الحملة الفرنسية على مصر.. شر مستطير

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
كتب أحمد إبراهيم الشريف
لم أحب الحملة الفرنسية على مصر أبدا، ولم أر فيها ما يراه البعض، من تنوير وتحديث، وبالطبع أصحاب هذا الرأى يملكون أدلة وشواهد وبراهين تدعم وجهة نظرهم، وأنا أيضا أملك أدلة وشواهد وبراهين تجعلنى لا أرى فى هذه الحملة التى خرجت من مصر منذ مائتين وعشرين عاما سوى الاستعمار والاستعلاء الغربي.
 
أنظر إلى الحملة الفرنسية من زاويتين، الأولى أن كل ما فعله الفرنسيون من تحديث كان لأنفسهم فقط، ليعرفوا أكثر عن هذا الشعب وظروف المنطقة، ولم تكن هناك رغبة فى إفادة المجتمع المصرى، ولم يكن نابليون بونابرت مصلحا اجتماعيا أو سياسيا أو دينيا كما يحلو للبعض تصوره، بل كان رجلا ذكيا يجيد التأثير فى العقول.
 
الزاوية الثانية التى أنظر منها إلى الحملة الفرنسية هى واقع الناس فى ذلك الوقت، لقى لقى الناس الأمرين من الحملة وجنودها، كان العنف الدامى ضد الشعب المصرى ليس فى معركة إمبابة ولا ثورة القاهرة الأولى ولا الثانية فقط، بل ما حدث فى الأقاليم المصرية يدل على ذلك، وهو ما اتمنى ان يبرزه المورخون والمهتمون بالتاريخ والثقافة بوجه عام.
 
 يكفى أن نقرأ معا فى كتاب "الصليبية والجهاد.. حرب الألف سنة بين العالم الإسلامى وعالم الشمال" تأليف وليام بوليك، ترجمة وتحقيق عامر شيخونى وعماد يحيى الفرجى، وصدرت ترجمته عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
 
حاوَل نابليون أن يُقَسِّم مُعارضيه ويُفرِّقهم مثلما يَفعَل المستعمرون عادة، فكان يَعمَل مراراً ضدَّ المماليك، بينما يُعلِن تأييدَه للشعب المصرى، قال إن جَشَع المماليك هو سبب تَخريب مصر التى كانت ذات يوم أرضَ "المُدن العظيمة والقنوات العَريضة والتجارة النامية"، استَغَل ضَعفَ المجتمع المصرى بشكل لطيف وماهر باستِغلاله الفِرقَةَ بين المسلمين والأقباط، ومثلَما فَعَلَ مَن سَبقوه، فقد شَجَّعَ نفوذَ وفَخرَ الأقباط واستَخدَمهم فى جَمعِ الضرائب.
 
كان الاسلوب الثالث الذى اتَّبَعَهُ نابليون هو إرهابُ المصريين بجيشه، ومهما كان القفاز الذى لبسته الإمبريالية الفرنسية ناعماً، فقد كان يُخفى تَحتَه مَخالِبَ حادَّة، ومثلما كان البريطانيون فى الهند والهولنديون فى إندونيسيا والروس فى القوقاز والصينيون فى آسيا الوسطى، فقد كان الاحتلال الفرنسى لمصر ديكتاتورية عسكرية، لكى يَعمَل الاستعمار وتَنجَح الإمبريالية لا يمكن تَحَمُّلُ أية مقاومة حتى لو كانت هَمسَاً.
 
أُمِرَ القادةُ المصريون بارتداء الألوان الفرنسية، وكان على السكان أن يَضَعوا شريط القبعة الذى يَرمز للثورة الفرنسية، وعلى الفلاحين "أن يَرفَعوا العلَم الفرنسى وكذلك عَلَم صديقنا السلطان العثماني"، والقرى التى تُقاوم أو تَرفض أن تُقَدِّمَ ما يُطلَبُ مِنَ المؤن تُحرَق، وقد أُحرِقَ منها ما يكفى لترويع الباقين.
 
لم يَخَدِع المصريون بمظاهر حسن النيَّة الفرنسية، وسرعان ما ظَهَرَت أسباب لقتالهم، فقد هاجَمَت فِرَق من الجنود القرى التى شَكُّوا بوجود نشاط مُعاد لفرنسا فيها، وحَكَموا عليها بعقوبات كان أغلبها يَشمَل حَرْقَ التِّبن المَخزون على أَسْقُفِ منازلها فانهارَتْ وتم نَهبُ الطعام الذى جَمَعَهُ القرويون. كان هذا البرنامج مثالاً مبكراً لقَمعِ المقاومة ولم يكن موجَّهاً للمعاقبة فقط بل لمَنعِ التَّموين عمَّن تَبقَّى من المماليك والعثمانيين وقوات البدو أيضاً. وفى إحدى الهجمات دَمَّرَ الجنودُ الفرنسيون بلدةً بَلَغَ تَعدادُ سكانِها حوالى اثنى عشر ألف شخص.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

دراما مى زيادة

دراما مى زيادة الأحد، 17 أكتوبر 2021 09:09 ص

مجمع اللغة العربية

مجمع اللغة العربية السبت، 16 أكتوبر 2021 10:12 ص

الإمام الحسين الرجل الطيب

الإمام الحسين الرجل الطيب الثلاثاء، 12 أكتوبر 2021 09:06 ص

طومان باى.. تاريخ خلدته المقاومة

طومان باى.. تاريخ خلدته المقاومة الإثنين، 11 أكتوبر 2021 09:13 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

صاحبة دعوى تعويض ضد الزمالك: تلقيت 1000 مكالمة سب وتنمر عقب نشر إعلان الدباغ

خست 16 كيلو.. طفلة فلسطينية تحول جسدها لهيكل عظمى ووالدتها تناشد بسرعة علاجها

أورلاندو بلوم يُلمّح لعودته في الجزء السادس من "قراصنة الكاريبي"

رفض إسرائيل يصل ملاعب بريطانيا.. لاعبو البارالمبياد يديرون ظهورهم أثناء النشيد

محمد صلاح ضمن أفضل هدافى القرن الحادى والعشرين عالميًا.. ميسي يتصدر


سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

مصدر ينفي شائعات استعداد أنجلينا جولي لنشر مذكرات تكشف أسرار حياتها

سقوط أوراق التين رواية تبحث عن مواجهة الشر.. مينا عادل جيد: لا أخشى الموضوعات الشائكة.. وطيف "دون كيخوته" ملمح أساسي في أعمالي.. صغت لغة أقرب للترجمات عن القبطيّة للعربية.. وفكرتي هي خلق النظام في وجه الفوضى

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج

الشحات ينافس عمر كمال على خلافة محمد هانى في تشكيل الأهلى أمام المحلة


داكوتا جونسون.. كيف جمعت نجمة Fifty Shades of Grey ثروتها بعيدا عن التمثيل؟

جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى

فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى

طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

6 لقاءات قوية فى ختام الجولة الأولى لدورى المحترفين

مروان حمدى يبدأ اليوم التأهيل للعودة لتدريبات الإسماعيلى

برامج التعليم المميزة طريقك لسوق العمل.. علوم عين شمس تنفرد بـ7 برامج جديدة بنظام الساعات المعتمدة.. برامج جيوفيزياء البترول والتكنولوچيا الحيوية التطبيقية وعلوم النانو وكيمياء البترول والغاز الأبرز

تفاصيل رسالة ريبيرو لنجوم الأهلي بعد "هوجة" الغيابات فى مباراة غزل المحلة

وزيرا خارجية إيران وروسيا يبحثان هاتفيا تطورات "الملف النووي"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى