حقبة "المصالحات".. كيف يحاول بايدن استعادة التوازن الأمريكى فى الداخل والخارج؟.. احتواء أنصار ترامب والتعددية العرقية ضرورة لتحقيق "وحدة" الأمريكيين.. واستعادة ثقة الحلفاء والخصوم السبيل للاحتفاظ بقيادة العالم

بايدن
بايدن
بيشوى رمزى

"الوحدة".. كلمة تكررت عدة مرات في خطاب التنصيب الذى ألقاه الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، فى يوم تنصيبه، أمام الحضور، في الاحتفال الاستثنائى، الذى شهد أعدادا محدودة من الحضور، بينما غاب عنه "مشهد الوداع" للرئيس السابق، لأول مرة في التاريخ الأمريكي، في ظل موقف دونالد ترامب الرافض لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي طالما شكك في نتائجها ونزاهتها، منذ الإعلان عنها في نوفمبر الماضى، لتصبح الدعوة التي أطلقها بايدن، ترجمة حقيقية لواقع الانقسام في الداخل الأمريكى، ليس فقط في نطاقه الواسع على مستوى الشارع الأمريكي، في ظل احتجاجات وعنف وصل إلى ذروته في اقتحام الكونجرس لحظة التصديق على فوز بايدن، في 6 يناير الجارى، وإنما أيضا في تجلى بوضوح في حفل التنصيب غير المسبوق، والذى انتقص كثيرا من "بريق" الديمقراطية التي طالما تباهت بها واشنطن لعقود طويلة من الزمن.

ولذا فإن تكرار الدعوة إلى "الوحدة" يجد ما يبرره في الداخل، سواء في الشارع أو حتى في ساحة الكونجرس، التي تعد أبرز الشهود على الانقسام غير المسبوق، لتصبح عنوانا مهما للحقبة الجديدة، وأولوية قصوى لدى سيد البيت الأبيض الجديد، إلا أنه هذا الهدف ربما لن يتحقق دون تحقيق "مصالحة" حقيقية، وشاملة، يمكن من خلالها استعادة "أناقة" المشهد الأمريكي في الداخل والخارج، لتمثل بداية بمثابة إعادة جديدة للشعار الذى سبق وأن رفعه الرئيس الأسبق باراك أوباما في بداية حقبته، بعد انقسام أخر على نطاق عالمى حول سياسات سلفه جورج بوش، والتي أثارت حفيظة العديد من الدول، وعلى رأسها دول العالم الإسلامي.

إلا أن مصالحات بايدن تبقى أوسع نطاقا إذا ما قورنت بـ"مصالحة" أوباما، في ضوء تعدد أبعاد الانقسام، ففي الداخل هناك نزعات عنصرية، لم يتأذى منها المسلمون وحدهم على غرار ما حدث في عهد بوش، الذى ربط مباشرة بين الإسلام والإرهاب، وإنما امتدت إلى مختلف الأعراق، وهو ما بدا بوضوح في مظاهرات الغضب في أعقاب مقتل جورج فلويد، بينما يبقى العالم منقسما حول الدور الأمريكي، سواء بين الحلفاء أو الخصوم، وتنامى الشكوك حول مدى التزام واشنطن بتعهداتها الدولية.

مصالحة سياسية.. احتواء غضب أنصار ترامب

ولعل أول ما يفكر فيه الرئيس بايدن، هو كيفية احتواء أنصار ترامب، خاصة من المواطنين "غير المسيسين"، والذين رأوا "طوق النجاة" في سياسات الرئيس السابق، خاصة فيما يتعلق بالاقتصاد الأمريكي ومحاربة البطالة، بالإضافة إلى تقديم الحماية الأمنية لهم، عبر احتواء ظاهرة الهجرة، وبالتالي فكان دعمهم للإدارة السابقة بعيدا عن أي حسابات أو رؤى حزبية، مما يتطلب تحقيق قدر من التوازن في السياسات الأمريكية في المرحلة المقبلة، لإضفاء قدر من الاطمئنان لدى تلك الفئة.

حاجة بايدن للمصالحة ربما تدفعه إلى الاستعانة بوجوه من الجمهوريين، من أصحاب الشعبية الكبيرة، وهو ما يبدو في طرح بعض الأسماء على غرار سيندى، زوجة السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، والتي يراها قطاع كبير من الأمريكيين أنها سببا رئيسيا في فوز بايدن بولاية أريزونا، التي لم يفز بها الديمقراطيين منذ حقبة الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

مصالحة عنصرية.. إدارة "متعددة الأعراق" تقدم حلا مؤقتا

أما تنامى النزعة العنصرية في الداخل الأمريكي، فهو أحد أبرز العقبات التي يواجهها بايدن، وربما كان مستعدا لها إلى حد كبير، منذ قبل انطلاق المعترك الرئاسي، حيث نجح في استغلال حالة الزخم التي أعقبت مقتل الأمريكي ذو الأصول الإفريقية جورج فلويد، ليطلق بعدها العنان لاختيارات "متعددة الأعراق" في كافة أقسام الإدارة، بدءً من منصب نائب الرئيس، والذى تشغله كامالا هاريس، مرورا بوزارة الدفاع، والتي يشغل لويد أوستن ذو الأصول الإفريقية، وحتى وزارة الأمن الداخلى، التي تشغلها ديب هالاند، والتي تمثل السكان الأصليين لأمريكا.

اختيارات الإدارة ربما كانت حلا جيدا، ساهم إلى حد كبير في فوز بايدن، مع تنامى الانتقادات لترامب، ولكن يبقى مؤقتا في ظل مخاوف كبيرة من استهداف الأقليات العرقية، وهو الأمر الذى يتطلب إجراءات قوية من قبل الإدارة لاحتواء أية أحداث من شأنها إثارة العنصرية من جديد في الداخل الأمريكي.

مصالحات دولية.. استعادة ثقة الخصوم والحلفاء

في حين، تبقى "المصالحة" شعارا مهما فيما يتعلق بسياسات بايدن الخارجية، في ظل حالة من الارتباك في المشهد الدولى، تجاه الولايات المتحدة، باعتبارها الحاكم الفعلى للنظام الدولى برمته، حيث تبقى حالة "انعدام الثقة" عاملا مشتركا بين حلفاء أمريكا وخصومها، في المرحلة الحالية.

فلو نظرنا إلى موقف الحلفاء، تبقى إجراءات ترامب التجارية والعسكرية، خاصة في أوروبا الغربية سببا رئيسيا في زعزعة ثقة العديد من دولها، في التزامات الشريك الأمريكي، بأبعاد العلاقة التاريخية، والتي لعبت الدور الأبرز في القيادة الأمريكية للعالم، بينما يعانى الخصوم من نفس المعضلة، خاصة بعد انسحاب الإدارة السابقة من الاتفاق النووي الإيراني، بل ورفضه لفكرة رفع العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية رغم التقارب الكبير غير المسبوق الذى شهدته حقبته.

وهنا تصبح الحاجة الملحة إلى مصالحة حقيقية مع الحلفاء والخصوم في آن واحد، عبر العودة إلى مرحلة "ما قبل ترامب"، سواء فيما يتعلق بتأكيد الالتزام بالدعم العسكرى المقدم لهم، أو بالمزايا التجارية التي سحبها منهم الرئيس السابق، إلا أنه يبقى محتاجا لـ"عودة متزنة"، حتى لا تثير الرأي العام الداخلى ضده في ظل حالة الانسجام بين الشارع وإجراءات ترامب، وهو الأمر الذى ينطبق في الوقت نفسه على التعاملات الأمريكية مع إيران والصين، والتي تبقى في حاجة هي الأخرى إلى قدر كبير من التوازن حتى يمكن تلافى الفجوات الكبيرة في العلاقات خلال السنوات الماضية.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد إمام لأولاد عمته الراحلة: انتوا رجالة وقد المسئولية وكلنا فى ضهر بعض

الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شوال وأول أيام عيد الفطر 2026

نتيجة مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس إنتركونتيننتال

نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى

تحذير هام من الشبورة المائية.. حالة الطقس اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025


نادى شيكوبانزا السابق سبب إيقاف قيد الزمالك فى القضية السابعة

باريس سان جيرمان يتوج بكأس إنتركونتيننتال على حساب فلامنجو بركلات الترجيح

«الداخلية» تضبط 5 أشخاص لتوجيه الناخبين فى المحلة

باريس سان جيرمان ضد فلامنجو للأشواط الإضافية بتعادل إيجابى 1-1.. فيديو

هاكرز إيرانى يزعم اختراق هاتف رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالى بينيت


قرار عاجل من النيابة فى واقعة وفاة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

أهداف مباراة منتخب مصر واليابان الودية مواليد 2009.. فيديو

السعودية تستقر على رحيل رينارد والبديل من داخل الدوري السعودى

مواعيد مباريات منتخب مصر فى بطولة أمم أفريقيا

أحمد صلاح: لا توجد نية لاعتزال الكرة الطائرة فى الوقت الحالى

رويترز: المملكة المتحدة تعفى حقل ظهر من العقوبات المفروضة على روسيا

رئيس الوزراء: سنناقش إنهاء إجراءات تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

قرار حكومى بالعفو عن باقى مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة

وزارة الداخلية تحبط محاولة 3 أشخاص توزيع أموال بمحيط لجان البساتين

تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى