سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..4 سبتمبر 1898.. العلم الإنجليزى يرتفع على سراى الحاكم العام فى الخرطوم.. والخديو عباس الثانى يشعر بخيبة الأمل.. والحكومة البريطانية لمصر: «لنا الحق فى حكم السودان»

 عَبَرَ سردار الجيش المصرى كتشنر باشا، نهر النيل إلى العاصمة السودانية الخرطوم، وتوجه إلى سراى الحاكم العام للسودان ورفع عليها العلمين الإنجليزى والمصرى، يوم 4 سبتمبر، مثل هذا اليوم، عام 1898، حسبما يؤكد عبدالله حسين فى الجزء الثانى من كتابه «السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية».
 
يؤكد «حسين» أن هذا التصرف جاء بعد يومين من الهزيمة التى تكبدها مسلحو جيش المهدية- بزعامة الخليفة عبدالله التعايشى- على أيدى الجيش المصرى والقوات الإنجليزية يوم 2 سبتمبر 1898 فى «أم درمان»، واحتلالها فى الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، وطارد السردار- الذى كان يقود المعركة- «التعايشى»، ويؤكد «حسين»: «كانت حصيلة القتلى من ثوار المهدية، نحو 10 آلاف فرد، والجرحى والأسرى أكثر، أما الجيش المصرى فبلغت خسائره، ضابطان و27 جنديا قتلى، وجرح 15 ضابطا، و 286 جنديا، ومن الإنجليز 3 ضباط قتلى و24 جنديا، وجرح 8 ضباط و25 جنديا، ودفن القتلى فى احتفال رسمى، وامتلأ مكان الواقعة بالجثث، وعرفت بواقعة الخرطوم وأم درمان وكررى، وهى أكبر واقعة رآها السودان.
 
كان مشهد رفع العلمين هو الأكثر دلالة على خطأ اعتقاد الخديو عباس حلمى الثانى وحكومته، أن «استرجاع السودان من المهديين إنما هو لصالح مصر فقط، ودون مشاركة من أحد»، حسبما يؤكد الدكتور محمد فؤاد شكرى فى كتابه «مصر والسودان.. تاريخ وحدة وادى النيل فى القرن التاسع عشر»، مضيفا: «أن الاعتقاد ذاع لدى المصريين بأن الغرض من استرجاع أية أقاليم فى السودان أو السودان بأسره، إنما هو كى يعود السودان إلى مصر، أى أن يقوم بالسودان الحكم المصرى ثانية، لكن هذا الاعتقاد لم يلبث أن تبدد، عندما وصلت الخديو- وهو فى أوروبا- برقية جاء فيها، أن الحكومة البريطانية أبلغت نظيرتها المصرية، أن لإنجلترا حق الاشتراك فى السودان، بما ضحت به من المال والرجال، وأن «كتشنر» رفع العلم الإنجليزى بجانب العلم المصرى على أم درمان».
 
يعلق «شكرى»: «صار واضحا أن للإنجليز خطة معينة يريدون اتباعها فى السودان، تتعارض تماما مع ما ساد به الاعتقاد بأن مصر وحدها سوف تكون صاحبة الحكم منفردة فى هذه البلاد التى استعادتها بعد القضاء على العصاة، وإخماد الثورة، وكان رفع العلمين الإنجليزى والمصرى- جنبا إلى جنب- أول إشارة إلى ما سوف يكون عليه نوع الحكم المنتظر فى السودان حسب هذه الخطة»، وكانت الثورة المهدية قد بدأت على يد محمد أحمد، المولود جنوب مدنية دنقلة فى 12 أغسطس 1844، وبحسب «شكرى»: «بدأ بنشر دعوته كمصلح دينى يريد تحرير العقيدة الإسلامية من الشوائب، ويريد إعادة مجد الإسلام القديم، ولم يلبث أن اتجه- بتفكيره ودعوته- إلى المسائل السياسية والاقتصادية، فعزا ما لحق بالشريعة من تحقير وإهانة إلى الترك والمصريين، الذين ازدروا أحكام الشريعة، وألح على ضرورة طرد المصريين من السودان كوسيلة يمكن بها وحدها تقرير العدالة ونشر السلام مرة أخرى».
 
يذكر «شكرى»: «كتب القنصل النمساوى فى الخرطوم إلى حكومته يوم 15 أغسطس 1881 بأن الأخبار وصلته من جزيرة آبا منذ شهر يوليو منبئة بأن الفقيه (محمد أحمد) أعلن على الملأ أنه المهدى المنتظر، المكلف من قبل المولى بتأسيس دولة إسلامية مترامية الأطراف تكون عاصمتها مكة المكرمة، فكان فى إعلان هذه الدعوة قيام المهدية».
 
حققت «المهدية» انتشارها، وسيطرت قواتها على أقاليم السودان التى تخضع للنظام السياسى فى مصر: «منذ دخول أقاليم النوبة وسنار وكردفان فى حوزة مصر منذ عام 1820 وقت حكم محمد على» وفقا لـ«شكرى»، وأصبح للاحتلال الإنجليزى الكلمة العليا والحاسمة فى ما يتعلق بالسودان، بعد أن تم القضاء على المهدية، ويذكر «شكرى» أنه بعد سقوط أم درمان، جرى البحث بين كرومر (المندوب السامى البريطانى فى مصر) وبين الحكومة المصرية، حول مستقبل السودان، ولم يلبث أن أبرز بوضوح كل المشكلات التى كان مترقبا أن يثيرها ابتكار وضع سياسى للسودان على أساس رفع العلمين البريطانى والمصرى جنبا إلى جنب فى الخرطوم، أى مشاركة البريطانيين فى حكومة السودان، وعلى أن تكون لهم كل السيطرة عن طريق هذه المشاركة ذاتها، ما مهد الطريق أمام عقد اتفاق الحكم الثنائى للسودان بين مصر وبريطانيا يوم 19 يناير 1899، وبمقتضاه أصبحت للاحتلال الإنجليزى الكلمة الفصل فى إدارة السودان. 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تشجيعًا للملاحة.. تخفيضات استثنائية على رسوم خدمة البحارة بقناة السويس

نهائى كأس مصر 2025.. موعد مباراة الزمالك وبيراميدز والقناة الناقلة

البنك الأهلي يغلق صفحة كأس عاصمة مصر استعداداً للمصري في الدوري

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

انتعاشة فى سوق الجمال بمدينة دراو بأسوان قبل عيد الأضحى.. "اليوم السابع" فى جولة بـ"الكرنتينا" أول محطة للإبل القادمة من السودان.. التجار يوضحون أفضل أنواع الأضاحى.. ويؤكدون: الأسعار مقبولة.. فيديو


الأهلي يواصل الاستعداد لمباراة حسم الدوري أمام فاركو

موعد مباراة الزمالك وبتروجت فى الدورى المصرى والقناة الناقلة

على الهلباوى يحيى حفلاً غنائياً صوفياً فى ساقية الصاوى 8 يونيو

راحة لجميع الفرق المشاركة فى بطولة أفريقيا للكؤوس لكرة اليد رجال وسيدات

"المعلم الفلسطينى.. بجيوب فارغة".. أزمة الرواتب تهدد مستقبل التعليم فى فلسطين.. عشرات الآلاف يعانون من عدم انتظام رواتبهم منذ سنوات.. ودراسة: 65% من الإيرادات رهينة سياسة حجز الضرائب الإسرائيلية


اليوم العالمى للشاى.. أغنيات قدمت المشروب الأشهر والمحبوب لدى الجميع

هكذا استقبل أحمد زاهر ابنته ليلى من شهر العسل

مستأنف أسرة القاهرة تنظر دعوى الحجر المقامة من أحفاد نوال الدجوي ضد جدتهم 26 يونيو

نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة

انطلاق عرض المشروع X فى سينمات مصر بطولة كريم عبد العزيز

ثروت سويلم: سننفذ حكم "كاس" حال القضاء بحصول بيراميدز على الدوري وليس الأهلي

غزل المحلة: الجزار تلقى عرضا من الأهلي

بعدما دفع لها 15 ألف جنيه مصروف شهري.. اعرف سر الخلافات بين رجل وزوجته في أكتوبر

الأهلى يفوز على الزمالك 110-64 ويصعد لنهائي دورى سوبر السلة

حقائب غامضة.. تداول فيديو يوثق لحظة السرقة من منزل نوال الدجوى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى