الأستاذ

نـاهـد صـلاح
نـاهـد صـلاح
بقلم نـاهـد صـلاح
في مثل هذه الأيام وُلد يوسف شاهين، ثم عاش حياة هادرة؛ تعودنا في أفلامه أن نحصي دقائقها حماسة وهِمة، نرصد تفاصيل هذا الرجل الجامح الذي استولد أعماله من الـ "أنا" التي تخصه، كان يفر بها إلى سواه، فتمتد جسور التأويلات المتناقضة، لا تخفف الوجع ولا تكشف خارطة الغموض التي لا تدل إلا على السراب وأن كل شيء فينا عاطفي.
 
 ظل يوسف شاهين حتى لحظة رحيله لوحة سريالية، لكنها لا تفتقد المنطق، من شواطيء الاسكندرية المفتوحة على "الأخر" إلى شواطيء أمريكا المطلة على الغموض والتناقضات ومفردات الإبهار، من بابا أمين إلى هي فوضى، من المماحكات السياسية مع الشيوعيين وأنصار ثورة يوليو وأهل اليسار، إلى نغمات الليبرالية الحادة التي أوقعته في شبهات "التطبيع" مع الآخر سواء كان العدو السابق "فرنسا" أو العدو الحالي "اسرائيل". من الجنون الفني والتجاوز والجرأة على كسر المألوف، وعدم الخضوع للقواعد السائدة إلى الرغبة الملحة في تأسيس تقاليد منضبطة وآليات عمل، وملامح مدرسة سينمائية وإنتاجية خاصة، من حرية الفرد إلى حرية المجتمع التي تصل إلى حد السباحة ضد تيار السلطة كما فعلها في مظاهرات (القانون 103) الخاص بالنقابات الفنية، وحرب الخليج الثانية، والتضامن مع سكان جزيرة الدهب. من الارستقراطية واستخدام الفرنسية في الحوار إلى السوقية والإفراط في استخدام العامية، من "جو" إلى "يوسف"، ومن أحلام الفتى الباحث عن نفسه في غلالات الضوء إلى دأب العجوز الرافض للموت على فراش وثير، من صورة الوطني المدافع عن فقراء بلاده إلى صورة العميل والخائن التي لطالما كانت الأقلام تلوك سيرته بسببها، تمتد اللوحة العجيبة التي تحتشد بالألوان والرموز والخطوط والمعاني، ذلك اللون الأحمر ليس دماً، لكنه يعبر عن احتقان الكلمات على شفاه ظلت حتى النهاية تبحث عن مزيد من الحرية، وتلك النقطة السوداء ليست تعبيراً عن سقوط فني، إنها بؤبؤ العين الذي يساهم في رؤية الضوء، و"الحسنة" التي تعطي للوجه تميزه وسط الوجوه المتشابهة، وذلك الخط المتعرج ليس اهتزازاً في الشخصية، لكنه موج النيل مجسداً على شعره غير "المسبسب"، وتلك التداخلات اللونية العجيبة ليست تعبيراً عن الفوضى والعشوائية بقدر ماهي تعبير عن عبقرية الامتزاج والتعايش بين المتنافرات في حياة مصر التي امتصت كل الغرباء، وأفرزتهم مجدداً في طبعة مصرية خالصة، وتلك التناقضات بين الاتساع والاختناق تؤكد على الحكمة العميقة في حياة البشر التي تختفي بالتنوع والتغير وأن دوام الحال من المحال. يوسف شاهين الذي لا يمكن رؤيته من خلال عمل فني واحد أو تصويره في لقطة فوتوغرافية ثابتة أو وضعه في إطار ضيق أو محاكمته على نقطة سوداء قد تكون أجمل ما فيه، يوسف شاهين الأكبر من فيلم، والأكثر حيوية من صورة، والأوسع من أي إطار هو الأستاذ.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

منح وزير التموين وبعض موظفى الوزارة صفة الضبطية القضائية

الزمالك: لن نمانع رحيل عدي الدباغ فى انتقالات يناير

ترقبوا.. اليوم السابع يطلق بوابة كأس أمم أفريقيا 2025

التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام نيجيريا.. الشناوي في حراسة المرمى


الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

العثور على جثتى المخرج روب راينر وزوجته وفتح تحقيق جنائى

4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر


مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر

موعد مباراة الزمالك ضد حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب والإمارات والقنوات الناقلة

ألافيس ضد الريال.. ألونسو: أظهرنا شخصية قوية أمام خصم صعب

العوضى يحتفل بعيد ميلاده بتوزيع 300 ألف جنيه ويعلق: السنة الجاية مع المدام

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى