سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 31 أكتوبر 1973.. جثمان عميد الأدب العربى طه حسين يخرج من جامعة القاهرة ملفوفا بعلم مصر يحمله طلاب يرتدون زى المقاومة.. والجنازة الرسمية تتحول إلى شعبية

توجه وزير الثقافة يوسف السباعى، والدكتور صوفى أبوطالب «وكيل جامعة القاهرة» إلى «رامتان» منزل الدكتور طه حسين عميد الأدب العربى، الذى خلا بموت صاحبه يوم 28 أكتوبر 1973، لبحث تنظيم جنازة الفقيد، حسبما يذكر الدكتور محمد حسن الزيات، زوج ابنة طه حسين فى كتابه «ما بعد الأيام».
 
جاءت الزيارة بعد ساعات من عودة «الزيات» إلى القاهرة من نيويورك، حيث كان يرأس وفد مصر فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتباره وزيرا لخارجية مصر، وفور عودته قرر الرئيس السادات تعيينه مستشارا لرئيس الجمهورية، وتعيين إسماعيل فهمى وزيرا للخارجية، وفقا لجريدة «الأهرام»، 1 نوفمبر 1973.
 
يذكر «الزيات»: «كان السباعى يرى أن يبدأ تشييع الجنازة من جامع عمر مكرم، حيث توجد الجماهير التى يمكن أن تشارك، ولكننى كنت أفضل أن يبدأ تشييع الجنازة من بيت طه حسين الذى أحبه، من جامعة القاهرة»، يضيف: «تجمع المشيعون يوم 31 أكتوبر، 1973 فى قاعة الاحتفالات الكبرى فى جامعة القاهرة، فتمتلئ بجموعهم، فليس فيها - كما يقال - موضع لقدم، ويتحرك موكب الجنازة، يتقدمهم نائبا رئيس الجمهورية، حسين الشافعى، والدكتور محمود فوزى، ومؤنس طه حسين، الذى عاد من باريس رغم صعوبة المواصلات، وإلى جانبهم ومن خلفهم رجال الدولة وممثلو الدول الأجنبية، وأساتذة الجامعات المصرية وغيرهم، ورجال القلم والإعلام، والطلاب من تلاميذه ومريديه».
 
كان مقررا أن تكون الجنازة رسمية، لكنها تحولت إلى وداع شعبى شارك فيه مئات من أبناء الشعب الذين وقفوا على جانبى الطريق، الذى كان مقررا أن يمر به موكب «العميد» من تحت قبة جامعة القاهرة حتى مسجد صلاح الدين بالمنيل مارا بكوبرى الجامعة، وفقا لجريدة الأهرام، 1 نوفمبر 1973، تضيف «الأهرام» فى وصفها للحدث: «وقفوا ليدعوا المفكر الأديب أول من نادى بأن يكون العلم حقا مشاعا للجميع كالماء والهواء، تحرك موكب الجنازة الساعة الحادية عشرة والربع صباحا، خارجا من قاعة الاحتفالات، وكان يحمل الجثمان ملفوفا بعلم مصر طلبة الجامعة يرتدون زى المقاومة الشعبية، وسار خلفه كبار الشخصيات المصرية، بينهم نائبا رئيس الجمهورية ووزراء مصريون وعرب، بينهم من كانوا تلاميذ الفقيد، وأساتذة الجامعات ومديروها وبعض السفراء العرب والأجانب، وكان يتقدم الجثمان أكثر من 100 باقة من الورود والأوسمة والنياشين التى أهدتها مصر وبعض الدول والجامعات الأجنبية لعميد الأدب، ونسيت الجماهير نفسها فأحاطت بالفقيد الراحل، وساروا مع المشيعين وهم يكبرون باسم الله ووحدانيته».
 
تتابع «الأهرام»: «امتدت على باب قاعة الاحتفالات التى لم تسع الذين جاءوا لتشييع عميدهم لافتة كتبت عليها العبارة التى قالها توفيق الحكيم فى وداعه «فارقت روحه الحياة بعد أن فارق اليأس روح مصر»، وكان الباب الخارجى للجامعة مكتوبا عليه: «التزمت بتراب مصر حتى عشت أيام انتصاره».
 
يؤكد «الزيات» أن ألوفا وقفوا أمام المسجد للصلاة على الجثمان، وفى عيونهم وعيوننا دموع لا يخجل منها الرجال، ويلتقط حوارا بين رجل وابنه من الحاضرين قائلا: «يقول رجل من جمهور الواقفين لابنه الشاب، وكلاهما يبكيان: أنت - يا بنى - تبكى طه حسين لأنك تعلمت منه، وقرأت له، وسمعت أحاديثه فى الإذاعة، أنا يا بنى لم أتعلم من طه حسين، ولم أقرأ كتبه ولم أسمعه يتحدث فى الإذاعة إلا نادرا ومصادفة، ولكنى أبكيه - يا بنى - لأنه هو الذى مكننى منذ ثلاثة وعشرين عاما من تعليمك، وهذا أنت حققت لنفسك ولأسرتك من الثقافة والكرامة والخير ما حققت، أبكيه -يا بنى- لأن الله تعالى أكرمه بالعلم فلم ينس الجاهلين، وأغناه فلم ينس المعوزين، وأسعده فلم ينس من فى الأرض من المعذبين». 
 
كانت الكاتبة والأديبة الدكتورة لطيفة الزيات ممن شاركوا فى الجنازة، تتذكر ما طاف بها وقتها، قائلة فى مذكراتها «أوراق شخصية»: «شعرت أنى أشيع عصرا لا رجلا، عصر العلمانيين الذين جرأوا على مساءلة كل شىء، عصر المفكرين الذين عاشوا ما يقولون وأملوا إرادة الإنسان حرة، على إرادة كل ألوان القهر..اعترانى الوجوم، وعذبنى الشعور بنهائية الأشياء، وارتفع صوت الطلبة على كوبرى الجامعة أثناء مرور الجنازة يتردد نشيد بلادى بلادى، وملت على زميلة أتلمس عونا أعرف مقدما أنى لن ألقاه: ماذا يعنى طه حسين لشاب أوشابة فى العشرين؟ وهزت زميلتى كتفها فى أسف: لا شىء، لاشىء على الإطلاق، وأضافت: ربما «الأيام» للقلة، وللقلة فقط..وهزنى شجن النهائية ونشيد «بلادى، بلادى» تنقلب على ألسنة الطلبة بأن: «لا إله إلا الله»، والكوبرى المزدحم بالمئات يبدو ظهرا كصحراء مهجورة تردد صوت استغاثة لا يستجيب لها أحد».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

وصول جثمان شقيقة عادل إمام لمسجد الشرطة ومحمد ورامى إمام أبرز الحضور

شيكابالا ينشر تفاصيل تكريمه من رابطة الزمالك فى قطر.. فيديو

الأرصاد تحذر: سحب ممطرة على هذه المحافظات وتوقعات بأمطار غزيرة

تاجر فواكه مسلم أشاد به ترامب.. من هو أحمد الأحمد الذي تصدي لهجوم سيدني؟


باب الالتماسات يعيد الفرصة لطلاب لم يحالفهم الحظ فى القبول بكلية الشرطة

الزمالك: لن نمانع رحيل عدي الدباغ فى انتقالات يناير

التشكيل المتوقع لمنتخب مصر أمام نيجيريا.. الشناوي في حراسة المرمى

الأهلي يوافق على انتقال شكري وبيكهام وكمال لصفوف سيراميكا في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. مان يونايتد ضد بورنموث ونصف نهائي كأس العرب 2025


اعرف الرابط الرسمى للتقديم على وظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024

4 يناير بدء امتحان نصف العام فى المواد غير المضافة و10 للمواد للأساسية

الأهلى يدرس غلق ملف تمديد تعاقد أليو ديانج.. اعرف التفاصيل

الطقس اليوم.. أجواء باردة وأمطار وشبورة والصغرى بالقاهرة 13 درجة

عيد ميلاد إنعام سالوسة ومسيرة 60 عاما.. من الأكورديون إلى ليالى الحلمية

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

تحريات لكشف غموض العثور على جثة سيدة في الجيزة

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى الجولة الثانية بكأس عاصمة مصر

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى