سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 1 أكتوبر 1901.. أحمد عرابى فى القاهرة بعد نفيه 19 عاما.. الخديو عباس يتجاهله ومصطفى كامل يتهمه بالجبن.. وأمير الشعراء يهجوه بقصيدة «عرابى وماجنى»

أحمد عرابى
أحمد عرابى
سعيد الشحات
غادر أحمد عرابى، السويس إلى القاهرة، بعد يوم من عودته من منفاه بجزيرة سيلان، وفقا للجزء الثالث من مذكراته «كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المشهورة بالثورة العربية»، تقديم ودراسة عبدالمنعم الجميعى، يذكر: «فى أول أكتوبر 1901 برحنا السويس، ووصلنا إلى القاهرة قبل الغروب، وكان ازدحام الناس لتوديعنا فى محطة السويس عظيما، وكذلك كان استقبالنا فى الزقازيق وبنها وخصوصا فى القاهرة، فإن اجتماع الناس بلغ حده الأقصى بالرغم من تنبيه المحافظ الشديد بعدم التجمهر والاحتفاء، ولما نزلنا فى محطة القاهرة أخذنا المركبات إلى منزل أولادى بشارع الملك الناصر فى شارع خيرت، واجتمعنا بهم بعد غيابى تسعة عشر عاما وأربعة أشهر».
 
حملت حياة عرابى بعد عودته مآسى إنسانية بالغة، واجه التجاهل، والنكران، والفقر، يذكر محمود الخفيف فى كتابه «أحمد عرابى - الزعيم المفترى عليه»: «أحس أنه غريب فى وطنه، فقد أنكره أكثر من كانوا يلتفون حوله إبان سلطانه، ومنهم من كان يود لو وجه إليه حينذاك نظرة، أو حيّاه بتحية».
 
يكشف هو فى مذكراته، مواقف من النكران التى قابلها، ففى نفس يوم عودته، كان الخديو عباس الثانى، عائدا من مصيفه فى أوروبا إلى الإسكندرية، فرأى أن يتقدم إليه بالشكر، ولم يهتم الخديو، يقول: «حررنا تلغرافا إلى رئيس الديوان الخديوى، نشكر فيه الحضرة الخديوية على منحها إيانا نعمة العودة إلى وطننا العزيز، ونطلب الترخيص لنا فى الذهاب إلى الإسكندرية، للتشرف بمقابلة الخديو المعظم وتأدية واجب الشكر لجنابه الكريم بنفسى، ولكن مع الأسف العظيم لم يحز هذا الطلب قبولا».
 
زار رئيس مجلس النظار مصطفى باشا فهمى، وناظر الخارجية بطرس باشا غالى، وناظر المالية أحمد باشا مظلوم، وناظر الحقانية إبراهيم باشا فؤاد، وناظر الأشغال والمعارف حسين باشا فخرى، فى بيوتهم، وزار ناظر الجهادية عبانى باشا فى ديوان الجهادية، ووكيل المالية المستر ميشل، ومستشار المالية السير غروست، ثم اللورد كرومر فى الوكالة الإنجليزية، لكن وحسب تأكيد «الخفيف»: «لم يرد أحد ممن زارهم فى بيوتهم له الزيارة، وخشى كبار الموظفين الاتصال به، وإلا أغضبوا الخديو، وكذلك أصدر كرومر أوامره للوزراء ألا يتصل به أحد».
 
أما ألمه الأكبر، فكان فى تنكر وتجاهل بعض رفاق الثورة وأصدقاء الحياة له، لكن محمود الخفيف يذكر أن هناك من كان حريصًا على التواصل معه، قائلًا: «كان فى مقدمة الذين تنكروا له، على فهمى باشا زميله فى الثورة والمنفى، وإبراهيم باشا فوزى مأمور ضبط القاهرة إبان الثورة، والشيخ محمد خليل الهجرسى الصديق الوفى، والزبير باشا، ومحمد بك الزمر والسيد باشا شكرى المهندس، وأحمد بك ناشد مدير الشرقية أثناء الحرب، ورزق حجازى بك من رجال الثورة، وعبدالحميد باشا العبادى، وأحمد حمدى باشا، والشاعر حافظ بك إبراهيم، والدكتور محجوب ثابت، ومحمد بك أبوشادى، وعلى بك آصف، أما محمود سامى البارودى فلم يزره إلا بعد عودته بأسبوع، ولم يكررها بعدها أبدا»، كان البارودى منفيا معه 16 عاما، وعاد يوم 12 سبتمبر 1899.
 
 وفتحت جريدة «اللواء»، برئاسة مصطفى كامل، النار عليه، فى 29 سبتمبر 1901 نشرت قصيدة «عرابى وما جنى» لأمير الشعراء أحمد شوقى والتى هجاه فيها ناظما: «صغار فى الذهاب وفى الإياب/ أهذا كل شأنك يا عرابى؟!»، وحسب «الجميعى»: «اتهمه مصطفى كامل بالجبن، وبأنه أدخل الاحتلال قاصدا متعمدا، كما أطلق على ثورته «الفتنة العرابية»، يذكر «كامل» فى «اللواء» يوم 3 أكتوبر 1901: «ما عار الاحتلال، وما عار الجهالة والتأخر وعار الفقر بشىء يذكر إذا ماقورن بالعار الذى يحمله عرابى، ويقرأه الناس على وجهه أينما سار وأينما حل، وأى عار أكبر من عار رجل تهور جبانا واندفع جاهلا، وساق أمته إلى الموت الأدبى والاستعباد الثقيل».
 
رد عرابى: «لم يرق فى نظر خصومنا الجهلاء رجوعنا إلى وطننا العزيز لظنهم أننا بعنا وطننا إلى الإنجليز على اتفاق بيننا وبينهم، فأوعزوا إلى الجرائد المأجورة وفى مقدمتهم جريدة «اللواء»، فوجهت إلينا سهام جهلها وأماطت عنها لثام الوطنية».
 
سحبت «اللواء» أى رصيد وطنى من عرابى، فى وقت وصلت معاناته إلى حالة «ضيق ذات يده، فالمعاش لم يكن يكفيه هو وأسرته الكثيرة العدد»، حسب تأكيد محمود الخفيف، وكان من نتائج شحن «اللواء» حسب صلاح عيسى فى كتابه «الثورة العرابية»: «قبل أن يموت عرابى بشهور كان خارجا من المسجد الحسينى عقب صلاة العشاء فى إحدى ليالى رمضان، فإذا بشاب يبصق فى وجهه صائحا «يا خائن» ومسح الرجل وجهه، وأغلق باب منزله على نفسه شهورا طويلة، ويوم مات لم يجد أهله فى بيته نفقات جنازته وتجهيزه، فكتموا نبأ الوفاة إلى اليوم التالى، حيث كان مقررا أن تصرف المعاشات قبل موعدها لمناسبة حلول عيد الأضحى، وخرجت إحدى الصحف تكتب فى مكان متواضع: «علمنا أن المدعو عرابى صاحب الفتنة المشهورة باسمه قد توفى أمس»، يعلق «عيسى»: «الذى بصق فى وجه عرابى، والذى نشر نبأ نعيه، والذى تركه يعانى الحاجة، لم تكن مصر، ولكنه جزء من أمة الخيانة، جزء من مصر المحتلة».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس الوزراء: مصر أولت اهتماما كبيرا لتطوير نظام الرعاية الصحية والخدمات الطبية

توم كروز يخطط لإنهاء الخلاف مع نيكول كيدمان وإعادة لم شمل العائلة

الحوثيون: استهدفنا ناقلة بضائع في البحر الأحمر وهي الآن معرضة للغرق

المواد الأساسية والتخصص بالصف الثانى الثانوى بالبكالوريا وفق المسارات الأربعة

مها الصغير: أنا غلطت فى حق الفنانة ليزا.. أنا آسفة وزعلانة من نفسى


أبطال فيلم أحمد وأحمد يحتفلون بالعرض الخاص فى السعودية اليوم

الزمالك يسابق الزمن لحسم صفقة محمد علاء من الجونة

الطقس غدا.. شديد الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 37 والإسكندرية 31 درجة

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

ميدو: الزمالك يسير على الطريق الصحيح


وزير التعليم: نظام الثانوية العامة الحالى قاس على الطلاب والأسر

الجيش الأردنى يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة بالونات موجهة عن بعد

معتز وائل: ذهبية كأس العالم للخماسي الحديث نتاج مجهود عامين

الأهلى يجهز مكافأة بالدوري والمشاركة فى المونديال لـ "يحيى عطية الله"

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

المقابل المادى يحسم انضمام كارلوس فينيسوس لاعب توتنهام السابق للزمالك

الأمم المتحدة: انهيار شامل لمنظومة الغذاء فى غزة

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟

مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة

ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات العارمة فى ولاية تكساس الأمريكية لـ80 قتيلا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى