"نادرة" قصة جديدة لـ محمد عبد الرحمن

محمد عبد الرحمن
محمد عبد الرحمن
فى الصباح ذهب إلى عمله على غير هدى، فقط، لأن لديه اجتماعات مملة لا يطيق عليها صبرا، لكنه كان عليه أن يحضرها.. جلس أمام الكمبيوتر، يكتب أشياء كالتى يكتبها كل صباح، لا يعرف ما عليه فعله، سوى كتابة بضعة كلمات متناسقة، فقط لحفظ ماء الوجه.
 
مرت الساعات رتيبة كأنها أعوام، أراد أن تنتهى سريعا وكأنها أشغال شاقة، دقت الرابعة مساء، وبدأ يهيئ نفسه للخروج، رتب نفسه كى يلحق بموعد آخر مرتبط به مع آخرين، لكنها دقت معها دقات قلبه.
 
على بعد خطوات منه جلست فتاة تبدو للوهلة الأولى مثل طفلة أو ملاكً جاء لتوه من السماء، بسيطة ورقيقة ووجها يشع نورا وضياء لا يخطئ فيه ضعيف البصر، اهتز قلبه وذهب عقله، اعتقد لوهلة أن الله أرسل إليه ملاكا من السماء، ظل يختلس النظرات إليها، فى دهشة وتساؤل وبدت في داخله كأنها طقوس روحانية يقوم بها.
 
كان غريبا عليه أن تسأل فتاة رقيقة وجميلة مثلها، إنسانا خجولا مثله، لا يجيد فتح الكلام، أو ربما يحب أن يظهر كذلك، في رقة لا تخلو من البراءة مغلفة بابتسامة بسيطة مثلها تماما "ممكن حضرتك تفتح لى الجهاز"، لم تطل دهشته باغته الطلب وباغتته عيناها، وأسرع على غير هدى لفتح الجهاز.
 
ما إن هم ليكتب كلمة المرور، أوقفه صوت "جهوري" خرج كزائير فرس النهر الهائج العائم فى بحيرته بحديقة الحيوان، كان ذلك صوت مديرها وهو يطلب من زميل آخر أن يفتح لها الجهاز. لم ينتبه لكلامه ولم يستدر إليه، فقط عاد لمجلسه كما كان، لكنه شعر أن قلبه لم يعد في مكانه.
 
فجأة شعر وكأنه يحب العمل لأول مرة، وتساءل عن السبب الذي جعله يفضل العمل من المنزل كل الوقت الذى مضى، نسى حينها ميعاده وحماسه للنزول قبل قليل، ووجد نفسه يتسأل "ما الذي تفعله هنا!" وكأنه غريبا على فتاة مثلها أن تكون في مثل هذا المكان.
 
لم يكن تحدث إلى أحد خاصة في ذلك اليوم، إلا للضرورة، وكأنه نذر قضاء اليوم صوما عن الكلام، لكنه حين رآها تراقص قلبه بفرحة كفرحة المريدين لرؤية الحبيب، نظر إليها وتشجع كي يتحدث إليها، "أنتي معانا هنا!" شعر وكأن لسانه ليس الذي يتحدث، كانت دقات قلبه قد تعانقت مع بعضها، فشكلت أوتار قلبه أنغاما، خرجت ككلمات من قلبه، نطق بها جوفه، ابتسمت بسمة حانية، وكأنها نجمة بعيدة تتلألأ في سماء قاحلة فأنارت سماءه، واستطردت "أيوه أنا متدربة هنا جديدة"، ابتسم ابتسامة وبداخله أحس بنشوة النصر، شعر أخيرا أنه وصل، شعر وكأنه أمام فتاة أحلامه، وتسأل "كيف جاء هذا الملاك إلى هذا المكان".
 
كانت كلماته تتسارع مع دقات قلبه وكأنهما في سباقً مقدس، مشاعره تدفعه وكأنه في سباق، سألها عن اسمها، ردت: "نادرة" لم يكن سمع بمثل هذا الاسم من قبل، أو ربما جاءه هذا الشعور لأنه لم ير مثلها من قبل، فمثلها نادر في الوجود حقا، كانت نادرة الروح والوجه والجمال، عظيمة الدلال.. زادت دقات قلبه أسرع وتنهدت روحه، وعرف أنه "العشق".
 
كانت نادرة في حضورها، مُضيئة حينما حلت، عينيها جوهرتان تلمعان مثل الشمس، وضحكتها كنسمات الصباح في يوم صيفي حار، عنقها كمنحوتة بديعة، وجهها دائري كالبدر المنير، كلما نظر إليه كان كأنه يرى وجه ملاك، صوتها الهادئ يهدهد على أوتار قلبه، وكأنها أجراس وترانيم تدق فتنشد روحه نشيد الأناشيد.
 
لم يشعر بنفسه سوى وهو يطلب منها "الأكونت" الخاص بها على "فيس بوك" وتواعد معها أن يتحدث إليها ليلا، بحجة تقديم بعض النصائح التي قد تحتاجها متدربة مثلها في العمل، لكنه في الحقيقة لم يكن لديه أي نصيحة حتى لنفسه فى تلك اللحظة، ولكنها أحكام القلب قد أمرت، وهذه الطريقة الوحيدة كي يكون هناك فرصة للحديث.
 
كان عليه أن يترك العمل في هذا اليوم، وأن يذهب إلى موعده الذي تأخر عليه ساعتين، عاد إلى يومه، لكنه شعر أنه استرد قلبه، لم يلحظ كيف بدأت مشاعره في الاندفاع، ولكنها لم تتوقف منذ حينها، راح يذوب أكثر فأكثر، وجد نفسه يحب وكأنه لم يحب من قبل، كل مرة يراها فيها كأنه يرى فتاة لأول مرة، كل مرة يحدثها وكأنه يحب لأول مرة، نظرتها كان حلما وأنفاسها كأنها نسمات، سار فى طريقه، اختار فقط أن يحبها وبجنون، أعطته "نادرة" إحساسا لم يعشه من قبل، أعطته السلام والأمان، والعشق والشغف، فقرر أن يهب لها حياته، وأن يعاملها كملكة وجميلة للجميلات، عرفت السعادة من حينها الطريق إلى قلبه، ونسى كيف كانت الحياة  قبلها.

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تفاصيل افتتاح الرئيس السيسى المرحلة الأولى من مدينة مستقبل مصر الصناعية

فحص عقود بيع 6 فيلات بقيمة 50 مليون جنيه من نوال الدجوى إلى حفيدتيها

مها الصغير بعد طلاقها من أحمد السقا: مفيش حاجة مبهرة قد وقفة ربنا جنبك

بيراميدز يشهد حفل الكشف عن كأس دورى أبطال أفريقيا غدا

أول جلسة لمعارضة نجل محمد رمضان على حكم إيداعه فى دار رعاية 19 يونيو


الزمالك يكثف المفاوضات مع العراقى مهند على لضمه فى الصيف

قيمة ذهب نوال الدجوى المسروق بالجنيه المصرى

دقة وتقلية وبيزود "ورد".. وجبة كشرى لمستشار ترامب أثناء زيارته للقاهرة.. فيديو

الأهلي يستقر على خوض ودية لتجهيز لاعبيه قبل موقعة حسم الدوري

أمين المجلس الأعلى للجامعات: آليات لتطوير الشهادات الجامعية وتعيين المعيدين


أول تعليق لـ مها الصغير بعد إعلان السقا طلاقهما: واصبر حتى يحكم الله

الأهلي يتفوق على طرفى نهائي الدوري الأوروبي في تصنيف أندية العالم

التشكيل المتوقع لمباراة توتنهام ومان يونايتد فى نهائى الدورى الأوروبى

‎نبيل فهمى: حماس قدمت تنازلات لأمريكا ‎والكرة الآن فى ملعب واشنطن

تفاصيل رحلة بيراميدز من القاهرة إلى جنوب أفريقيا لخوض نهائي دوري الأبطال

مكتب الإعلام الحكومى بغزة: 326 وفاة و300 حالة إجهاض بسبب سوء التغذية خلال 80 يوما

سعيد الشحات يكتب : ذات يوم 21 مايو 1948.. استشهاد أول ثلاثة ضباط من الجيش المصرى على أرض فلسطين فى «دير سنيد» النقيب مصطفى كمال والرائد عز الدين الموجى والملازم أول أحمد تيسير

أحمد السقا يعلن انفصاله عن زوجته مها الصغير بعد 26 سنة زواج

داخل الكونجرس.. نائبة أمريكية تستخدم صورة "فاضحة" لكشف تعرضها لاعتداء جنسى

بعد سرقة منزل الدكتورة نوال الدجوى.. نصائح لحماية منزلك من السرقة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى