"الفهلوة" فى زمن السوشيال ميديا

أحمد التايب
أحمد التايب
أحمد التايب
فى ظل سيطرة عالم السوشيال ميديا وتأثيراته على الحياة العامة للأفراد، تعاظمت وكثرت الشخصيات الفهلوية التي لا تمتلك أى إمكانيات حقيقية إنما تعتمد على إقناع الأخرين بالمعرفة والعلم والثقافة والقدرة والمصداقية، وهى في الأصل أسلوب حياتها قائم على خطف كلمة من هنا وجملة من هناك أو حفظ معلومة عابرة أو التقاط صورة مع مسئول أو رمز من رموز المجتمع، أو الاحتفاظ بشهادة تكريم من هنا أو هناك، وتحاول تسويق ذلك خلال تعاملاتها اليومية، ومجرد أن تنجح في كسب أرضية أو استمالة أحد أو التأثير في موقف تبدأ على الفور باستغلال هذا وتوظفه لصالحها وللترويج لنفسها ثقافيا ومعرفيا واجتماعيا بل تصنع منه مهنة دون دراسة.
 
ومكمن الخطورة بشأن انتشار ظاهرة "الفهلوة"، أنها أصبحت لها صدى كبير في ظل هذه الحياة العصرية والحداثة، وخاصة أنه أصبح بإمكان أى شخص أن يقوم بعمل صفحة أو حساب على إحدى المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعى، ويوظف تلك القدرات المزيفة لجلب المتابعين والرواد، ليصل به الحال في النهاية أنه يصدق نفسه، ويزداد حلمه، ويعلو سقف طموحه، فيبدأ فى ممارسة  قواعد "الفهلوة" على السوشيال ميديا التى ترحب به وتحجز له مقعدا وتضمن له انتشارا واسعا ورواجا.
 
وتزداد تلك الخطورة، عندما ينتقل الشخص "الفهلوى" من العالم الافتراضى إلى العالم الواقعى، بعدما ينجح في إقناع دوائره الوظيفية أو المعيشية على أرض الواقع، فيكون شبكة علاقات وتربيطات اجتماعية تكفل "للفهلوة" عملها، وتؤسس المناخ المناسب لازدهارها، فنجد أنفسنا أمام أشخاص يمارسون مهن دون تخصص أو مؤسسية أو دراسة أو حتى تعلم، وأمام أشخاص أصبحوا محل ثقة وتقدير بين الناس، يستشارون في أمور جسام، وكأنهم علماء وخبراء وحكماء، ويُصفون بالقيادات الطبيعية.
 
ولم تقتصر "الفهلوة" على الثقافة والمعرفة فحسب، إنما امتدت في ظل "السوشيال ميديا" ورواج  التجارة الإلكترونية والتعامل أون لاين، إلى خلق أدوات عصرية جديدة من نوعها في عالم التسويق، لنصل إلى أن أصبح هناك أشخاص بل مؤسسات تؤسس لصناعة  أو تسوق لبضاعة وهمية من خلال التركيز على استيراد أى شىء وترويج أى بضاعة، متخذة كافة أساليب وأدوات الإقناع لحين تحقيق المطلوب والغرض.
 
بل أن "الفهلوة" امتدت إلى أبعد من ذلك وأخطر، فلم يكتف أصحابها بالثقافة الزائفة أو التسويق الوهمى، إنما اخترقوا "الصحة" فوجدنا منهم من يمارس الطب وهو ليس بطبيب معتمدا على خبرات وهمية، ومستعلا للضعف الإنسانى والثقافى للبعض، والخطورة أنها تسللت إلى مهن المصداقية دستورها، مثل "الصحافة" فكم من منتحل صفة صحفى وخاصة في الأقاليم والضواحى؟ والإجابة كُثر، لأن كل ما هو مطلوب من هؤلاء المنتحلين، هو عمل صفحة على إحدى المواقع التواصل ومقابلة مسئول والتقاط صورة معه، واستخدام كلمة من هنا، وكلمة من هناك، ولى وقفة هنا بخصوص انتحال مهنة الصحفى باعتبارها مهنتى وتخصصى، فأعتقد أن المسئول الأول عن هذا الاتساع ومساعدة هؤلاء المنتحلين، هم بعض القيادات والرموز أنفسهم، لأن سماح المسئول أيا كان منصبه بالتعامل مع شخص غير ممتهن للمهنة ولا صاحب اختصاص هو بمثابة توثيق وختم شعار لهذا المنتحل أمام العامة من الناس، فينبهرون به وينخدعون فيه بل يشجع أخرين أن يحذوا حذوه، وينضمون إلى طابور "الفهلوة".
 
وأخيرا، علينا اليقظة والانتباه تجاه اتساع ظاهرة "الفهلوة" في ظل الانفتاح الكبير الحادث الآن على عوالم عديدة ومتسعة، تسهل السطو المريح على آراء وأفكار الآخرين، وتزيد من انتشار "المثقف الفهلوى" ومساعدته في خداع الناس، خاصة في ظل التساهل في تقدير الكفاءات وتقييم الأشخاص وفقا لمعايير قائمة على التخصص والمصداقية..
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيدة مُسنة تحاصرها مياه الفيضانات فى أسفى بالمغرب.. فيديو

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

محاميه طلب البراءة.. الجنايات تكشف سبب عقوبة المعتدى على الطفل ياسين؟

تعرف على آخر تفاصيل عرض الأهلى لضم حامد حمدان

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال


عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

هل سنرى أحمد السقا عريسا فى 2026؟.. النجم الكبير يجيب.. صور


تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية فى البروفة الأخيرة لأمم أفريقيا

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى