطى مؤشرا بأن المنتجع الريفى البديع لم يعد الخيار الأول للساسة الأمريكيين لعقد لقاءاتهم الهامة في المرحلة المقبلة.
 
يبدو أن التخلي عن كامب ديفيد، يمثل امتدادا لسياسة "كسر التابوهات" التي طالما اتبعها الرئيس دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض، خاصة وأنه سعى لتقويض الإرث السياسى الذى انتهجه أسلافه، بدءً من التخلي عن سياسة الانتشار العسكرى، في العديد من مناطق العالم، مرورا بالتخلى المرحلى عن الحلفاء الأوروبيين، بالإضافة إلى إلغائه للاتفاق النووي الإيراني، والذى شهد المنتجع ماراثوناته التفاوضية.
 
ولعل الابتعاد عن كامب ديفيد عند توقيع الاتفاقية بين الإمارات وإسرائيل، يحمل في طياته رسالة مهمة لدول الخليج، تعكس الدعم الأمريكي الكبير لهم، في ظل التحديات والتهديدات المحيطة بهم، وعلى رأسها التهديد الإيراني، حيث ارتبط المنتجع في عقول الخليجيين بما يمكننا تسميته بـ"الغدر" الأمريكي بهم، حيث شهد قمة تاريخية بين الرئيس السابق باراك أوباما ودول مجلس التعاون الخليجى، والتي يرجع تاريخها إلى مايو 2015، بهدف إقناعهم بالاتفاق النووي، والذى وقعته واشنطن مع طهران في يوليو من نفس العام، دون تقديم أية ضمانات لهم، وهو الأمر الذى يمثل تهديدا صريحا لهم.
 
وهنا يمكننا القول بأن التخلي الأمريكي عن كامب ديفيد، على الرغم من مكانته السياسية في التاريخ الأمريكي المعاصر، ليس مجرد مصادفة، وإنما يمثل رسائل ضمنية هامة، تقوم في جزء منها على مواصلة "كسر التابوهات"، التي أطلقها ترامب منذ بداية حقبته من جانب، بالإضافة إلى طمأنة دول الخليج، عبر مواصلة السعي نحو استعادة ثقتهم، وهو ما بدأ منذ اختيار السعودية لتكون أول محطة خارجية للرئيس ترامب بعد وصوله لعرش البيت الأبيض، بالإضافة إلى انسحابه من الاتفاق النووي، والذى يمثل محاولة لتصحيح "خطايا" أوباما من جانب أخر
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

النيابة العامة تعاين اليوم موقع حادث حريق سنترال رمسيس لكشف أسبابه

ضبط 7 قضايا سرقة فى حملات أمنية بالقاهرة

تنسيق الجامعات 2025.. طريقة معرفة موعد ومكان إجراء اختبار القدرات

هدف الزمالك.. ماذا قدم حامد حمدان مع بتروجت فى الموسم الماضى؟

نونيز يمنح نابولى الأولوية للانتقال إلى صفوفه فى موسم 2025-2026


نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

استشهاد 16 فلسطينيا إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى على مناطق فى قطاع غزة

تجهيز نتيجة الدبلومات الفنية 2025 وإتاحتها إلكترونيا للطلاب

واشنطن تفرض عقوبات على أفراد وكيانات من كوريا الشمالية وروسيا

فيريرا يتسلح بالوديات لإعداد الزمالك للموسم الجديد


الولايات المتحدة تتوقع تحصيل أكثر من 300 مليار دولار من الرسوم الجمركية بنهاية العام

إعلام عبرى: ترامب مارس ضغطا شديدا على نتنياهو لوقف النار فى غزة

إنريكى: يجب أن نكون فى أفضل حالاتنا ضد الريال.. ومبابى أصبح من الماضى

احجز مقعدك الآن.. جدول قطارات القاهرة - الإسكندرية اليوم الأربعاء 9-7-2025

طائرة الريال تهبط فى نيويورك بعد تأخرها بسبب العاصفة وإلغاء مؤتمر ألونسو

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

ترامب: أعتقد أن إنشاء ماسك لحزب سياسى سيكون لصالحنا

المقاولون العرب يقترب من ضم ثنائي كهرباء الإسماعيلية في الميركاتو الصيفي

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى