"التجديد" في الرؤية المصرية.. من مشروعات "صماء" إلى "لحم ودم"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى

ربما لم تكن فكرة إنشاء مدن جديدة، بالأمر الجديد تماما في دوائر السلطة المصرية منذ عقود، إلا أن الفكر كان محدودا بدرجة كبيرة، والتخطيط كان قاصرا على المناطق المحيطة بالعاصمة، بينما كان الهدف من تأسيسها مجرد تخفيف العبء السكانى عن قلب القاهرة، عبر توسيع العمران إلى الأطراف، عبر تشييد المباني السكانية، في الوقت الذي نقلت إليها بعض المصانع، أو ربما فروع لها، بما لا يستوعب أعداد المنتقلين إليها، ليتحول العبء السكاني، إلى ثقل مروري على الطرق المؤدية إلى العاصمة، في أوقات الذروة، حيث ينتقل العمال والموظفون من مناطقهم السكنية بالمدن "الجديدة" آنذاك، إلى مقار عملهم، وهو ما يمثل انعكاسا لحقيقة مفادها أن رؤية الدولة للمدن الجديدة، في العهود السابقة، كانت مجرد محاولة لتوسيع الرقعة السكانية، عبر توفير مساكن وخدمات، لا يمكننا أن ننكر جودة مستواها، ولكنها في حقيقة الأمر افتقدت الجانب الشمولي، في التجديد.

وهنا لا أتحدث فقط عن الجانب التنموي، والمتمثل في استغلال تلك المساحات الشاسعة من الأراضي، في تدشين المشروعات العملاقة، التي توفر فرص العمل لسكانها، وإنما عن رؤية شاملة، تحمل شعار "التجديد"، وهو الأمر الذي ارتكزت عليه الدولة المصرية في السنوات الأخيرة، عبر العديد من المسارات، منها ما هو تقليدي عبر تشييد المدن الجديدة، لتقتحم كافة المحافظات ولم تقتصر جغرافيا على العاصمة، ربما أخرها مدينة أسوان الجديدة، والتي افتتحها مؤخرا الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى مدينة العلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة والأقصر الجديدة، وشرق بورسعيد الجديدة ناهيك عن العاصمة الإدارية، بالإضافة إلى أسيوط وقنا وتوشكى وغيرهم، في الوقت الذي وفرت فيه فرصا غير تقليدية، بهذه المدن، ليس فقط من خلال إنشاء المصانع، أو نقلها، وإنما عبر مشروعات عملاقة يمكنها استيعاب ألاف الشباب، تقوم في الأساس على التجاوب مع المعطيات الجديدة، على غرار مجمع "بنبان"، لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مواكبة العصر، من خلال تحويلها إلى مدن ذكية "عامرة" بالتكنولوجيا، في إدارة المرافق، ومنها مدينة العلمين الجديدة، والتي تعد صرحا تكنولوجيا هائلا.

المدن الجديدة مع اتساع نطاقها الجغرافي في كل أنحاء الجمهورية، كان في حاجة إلى شبكة طرق قوية، يمكنها الربط بين المحافظات، وهو الأمر الذى التفتت إليه الدولة، عبر مشروعات عملاقة في كافة الاتجاهات، سواء فيما يتعلق بالطرق البرية، أو تطوير شبكات المترو، بالإضافة إلى التركيز الكبير على قطاع السكك الحديدية، وهو ما يهدف إلى تسهيل عملية الانتقال من جانب، بالإضافة إلى تقديم ميزة للمستثمرين إلى الانتقال للعمل في المناطق الجديدة، مما يساهم في تعزيز دورها في العملية التنموية في المستقبل.

إلا أن "التجديد" في الرؤية التي تتبناها الدولة المصرية، ربما لم يقتصر على مشروعات "صماء"، على غرار الماضي القريب، وإنما امتد إلى الخطاب الذي تتبناه السلطة الحاكمة، وهو ما يبدو في حرص الرئيس على الحديث إلى المصريين في كافة المناسبات حول أهمية الإصلاح، رغم قسوته "المرحلية"، حيث يبقى ضرورة من أجل مستقبل أفضل، غير عابئا بحسابات أخرى، طالما كانت لها الأولوية القصوى، ليس فقط في خطابات أسلافه، أو نظرائه في الدول المحيطة، وإنما تمثل أهمية كبيرة في أعتى الدول المتقدمة، وذات الإمكانات الكبيرة، من أجل اكتساب المزيد من الشعبية، أو الاحتفاظ بكراسي السلطة لمدد إضافية.

و"تجديد" خطاب السلطة، يمثل في جوهره تغييرا مهما، طالما نادى به المصريون لسنوات، بعدما ضاقوا من سياسات، قدمت لها "الفتات" مقابل البقاء لأطول فترة ممكنة على كراسي السلطة، لنجد في المحصلة أن هذا التغيير بات مرتبطا بـ"تجديد" الرؤية الشعبية للعديد من الأمور، التي غابت عن الأذهان لعقود طويلة من الزمن، عبر حملات توعوية، تهدف إلى توضيح الحقائق بشفافية للمواطن البسيط، ليكون مدركا لأهمية ما يتحقق من إنجازات، بل وضرورة أن يكون مشاركا فيها وفخورا بها.

"التجديد" ربما كان أول ما نادت به "الجمهورية الجديدة"، في أعقاب ثورة 30 يونيو، في إطار "تجديد الخطاب الديني"، باعتباره جزءً لا يتجزأ من معركة الدولة ضد الإرهاب، والذى كان يمثل التهديد الرئيسي في تلك الفترة، إلا أن فكرة التجديد، لم تكن قاصرة في حقيقة الأمر على جانب واحد، وإنما امتدت لتشمل العديد من الأبعاد، من بينها عملية التنمية والمشروعات العملاقة، ولكن يبقى فكر المواطن هو الهدف الرئيسي الذي سعت الدولة المصرية إلى تجديده، ليتواكب مع معطيات العصر، فتحول رؤية "التجديد"، من مجرد فكرة صماء، تقوم على بناء مدن خاوية، إلى عملية من "لحم ودم"، ليكون المواطن أهم أبعادها وأهدافها.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس فنلندا يصل إلى كييف

الإيجار القديم.. حق التظلم مضمون خلال شهر من رفض طلب الوحدة البديلة

تعديل مواعيد القطار الكهربائى الخفيف: آخر رحلة للعاصمة الإدارية 10:15 مساءً

القمر يتعامد على الكعبة المشرفة فجر اليوم فى مشهد فلكى بديع

مندوب مصر بمجلس الأمن: العدوان الإسرائيلي يكشف عن الجهة المعرقلة لوقف الحرب


النيابة تنتدب المعمل الجنائي لمعاينة موقع حريق مستشفى الزاوية الحمراء

الأهلي يعلن تجديد الثقة فى خالد العوضى مديرًا للنشاط الرياضى

أخبار × 24 ساعة.. موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025

أخبار الرياضة المصرية اليوم الخميس 11 – 9 – 2025

7 صور تجمع عمرو يوسف وأسماء جلال من فيلم السلم والثعبان 2


كولر يكشف كواليس رحيله عن الأهلى: قرار ترك بصمة حزينة فى مسيرتى

الاحتلال يقضى على أحلام "نبال الهسى".. قذيفة تستهدف خيمتها وتتسبب فى بتر يديها وتحرمها من احتضان ابنتها الرضيعة.. زوجها ينفصل عنها ويتركها مشردة مع والديها المسنين.. والأطباء يعجزون عن توفير أطراف صناعية لها

الآن.. فتح باب تسجيل رغبات الناجحين بالثانوية الأزهرية للالتحاق بجامعة الأزهر

4 أقساط و3 وسائل سداد.. التعليم تعلن مصروفات المدارس الرسمية للغات للعام الجديد

المتعة مستمرة على شواطئ مطروح والساحل الشمالي.. أجواء رائعة وطقس معتدل المصيف خلال شهر سبتمبر.. شواطئ مطروح الخلابة وتجذب آلاف المصطافين للاستمتاع بالأجواء الساحرة.. صور

نتنياهو: لن تكون هناك أى دولة فلسطينية وسنحقق "أبدية إسرائيل"

رئيس وزراء بريطانيا يعرب عن تطلعه لزيارة مصر فى أقرب فرصة

عصام عمر بطل مسلسل عين سحرية فى رمضان 2026

الرئيس السيسى لرئيس وزراء بريطانيا: التهجير سيتسبب فى نزوح نحو أوروبا

الطريق إلى موسم العودة للمدارس بدون قلق وتوتر.. خبراء يضعون دليلا شاملا للأمهات لتقليل الضغوط وتنظيم الوقت بشكل مثالى فى بداية الدراسة وتهيئة البيت لعام دراسى هادئ.. ونصائح لتحضير "لانش بوكس" صحى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى