سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 25 نوفمبر 1875.. الخديو إسماعيل يبيع أسهم مصر فى قناة السويس لبريطانيا ورئيس حكومتها يحقق غرامهُ بجعلها مفتاح إمبراطورية لا تغرب عنها الشمس

الخديو إسماعيل
الخديو إسماعيل
سعيد الشحات
تلقى قنصل إنجلترا فى مصر الجنرال «سنانتون» برقية من حكومته صباح الثلاثاء 16 نوفمبر 1875 نصها: «علمت حكومة جلالة الملكة أن نقابة من الماليين الفرنسيين عرضت على الخديو «إسماعيل» شراء أسهمه فى قناة السويس، وأن الصعوبات المالية التى تكتنف سموه تجعل قبوله فى حيز الإمكان، فالمرجو التحقق من صحة هذا النبأ»، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الحفناوى فى الجزء الأول من كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة».
 
جاءت هذه البرقية فى ظرف يشرحه الحفناوى، قائلا: «كانت مصر على شفا الإفلاس، ورهنت مواردها موردا وراء آخر فى سبيل القروض المتلاحقة وفوائدها الربوية الفاحشة، وكان عليها أن توفى فى ديسمبر 1875 مبالغ طائلة مستحقة السداد، ولم يبق أمام إسماعيل إلا أن يرهن أسهم مصر فى قناة السويس، وعددها وقتئذ 176 ألفا و603 أسهم، فحاول أن يرهنها فى فرنسا بقرض جديد مقداره أربعة ملايين جنيه، وطلب المرابون فائدة 18% بشرط ألا يقرضوه أكثر من خمسين مليون فرنك، وبشرط حصولهم على موافقة الحكومة الفرنسية التى لم تكن ترحب بمثل هذا القرض.
 
 يشير «الحفناوى» إلى صراع فرنسا وبريطانيا حول شراء أسهم مصر، وفيما كان «ديلسيبس» لا يقلع أبدا عن تفكيره فى سلب مصر الأسهم التى تملكها فى شركة قناة السويس، كان رئيس وزراء بريطانيا اليهودى «دزرائيلى»، مغرما بالقناة، وأراد أن يجعل منها مفتاح امبراطورية لا تغرب عنها الشمس، ولذلك قرر أن تشترى حكومة إنجلترا شركة قناة السويس بأسرها.
 
يذكر الحفناوى، أن مفاوضات «إسماعيل» مع الفرنسيين للحصول على قرض تطورت إلى بيع للأسهم، ورحب وزير ماليته إسماعيل صديق المفتش بذلك، وقبل الخديو البيع بمقابل 92 مليون فرنك، وظلت هذه المفاوضات فى طى الكتمان، إلى أن علم رئيس وزراء بريطانيا بها، فأرسل برقيته إلى قنصله فى مصر للتحقق.
 
توجه القنصل إلى نوبار باشا وزير خارجية إسماعيل وصديق بريطانيا فى مصر ليسأله فى الأمر.. يذكر الحفناوى: «أفضى نوبار بالتفاصيل، وأنبه القنصل لأن بريطانيا ظلت حتى هذا الوقت لا تعرف تفاصيل تلك الصفقة، وطلب «سانتون» من إسماعيل المفتش ونوبار وقف المفاوضات مع البيوت المالية الفرنسية، حتى يقف على رأى حكومته، فوعد نوبار بوقفها ثمان وأربعين ساعة، وحصل القنصل فى نفس اليوم على تأكيد من الخديو نفسه بأن المفاوضات ستتوقف، وفى الساعة الثامنة من مساء 18 نوفمبر 1875 أبرقت وزارة الخارجية البريطانية إلى قنصل إنجلترا بالقاهرة طالبة إليه أن يبلغ الخديو قبول حكومته شراء الأسهم بشروط معقولة، واتصل بالخديو على الفور، لكن الخديو اعتذر عن البيع قائلا، إنه يريد تحويل الديون السائرة، إلى ثابتة، ولذلك فإنه مضطر لتقديم الأسهم كضمان لهذا التحويل، وإذا كان ولا بد من البيع فإنه سيعطى الأفضلية للحكومة الإنجليزية».
 
لم يصمد اعتذار الخديو عن قبول بيع الأسهم طويلا.. يؤكد «الحفناوى»، أن الأيام التالية اشتدت سوءا، واستحال رهن الأسهم، وصار القبول ببيعها حتميا، فأبرق قنصل إنجلترا بذلك إلى حكومته يوم 23 نوفمبر 1875، وبأن الخديو قبل بيع 177 ألفا و642 سهما مقابل مائة مليون فرنك (أربعة ملايين من الجنيهات)، فجاء الرد فى نفس اليوم ببرقية شفرية تفيد قبول الحكومة الإنجليزية، وأن بنك «روتشلد» بلندن تعهد بأداء الثمن للخديو فورا، وتمت الصفقة، وتحرر العقد ووقعه «إسماعيل صديق المفتش» نائبا عن الحكومة المصرية، والجنرال «سنانتون» القنصل البريطانى نائبا عن حكومة بلاده يوم 25 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1875.
 
كان مجلس العموم البريطانى فى عطلة، وما كان يمكن عرض الأمر عليه، وفقا للحفناوى، مضيفا: «بل أكثر من ذلك أبرم دزرائيلى الصفقة قبل أن يرجع إلى مجلس الوزراء مجتمعا إذ توجه إلى بيت روتشلد بلندن، وطلب المبلغ ولما قال له روتشلد ماهو الضمان، أجابه دزرائيلى: «الضمان الذى أعطيه لك هو كلمة الوزير الأول فى إنجلترا»، وحصل «روتشلد» على سمسرة قدرها 2.5% من الثمن، تعهدت الحكومة الإنجليزية بدفعها، علاوة على فائدة 5% سنويا، تحتسب له من يوم أدائه الثمن للحكومة المصرية إلى أن يتسلمه من الحكومة الإنجليزية، وفى 27 نوفمبر 1875 عرض «دزرائيلى» أمر الصفقة على مجلس الوزراء، وحصل على موافقته بعد أن وضعه أمام الأمر الواقع».
 
يذكر «الحفناوى» أنه قبل إبرام العقد تبين أن الأسهم لم تكن 177 ألفا و642 سهما، بل كانت 176 ألفا و603، ولذلك سوى حساب الثمن بعد استبعاد قيمة ألف و40 سهما ناقصة، فصار الثمن 3 ملايين و976 ألفا و582 جنيها إنجليزيا، واتفق على أن يدفع من الثمن 25 مليون فرنك فى أول ديسمبر، ويسدد الباقى فى خلال شهرى ديسمبر ويناير.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

الأكثر قراءة

جمارك الطرود البريدية بالقاهره تضبط محاولة تهريب أقراص مخدرة داخل سماعة صب

واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟

كل ما تريد معرفته عن غيابات الأهلي في مباراة غزل المحلة بالدوري

تحت ستار تبرعات للخير.. القبض على "حازم" وبحوزته مخدارت بـ30 مليون جنيه بقنا

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة


مران الأهلي.. ريبيرو يعقد محاضرة للاعبين.. وفقرات متنوعة استعدادا للمحلة

الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة

كوكا يغيب عن افتتاح الدوري السعودي لأسباب غير فنية.. تعرف عليها

وزير الدفاع الإسرائيلى: قريبا سنفتح أبواب الجحيم على حماس فى غزة

البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع


الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

بريطانيا تستدعى سفيرة إسرائيل للاحتجاج على خطة الاستيطان فى الضفة الغربية

ترامب يوزع بيتزا وبرجر على "قوات فيدرالية" فى شوارع واشنطن.. فيديو

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

سجلات 55 مليون أجنبى حصلوا على تأشيرات الدخول لأمريكا قيد المراجعة

اليوم.. ويجز يحيي حفلا غنائيا ضخما بمهرجان العلمين الجديدة

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

"حب يا حب و قاعدة وبتفرج".. أغنيتان جديدتان لهيفاء وهبي من ألحان بلال سرور

"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها".. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد مصر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى