مجمع "بنبان".. مصر تقتحم زمن "البيئوقراطية"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

حالة من "التوهج" تشهدها الدولة المصرية فى المرحلة الراهنة، مع افتتاح العديد من المشروعات التنموية، والتى تهدف فى الأساس إلى تحقيق التنمية الاقتصادية، خاصة مع الاهتمام بالجانب الشمولي، عبر التمدد إلى صعيد مصر الذى عانى إهمالا جسيما لسنوات، أو التركيز على الاستدامة، وهو ما يبدو فى الاهتمام بالبعد البيئي، وهو ما يعكس الرؤية التى تتبناها "الجمهورية الجديدة"، فيما يتعلق بالعمل على كافة المسارات فى آن واحد، لتعويض حالة التقصير التى شهدتها مختلف القطاعات لعقود طويلة من الزمن، ناهيك عن العمل الجاد لمواكبة متطلبات عالمية، تتزامن مع حالة "مخاض" يشهدها المجتمع الدولي، تسعى فيها القوى المتنافسة إلى فرض رؤيتها، وتعميم نماذجها الاقتصادية، والسياسية، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب فى إطار معاركهم معا.

ولعل مجمع "بنبان" لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، والذى افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى أسوان، يمثل ترجمة حقيقية، للنهج الذى تتبناه الدولة المصرية فى إدارتها لعملية التنمية، فالأمر ليس مجرد قائمة من المشروعات، يتم تنفيذها لسردها والتباهى بها، وإنما يمثل خطة مدروسة جيدا، لا تقتصر فى نطاقها على مجرد تحقيق أرقام إيجابية، فيما يتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي، أو حتى عدد المشروعات المنجزة فى غضون وقت قياسي، ولكنها تمتد إلى الوفاء بمعطيات "عالم جديد"، ربما لن تحكمه السياسة، بالقدر الذى سوف تسيطر فيه عليه أزمات جديدة، وغير تقليدية، ربما تضع الدول والحكومات فى صراع مختلف عن تلك الصراعات التى شهدها العالم، سواء إبان الحروب العالمية (الأولى والثانية)، أو خلال الحرب الباردة (بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى)، أو بعد ذلك فى عهد الأحادية القطبية، والهيمنة الأمريكية الكاملة على العالم، فى إطار ما يمكننا تسميته بـ"الصراع مع الطبيعة".

إطلاق مجمع "بنبان" بإمكاناته الهائلة فى توليد الطاقة الكهربائية، وموقعه فى صعيد مصر، يمثل أهمية تنموية كبيرة، فى إطار التحرك المصرى الصريح نحو تحقيق "التنمية المستدامة"، إلا أنه فى الوقت نفسه يعد بمثابة تقديم "أوراق اعتماد" الدولة المصرية، فى إطار النظام الدولى الجديد، القائم على ما سبق وأن أسميته فى مقال سابق بـ"البيئوقراطية العالمية"، حيث ستهيمن الأوضاع البيئية، فى ظل أزمة التغيرات المناخية على القرارات الدولية، قد تعيد توجيه بوصلة العديد من المنظمات الدولية والإقليمية، نحو مزيد من الاهتمام بالقضايا المرتبطة بحياة الإنسان مباشرة بعيدا عن السياسة والتسييس، وذلك على غرار مفهوم الديمقراطية، الذى انطلق فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وظهور أمريكا كقوى دولية بارزة، ليكون أحد أهم الأدوات التى اعتمدتها واشنطن فى قيادتها للعالم.

ولكن يبقى العمل الدولى "الجماعي" بلا جدوى إذا غابت عنه استجابة حقيقية من قبل الدول أعضاء المجتمع الدولي، حيث تبقى الحاجة ملحة إلى العمل الجاد على تقليص الانبعاثات الكربونية، وتبنى المشروعات التى يمكن من خلالها تحقيق التنمية الحقيقية عبر استخدام الطاقة النظيفة، على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه وغيرها، بعيدا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة تخصيص مساحات خضراء، مما يساهم فى مجابهة تحد صارخ، لن يواجه دولة بعينها، وإنما يمثل تهديدا للكوكب بأسره، وبالتالى لابد من مجابهته بنهج قائم على التعاون بين دول العالم.

توقيت إطلاق المجمع العالمي، يمثل فى ذاته أهمية كبيرة، حيث يأتى قبل شهور قليلة من استضافة مصر لقمة المناخ، وهو ما يعكس إدراكا دوليا عميقا بالاهتمام الذى توليه الدولة المصرية، لهذه القضية، حيث باتت هذه القمة تحمل أهمية كبيرة، على الأجندة الدولية، لا تقل بأى حال من الأحوال، عن الاجتماعات الدولية الكبرى، التى يتم تخصيصها لمناقشة الصراعات "التقليدية" بين الدول، حيث يبقى "الصراع مع الطبيعة"، التحدى الأشرس والأكبر، وهو ما بدا بالاهتمام الكبير بمؤتمر جلاسجو الذى عقد مؤخرا، والذى شهد زخما دوليا كبيرا فى ظل ظهور بعض التداعيات لأزمة التغيرات المناخية فى العديد من دول العالم.

وهنا تتجلى أهمية "بنبان"، إلى جانب أهدافه التنموية الكبيرة والعظيمة، حيث يقدم نموذجا مهما للكيفية التى يمكن العمل بها لتحقيق أكبر قدر من التنمية، مع الالتزام بمعطيات الواقع العالمى الجديد، فى ظل تحديات تبدو صعبة ومختلفة، فى المرحلة الراهنة، كما أنه يقدم رسالة إلى العالم، قبل استضافة قمة المناخ فى العالم المقبل، مفادها أن مصر لديها تجربة ثرية يمكن تعميمها والاستفادة بها من أجل حماية هذا الكوكب.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

4 علامات خفية لانخفاض السكر في الدم

4 علامات خفية لانخفاض السكر في الدم الجمعة، 12 سبتمبر 2025 07:00 ص

الأكثر قراءة

تفوق على هالاند.. محمد صلاح يتصدر قائمة استثنائية في الدوري الإنجليزي

وزارة الأوقاف تفتتح 10 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله

اتحاد جدة يطارد الفوز الثاني على التوالي أمام الفتح بالدوري السعودي

أساطير لعبة الملوك.. ديوكوفيتش يتصدر قائمة أفضل لاعبي التنس تاريخيًا

تفاصيل حيلة فتاة وعاطلين لسرقة شاب بالشيخ زايد


قائمة محدثة.. مواعيد قطارات "القاهرة - الإسكندرية" اليوم الجمعة 12-9-2025

الأهلي يواصل الاستعداد لمواجهة إنبي في الدوري

الإيجار القديم.. حق التظلم مضمون خلال شهر من رفض طلب الوحدة البديلة

تعديل مواعيد القطار الكهربائى الخفيف: آخر رحلة للعاصمة الإدارية 10:15 مساءً

القمر يتعامد على الكعبة المشرفة فجر اليوم فى مشهد فلكى بديع


باقٍ 158 يومًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه فلكيًا

انطلاق الدورة 12 من مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة 26 أكتوبر

مواعيد مباريات اليوم الجمعة في افتتاح الجولة السادسة من دوري nile

من يقود هجوم ليفربول بعد ضم ألكسندر إيزاك وسط هجوم مرعب للريدز

باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل..مجلس الأمن الدولى يستنكر الاعتداءات الإسرائيلية على قطر.. نتنياهو: لن تكون هناك أى دولة فلسطينية.. وتفاصيل جديدة من اغتيال تشارلى كيرك حليف ترامب

اللجنة المصرية فى غزة تجهز مخيم جديد للنازحين وسط القطاع.. فيديو

السجن 16سنة لـ3 متهمين بترويع المواطنين بفرد خرطوش وكلب ألمانى

استغل الفرصة.. وظائف جديدة بمرتب يصل إلى 12 ألف جنيه

نتنياهو: حدود إسرائيل الشرقية ستكون غور الأردن وليس معاليه أدوميم

المحاكمة أمام محكمة جديدة.. سبب عدم تسليم نجل محمد رمضان إلى دار الرعاية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى