إسماعيل ياسين فنان الثورة

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

أتصور أن كل أبناء أجيال السبعينيات والثمانينيات يمتنون لفن إسماعيل ياسين،  باعتباره أحد أهم نجوم الكوميديا خلال القرن العشرين، الذى تربت على أعماله الكثيرة المتنوعة، فمدرستة الفنية كانت تعتمد على الأفلام العائلية النظيفة، التى لو كانت فى وقتنا الراهن لما صنفتها الرقابة أو نصحت بها لأعمار معينة، وقد كان "سمعة" نموذجا ارتبطت به العائلة المصرية، لذلك حظى بجماهيرية وشهرة لم يسبقه إليها أحد حتى بعد وفاته، ومازال نجماً مفضلاً للصغار والكبار، حتى بعد مرور نحو 50 عاماً على وفاته.

إسماعيل ياسين، فطن إلى كتابة تاريخ حياته وقصته مع الفن من خلال مسلسل إذاعى، والحقيقة أنه كان محايداً جداً عندما تناول سيرته الفنية، والمبدع الراحل أبو السعود الإبيارى، شريكه في الفرقة الفنية، وكاتب أغلب وأهم أفلامه ومسرحياته، لم يضع خطوطاً حمراء عندما كتب هذه المسيرة، فلم يخجل إسماعيل ياسين من والده، الذى أدمن المخدرات، وباع كل ما يملك من أجل ملذاته الشخصية، وكان ذلك سببا أساسياً في وفاة أمة مبكراً، ثم معاناته مع جدته التي كانت تعامله بقسوة غير مبررة، كذلك لم يخجل إسماعيل ياسين من فكرة أن والده كان يزور العملات المعدنية، " الشلن" و" النصف ريال"، من خلال سبكها على يديه اعتماداً على خبرته كصائغ محترف، وكيف كان يساعده فى تصريف هذه الأموال حتى يأكل ويشرب مع والده، الذى بات لم يملك شيء.

إسماعيل ياسين ذكر في سيرته الإذاعية التى أداها بصوته مع أبو السعود الإبيارى ومجموعة من الممثلين، قصة زواجه الأول، وما تعرض له من خيانة، فقد كانت الزوجة تواعد حبيبها السابق، وتخدع إسماعيل بأنها تذهب إلى أسرتها في الإسكندرية، وقد أخبره بعض أصدقائه بالتفاصيل كاملة، حتى صارح زوجته الخائنة بهدوء ومنحها الطلاق في صمت، ثم زواجه بعد ذلك من ثريا حلمى، التي كانت الحب الأول في حياته، وكانت فنانة مشهورة بفن المونولوج في تلك الفترة، وكانت تعمل معه في كازينو بديعة مصابنى، إلا أن القصة لم تستمر لأكثر من أسبوع لخلافاته معها حول تصرفاتها، ثم أخيراً دخول " فوزية" زوجته الثالثة والأخيرة وأم ابنه الوحيد، التي غيرت حياته، وجعلته يُقدس الأسرة ويكرس كل حياته من أجلها.

المتأمل في تاريخ الحركة الفنية بعد ثورة يوليو 1952، سيجد تراجعاً واضحاً في عدد الأفلام المنتجة، ودور العرض، نتيجة لعوامل عديدة، أهمها هجرة بعض الأجانب الذين كانوا يتحكمون في إنتاج هذه الصناعة، وفترة المخاض التي عاشتها مصر سياسياً واجتماعياً لتتحول من الملكية إلى الثورة، ثم الضرائب والتقديرات الكبيرة التي كانت تفرضها الدولة على دور السينما والمسرح في تلك الفترة، وأخيراً تأميم صناعة السينما، وتحويلها فى شركة كبيرة يتولى مسئوليتها القطاع العام.

نجم إسماعيل ياسين، لمع كثيراً مع الثورة على عكس الكثير من أبناء هذا الجيل، فقد صنع أهم أفلامه فى الفترة من 1954، حتى 1958، التى كان من بينها السلسلة التاريخية ومجموعة الأفلام التى حملت اسمه، " إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين في الأسطول – إسماعيل ياسين في البوليس الحربى"، ولقد كان لهذه الأفلام أهمية ثقافية وتاريخية كبيرة جداً تتجاوز أي نجاح فنى أو مادى، نظراً لما سوقته هذه الأفلام عن الجيش المصرى، وكيف تم بناؤه من جديد ووسائل وأساليب تسليحه، وقدراته الجديدة التى تضاعفت بعد ثورة يوليو، كما شجعت آلاف الشباب على فكرة الجندية والتطوع، وقربت فكرة العسكرية والانضباط من وجدان المصريين، فأظهرت كيف يتحول الشاب الحائر الطائش الساذج، الذى لا يعرف أي شيء، إلى جندي صلب بمقومات ورؤية مختلفة، لذلك استحق "سمعه" أن يكون فنان الثورة الأول.

كانت هناك علاقة طيبة تجمع إسماعيل ياسين بضباط الثورة، وأكبر دليل على ذلك استكمال سلسلة أفلامه عن القوات المسلحة المصرية، وتسهيل حصوله على مسرح فى وسط البلد ليكون مقراً لفرقته المسرحية عام 1954، حيث يروى فى سيرته الذاتية ويقول:" دورنا على مسارح من أجل تأسيس الفرقة المسرحية فلم نجد، فمعظم المسارح تحولت إلى دور سينما، واستمرينا سنة كاملة نتفاوض مع الخواجات أصحاب السينمات، إلا أنهم كانوا بيعرضوا أرقام كبيرة جدا، وصاحب سينما الكورسال طلب ألف جنيه إيجار شهرى وهذا كان مستحيل، إلا أن أبو السعود الإبيارى اقترح الذهاب إلى "وجيه أباظة"، مدير الشئون العامة فى القوات المسلحة لإقناع الخواجة صولوبيانكو، لتأجير سينما ميامى الصيفى وتحويلها إلى مسرح، وبالفعل نجحنا فى ذلك مقابل إيجار شهرى 450 جنيها".

إسماعيل ياسين، سيظل أحد أهم عظماء الزمن الجميل، الذين قدموا فناً حقيقياً، وصدقوا مع الجمهور، ولم يعرفوا التجمل أو التحريف، بل كانت المصارحة والحقيقة أسلوبهم، حتى وإن عاندتهم الظروف، واختفت عنهم الأضواء والشهرة فى نهاية مسيرتهم الفنية.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد إمام لأولاد عمته الراحلة: انتوا رجالة وقد المسئولية وكلنا فى ضهر بعض

حمدي الوزير عن تكرار شائعة وفاته: لا أتأثر ومستوعب الأمراض النفسية

الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شوال وأول أيام عيد الفطر 2026

نتيجة مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس إنتركونتيننتال

محمد العتبانى حكما لمواجهة الأهلي وسيراميكا فى كأس عاصمة مصر


باريس سان جيرمان يحقق إنجازا تاريخيا بعد التتويج بلقب كأس الإنتركونتيننتال

أخبار × 24 ساعة.. الحكومة تناقش تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

تحذير هام من الشبورة المائية.. حالة الطقس اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025

بعثة منتخب مصر تصل المغرب استعدادا للمشاركة فى بطولة أمم أفريقيا

باريس سان جيرمان يتوج بكأس إنتركونتيننتال على حساب فلامنجو بركلات الترجيح


باريس سان جيرمان ضد فلامنجو للأشواط الإضافية بتعادل إيجابى 1-1.. فيديو

هاكرز إيرانى يزعم اختراق هاتف رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالى بينيت

قرار عاجل من النيابة فى واقعة وفاة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

مواعيد مباريات منتخب مصر فى بطولة أمم أفريقيا

أحمد صلاح: لا توجد نية لاعتزال الكرة الطائرة فى الوقت الحالى

ابنة نيكول سابا تظهر لأول مرة فى كليب تلج تلج احتفالاً بالكريسماس

رئيس الوزراء: سنناقش إنهاء إجراءات تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

مجدى فكرى يقلب السوشيال ميديا بصور لرجل مختل عقليا.. والفنان يكشف الحقيقة

فرصة أخيرة للفنان محمد رمضان بعد تأييد حبسه عامين بسبب أغنية رقم 1 يا انصاص

تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى