اليوم السابع فى الذكرى الـ 60 لرحيل بيرم التونسى "المصرى".. شعبان يوسف يكشف عن أول أزجال الشاعر الكبير .. ويؤكد: كتب كل أغانيه الوطنية على مقاهى الأجانب وزوجته لم تعرف شيئا عن إبداعه الشعرى

ثورة يوليو والمبدعون:
فى أكتوبر عام 1952، وبعد قيام حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو المباركة - كما كانت تسمى وقتها - ذهب الأستاذ لطفى رضوان "محرر مجلة الكواكب الفنية"، ليجرى حوارا مع الشاعر والزجال وكاتب الأغانى محمود بيرم التونسى، وكان قادة ثورة يوليو انتبهوا بحسم إلى قوة مصر الناعمة، فعملوا على استقطاب نجوم الفن والشعر والسرد بحماس بالغ، فاحتفوا بنماذج موهوبة وعظيمة مثل الروائى نجيب محفوظ الذى كان شبه مهمل من السلطات قبل ذلك، كذلك الاهتمام بمواهب صاعدة مثل يوسف إدريس وصلاح جاهين وعبد الحليم حافظ وفتحى غانم ومحمد الموجى وغيرهم، ووفرت لكل هؤلاء مناخات وشروطا فوق الوصف، لكى يبدع كل منهم - فى مجاله - ما يخدم الثورة، ويفيد الناس فى وقت واحد، والنتيجة كانت مضمونة، إبداع جيد فى الغناء والكتابة المتنوعة، وبالتالى بذل هؤلاء الكتّاب والفنانون أقصى ما فى جهدهم من أجل التبشير بالثورة، والتعريف بجهودها، وطمأنه الشعب بنبل الأهداف التى جاءت من أجلها نلك الثورة أو الحركة.
الشاعر الكبير بيرم التونسى
وكان بيرم التونسى أول من استهدفتهم الثورة بالعناية بهم، وتوفير بعض المساحات للكتابة، كما أن الإذاعة المصرية كانت تستقبل إنتاجه فى المسلسلات والفوازير دوما، فهو صاحب التاريخ الطويل فى مقاومة كل قوى الشر، وكان الأهم فى تاريخ الزجل والشعر والأغانى والأوبريتات، ورفقته لفنانين عظماء مثل سيد درويش ونجيب الريحانى قبل نفيه وترحيله عام 1919، وحرمانه من مشاركة أبناء وطنه فى الإبداع والمقاومة، وبالطبع اشتدت ثورة بيرم، ولم يتوقف حتى فى منفاه عن الكتابة ومراسلة الصحف والمجلات.
منزله المتهالك فى الحىّ المتواضع:
وكانت البداية عندما ذهب إليه محرر الكواكب لإجراء حوار معه، ولكنه قبل أن يذهب إليه لإجراء ذلك الحوار التاريخى، ويزوره فى منزله، حاول بيرم التملص من الحوار، ليس لأسباب عدم إرادته لذلك، أو كنوع من الاستعلاء، ولكن خجلا من مسكنه المتواضع، ورد على المحرر قائلا له : "ربنا أمر بالستر.. انت عاوز تفضحنى ليه؟!"، وعندما ألح المحرر على أهمية الحوار، وافق بيرم على مضض، وذهب المحرر إلى منزل الفنان العظيم، وعندما اقترب من الوصول، سأل بعض الجيران، فقيل له بـ "أنه ذهب إلى الأستديو ليشاهد إحدى الراقصات التى سترقص على أغنية له"، وكان بيرم يسكن فى شارع يدعى "النواوى"، فى حىّ السلخانة، وعندما وصل الصحفى إلى البيت المتهالك انتظر لكى يتأمل المكان جيدا، وينظر إلى ذلك الحى الذى يقطنه أهم وأكبر شعراء وزجالى مصر، وأكثرهم صلابة وعندا فى المقاومة، وعندما دخل المحرر، بادره بيرم قائلا: "إن ثلاث حجرات لا تكفى لكى أعيش وأتنفس، فالأولاد كثيرون، والدوشة لا تنقطع، لهذا آثرت أن أن أنقل لحافى ومرتبتى ومكتبتى إلى هذه الحجرة الصغيرة لأكون إلى جوار باب الخروج".
الشاعر بيرم التونسى
بيرم التونسى فى شبابه

الشاعر والكاتب شعبان يوسف
أول أزجال بيرم التونسى :
من المعروف أن بيرم كان متأثرا بوالده فى بداياته، إذ كان الوالد صاحب مزاج فنى، ولديه نزوع لاستدعاء فنانين ومنشدين، وكان بيرم يتأمل ذلك الطقس المتكرر، وناله قدر من لمسة الفن والثقافة، وعندما اضطر للعمل فى دكان والده، كان يقرأ الكتب التى يستعملها فى لف القراطيس، وبدأ بعد ذلك يدندن ويكتب بعضا من الزجل، وكانت كل أزجال بيرم تنبثق من خلال حدث واقعى، ويهرع فورا لتسجيل أو تدريم أى حدث يراه، وكان أول زجل كتبه، عام 1914 قبيل الحرب العالمية الأولى، وهذه الزجلية لم ينشرها بيرم إلا ضمن أحد مقالاته التىكان يكتبها فيما بعد فى جريدة الجمهورية، وهى كانت عن "زفّة المطاهر":
Trending Plus