سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 3 نوفمبر 1948. علامات استفهام على سفر سيد قطب إلى أمريكا فى بعثة لوزارة المعارف و«شفيق غربال»: «وفرناها لتتسع نظرته لكنه غير وفى وناكر للجميل»

سيد قطب
سيد قطب
يتذكر الناقد وأستاذ الأدب العربى، الدكتور الطاهر أحمد مكى، أنه كان يدرس التاريخ العام فى معهد الدراسات العربية بالقاهرة عام 1952، وكان المؤرخ محمد شفيق غربال يقوم بالتدريس فيه، وأثناء ذلك، شن سيد قطب حملة صحفية فى مجلة روزاليوسف على قادة وزارة المعارف «التعليم»، يتهمهم بأنهم «كانوا يدورون عمليا فى فلك الغرب، وزيفوا التاريخ مجاملة للعائلة المالكة».
 
كان الهجوم بعد شهور من قيام ثورة 23 يوليو 1952، وحسب «مكى»: «كان يحمل إشارة صريحة إلى «غربال»، ويضيف فى «سيد قطب وثلاث رسائل لم تنشر» بمجلة «الهلال - القاهرة - أكتوبر 1986»، أنه أمام هجوم «قطب» الضارى، اضطر «غربال» للدفاع عن نفسه فى محاضرة بالمعهد، فقال: «آسف لأنه غير وفى وناكر للجميل.. توسمت فيه أنا وإسماعيل القبانى - المستشار الفنى لوزارة المعارف - الخير والنفع، فوفرنا له بعثة غير عادية، ليتصل بالحضارة الغربية، وتقع عينيه على ما فى العالم الجديد، فيعمق فكره وتتسع نظرته، فلم يكمل البعثة، وها هو الآن يشتمنا».
 
وصل «قطب» أمريكا يوم 3 نوفمبر- مثل هذا اليوم - 1948، لدراسة «التربية وأصول وضع المناهج»، وإذا كانت هذه البعثة «حدثا استثنائيا فى حياة قطب»، حسبما يرى «شريف يونس» فى كتابه «سيد قطب والأصولية الإسلامية»، فإنها تحولت لاستفهامات لدى الجميع، ووفقا لمكى، فإنه أول ما يلفت النظر فيها أنها جاءت فجائية وشخصية، فلم يعلن عنها مسبقا، ليتقدم لها من يرى نفسه كفئا، وسيد قطب كان حينها تجاوز بكثير السن التى تشترطها إدارة البعثات، وعند تخصيصها له انتقل مراقبا مساعدا بمكتب الوزير.. ويتساءل: من الذى أوحى أو فكر فيها؟ أو دفعه إليها، وماذا كانت الغاية المحقة من ورائها بعيدا عن الظاهر غير المقنع؟
 
أهمية هذه الأسئلة أنها تبحث أسرار التحولات فى حياة مؤسس الفكر الإرهابى والتكفيرى فى منطقتنا، والمسؤول عن دماء الأبرياء التى تسيل على أيدى الإرهابيين، ويرى حلمى النمنم فى كتابه «بعثة سيد قطب - الوثائق الرسمية»، أنه على حسب رؤية وأيديولوجية كل تيار ومفكر، حاول مثقفون إيجاد التفسير، فمحمد قطب شقيقه الأضغر قدم تفسيرا غريبا ودعائيا، ولا يستند على حقائق، حيث يرى أن الملك فاروق أصدر أمرا مليا باعتقال سيد بعد مقالات نارية، هاجم فيها الملك والحاشية، إلا أن الملك حاول إصلاح هذا الخطأ، بعد أن أصدر الأمر، ومن هنا جاءت فكرة البعثة اللغز.. ويرى الدكتور مكى أنها كانت «وليد تخطيط أمريكى خفى بعيدا عن سيد قطب بداهة ولم يعرفه أكيد»، ويرى أحمد عباس صالح فى مجلة الكاتب - سبتمبر 1965»: «سيد قطب لفت أنظار الاستعمار منذ وقت مبكر بكتاباته المناوئة للاشتراكية، بدعوى أن الإسلام والاشتراكية متناقضان، فدعى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأمضى أكثر من عام، عاد بعده لينشر كتابا مليئا بالمغالطات ضد العدل الاجتماعى، والفكرة الاشتراكية تحت ستار الدعوة الإسلامية».
 
يكشف «النمنم» أن هذه المنحة كانت لثلاثة وسافروا هم، سيد قطب، والدكتور عباس عمار الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول، ومحمد عبدالسلام مدير قسم التوجيه التعليمى والمهنى بالوزارة، وذلك بعد مذكرة مرفوعة من إسماعيل القبانى إلى وزير المعارف، الدكتور عبدالرازق السنهورى، للموافقة على البعثة، التى تهدف إعادة تنظيم المراقبة العامة للبحوث الفنية والمشروعات بالوزارة، وإعداد خبراء متخصصين فى البحث الفنى فى مسائل التعليم.
 
يتتبع «النمنم» خطوات السفر، مؤكدا أن عقبات صادفتها، حيث تبين ضعف نظره مع وجود «تراكوما بالعين»، وهو مرض يحرمه من السفر، وقررته اللجنة الطبية فى 11 أكتوبر 1947، لكن القبانى والوزير استجابا لرجائه بإعفائه من شرط النجاح فى النظر، وتيسير السفر فى موعد مناسب قبل حلول الصيف، وتم أخذ موافقة لجنة البعثات بالتمريرعلى إعفائه من شرط القبول الطبى، ووحده حامد بك العبد ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية الذى رفض، وسجل رفضه مكتوبا.
 
سافر «قطب» فى سبتمبر 1948 بالباخرة، ووصل أمريكا يوم 3 نوفمبر، ويذكر «النمنم» أن البعثة كان مدتها 15 شهرا، تمت زيادتها إلى 17 شهرا، وعاد بالباخرة نظرا لحالته الصحية، التى كانت تمنعه من ركوب الطائرات، بل تفرض عليه أن يستريح عدة أيام فى المدينة التى يمر بها، وهو ما حدث، واستجاب رئيس البعثة لطلبه هذا، بعد اتصال تليفونى مع وزير المعارف، الدكتور طه حسين، الذى وافق، بل طلب أن يزور المراكز التربوية فى كل عاصمة يمر بها، ومنها لندن وباريس وروما وجنيف، ليزداد خبرة ومعرفة، وطلب هو زيادة بدل السفر، المقررة له عن كل ليلة بهذه العواصم.
 
اشترطت البعثة أن يلتزم بخدمة الوزارة أو الجامعة، التابع لها مدة سبع سنوات من عودته، وإذا تركها أو فصل لأسباب تأديبية أو أخل بالمتفق عليه، يرد جميع ما أنفقته الحكومة عليه فى البعثة، وفى 18 أكتوبر 1952 استقال من الوزارة، وانقطع عن العمل، ولم يرد شيئا بل أعفاه مجلس الوزراء من التسديد.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تفاصيل رقم قياسى للأهلى فى ذكرى التتويج باللقب الأفريقى الثانى

هل يشترط امتلاك توكتوك للتقديم فى منظومة الإحلال والحصول على السيارة الكيوت؟

أتلتيكو مدريد ضيفا على بالياريس فى كأس الملك بحثا عن النجمة الـ11

موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس القارات للأندية

مقتل أستاذ طاقة نووية أمريكى قرب بوسطن بطلق نارى


أوروبا على حافة موسم أعياد مظلم.. كريسماس بلا ضحكات.. إنفلونزا K تخرج عن السيطرة.. الأسعار تحطم طقوس الكريسماس.. المطارات مشلولة بالإضرابات.. وتهديدات إرهابية تحول من احتفال منتظر لكابوس جماعى يطارد الملايين

مواعيد إجازة نصف العام 2026 لصفوف النقل والثانوية والإعدادية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى كأس عاصمة مصر والقنوات الناقلة

مصدر مقرب من أحمد حمدى يكشف كواليس أزمته مع أحمد عبد الرؤوف

عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور


شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025

أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

منتخب مصر يهزم نيجيريا 2 - 1 فى البروفة الأخيرة قبل أمم أفريقيا.. صور

تعرف على أصوات محمد صلاح وحسام حسن فى جائزة ذا بيست

التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى