باى باى أفندينا

خالد سنجر
خالد سنجر
بقلم : خالد سنجر
للوهلة الأولى، وبمجرد قراءتك للعنوان سيتبادر إلى ذهنك، أننى سأحدثك عن مشهد مغادرة الملك فاروق – أفندينا - لمصر على متن مركب "المحروسة"، وهو المشهد الذى تخلص فيه المصريون من وطأة الحكم الملكى الذى ظل جاثما على صدورهم عقودا طويلة، لكنى سأتحدث هنا عن تخلص المصريين من احتلال آخر، وزوال حكم "أفندينا" القرن 21.
 
بعد عودتى لمصر عقب سنوات طويلة من العمل فى الخارج، عملت في المقر الرئيسى لإحدى الصحف بمنطقة باب اللوق، وهى منطقة لمن لا يعرفها تقع في منطقة وسط القاهرة، مكتظة بالسكان، يقصدها الآلاف يوميا، سواء للعمل أو التسوق لانتشار المكاتب التجارية والشركات والمحال، ووكالات الطيران والسياحة والسفر، لذلك فإن المترددين على تلك المنطقة يعانون أشد المعاناة أثناء محاولتهم العثور على مكان "ركنة" آمنة لسياراتهم، حتى أنهم يقضون ساعات من اللف والدوران بشوارع المنطقة طمعا في الفوز بمكان خال لسياراتهم.
دخلت في دوامة البحث عن "الإبرة في كومة القش" أياما عديدة، وذات يوم تأخرت في الوصول إلى مقر عملى، لطول فترة البحث، ما عرضنى لتعنيف مديرى بسبب التأخير، وعندما تحدثت للزملاء، عن رحلة المعاناة التى أخوضها يوميا، أكدوا أنهم وقعوا في نفس الفخ، وأشاروا على بالذهاب إلى "أفندينا"، فهو الشخص الوحيد القادر على وضع حد لمعاناتى.
أستطيع أن أجزم أنى أرى تعبيرات الدهشة على وجوهكم.. ولما لا وأنا كنت أول المندهشين.. فما علاقة الأزمة التي أعانى منها بالمدعو "أفندينا"؟! السؤال الذى واجهه أصدقائى بعاصفة من الضحك وردهم واحد "هتعرف أما تروحله"، ووصفوا لى المكان الذى يمكننى الالتقاء به فيه، وهى إحدى المقاهى الشهيرة بالمنطقة.
بعد انتهاء عملى، توجهت إلى المقهى الذى وصفه لى زملائى للقاء "أفندينا"، وسألت صاحب المقهى عن الشخص الذى أنشد لقاءه، فأشار إلى شخص يتوسط عدة أشخاص، وعندما اقتربت منه وجدته شابا صغير السن بالغ النحافة يميز وجهه ندبة كبيرة من أعلى حاجبيه مرورا بعينيه وصولا إلى ذقنه، لكنى لم أعلم السر فى مناداته بـ"أفندينا"، على الرغم من الفضول الكبير الذى انتابنى لمعرفة هذا السر.
 
ألقيت السلام على أفندينا وصحبته، وعرفته بنفسى، ووضح عليه "اللامبالاة"، وأكمل حديثه مع أصدقائه دون أن يعيرنى أى اهتمام، ورغم شعورى بالإهانة، إلا أن حاجتى لحل أزمتى أجبرتنى على "بلع" تجاهل أفندينا وغطرسته، وعرضت عليه الأزمة واقفا، فسألنى عن مكان عملى وعندما حددته له، قال لى الركنة بـ10 جنيهات، تدفع عند "الركنة"، فوافقت على الفور.
 
تركته وأنا أعيش حالة من الذهول والفضول يقتلنى لمعرفة من هذا الشخص؟ وما هو مجال عمله؟ ومن أعطاه الحق في التحكم في خلق الله بهذا الشكل؟ أسئلة كثيرة تصارعت داخل رأسى، وجدت إجاباتها عند أحد أصدقائى الذى أكد لى أن أفندينا أحد المسجلين خطر بالمنطقة، فرض سيطرته على جميع الأرصفة والشوارع الواقعة بمحيط مقر عملى، يوزع رجاله بشكل مخطط ومدروس لتنظيم "ركنة" السيارات، وتحصيل المقابل من قائدى السيارات، ليدسها في نهاية اليوم في جيبه، دون سؤال أو حساب.
 
تركت باب اللوق، وانتقلت لعمل آخر فى منطقة أخرى، ومع انتقالى من منطقة لأخرى، أفاجأ فيها بـ"أفندينا" جديد، أو من ينوب عنه، ومع الأيام والشهور والسنوات، اعتدت الأمر واعتبرته من الأمور التى يجب أن أتعايش معها دون سؤال.
 
أخيرا، وبعد طول انتظار، نجحت الحكومة في القضاء على أسطورة "أفندينا"، بعد إصدارها اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم انتظار المركبات، والذى حدد عدة ضوابط لعمل "السياس"، يحمى المواطنين من الكائنات الفضائية التي تتربص بقائد السيارة، وتنقض عليه عند اعتزامه ركن سيارته، لطلب مقابل ركنة في الشارع، والويل كل الويل لمن يتجرأ على مجادلته أو سؤاله مجرد سؤال عن هويته.. الآن أقول وبكل سعادة "باى باى أفندينا".
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس الوزراء: سنناقش إنهاء إجراءات تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

أزمة هجومية تضرب سيراميكا قبل مواجهة الأهلى فى كأس عاصمة مصر

حكاية مكالمة حزينة جمعت عبد الحليم حافظ وأم كلثوم قبل وفاة الأخيرة

الأهلى يناقش استعارة لاعب سيراميكا فى يناير ضمن صفقة عمر كمال

BBC: محمد صلاح يحظى بدعم جماهيرى ورسمى غير مسبوق بعد أزمة ليفربول


شرط محمد صلاح للبقاء مع ليفربول بعد أزمة سلوت

صور أثار حريق شقة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

ليفربول يبلغ وكيل محمد صلاح موقفه من رحيل الملك المصرى

فريق النيابة يعاين حريق شقة الفنانة نيفين مندور بعد وفاتها بالإسكندرية

مواعيد مباريات اليوم.. باريس سان جيرمان مع فلامنجو ومان سيتي ضد برينتفورد


بعد مصرع الفنانة نيفين مندور.. خطوات لتجنب حرائق الشقق السكنية.. تعرف عليها

جار نيفين مندور يكشف تفاصيل مصرعها فى حريق منزلها بالإسكندرية

حالة الطقس.. تمركز للسحب الممطرة على شرق البلاد مصحوبة بأمطار غزيرة

مصرع الفنانة نيفين مندور بطلة فيلم اللى بالى بالك فى حريق بمنزلها

بدء الاقتراع بأول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب

الطقس اليوم الأربعاء 17-12-2025.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار

الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى تحدد شروط صرف منحة وفاة أصحاب المعاش

زيادة 15٪ سنويا.. قانون الإيجار القديم يضع قواعد جديدة للأجرة

باريس سان جيرمان يتحدى فلامنجو فى نهائى كأس القارات للأندية الليلة

عبد الرؤوف يجهز بدائل الزمالك أمام حرس الحدود بكأس العاصمة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى