ماكيت القاهرة .. اندهش أنت فى عالم طارق إمام

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
عندما أقول إننى "أحب كتابات طارق إمام"، فذلك ليس مجرد شعور أقوله والسلام، إنه وعى تام بحالة ثقافية تأخذ بيدى إلى دهشة خاصة وعالم مكتمل ودنيا لم تخطر على منطقى أبدًا، وها نحن على موعد مع رواية "ماكيت القاهرة" الصادرة عن منشورات المتوسط، حيث كل شىء دائرى، بداية من الزمن وانتهاء بالمكان، وبينهما الإنسان ذلك المحطم تقريبا لكنه فى الوقت نفسه المقاوم بطريقته، لدينا القاهرة بعالمها الذى نعرفه وعالمها المجهول أيضا، ولدينا شخصيات "نود وبلياردو وأريجا، وفى النهاية تظهر مانجا" ضحايا أكثر من كونهم أبطالا، ولدينا "المسز" من وراء كل ذلك تديره وتتحكم فيه، كأنها  عقل العالم، ومن وراء الجميع ذلك المجهول "منسى عجرم" بكتابه الغريب الذى يكتب أقدار الجميع، هى ليست أسماء إنها ألقاب تقريبا، لا نعرف أسماءهم الحقيقية هم يعرفونها ويضطرون أحيانا لاستخدامها لكنهم لا يخبرونا بها.
 

سحر البدايات 

ليس هناك أبدع من المفتتح الجميل فى أى عمل فني، لأنه يظل عالقا فى ذهنك، حتى بعدما تنتهى من العمل، تخيلوا معى أن أول ما تقرأه فى رواية ماكيت القاهرة جملة "يتذكر أوريجا أنه كان طفلا حين قتل أباه بهذه الطريقة: ألصق إصبعا بجبهته متخيلا أنه مسدس وأطلق دويا من فمه: بوم".

بهذا المفتتح يضعنا طارق إمام مرة واحدة فى قلب الخيال، لأن الصدمة الأولى تجعلنا ننتبه لما هو آتٍ، كما أن هذا المفتتح معانيه ودلالته منتشرة حتى نهاية الرواية، سنجده قدر "أوريجا" كما يشير إليه كتاب "منسى عجرم" الغريب، كمانجد القتل بصورة أو أخرى واقع يقوم به الجميع.

ليست مجرد حكاية

لدى طارق إمام مفهوم عن الرواية، وعن الواقع والمتخيل، وعن الهامش والمتن، لذا فإن أعماله ليست مجرد "حكايات" بمعنى أن هذه الرواية التى بين أيدينا لا يمكن "حكيها" لقد حاولت أن أختبر نفسى فى ذلك فتلعثمت وشعرت بالظلم ولم أقتنع بما قلته: "إنها تحكى عن القاهرة وعن أسرة غرائبية وعن مدينة عظيمة ومشروع لصنع ماكيت لها"، وعندما حاولت أن أختصر حياة "نود" مثلا فشلت، فكل جملة كتبت عنها فى العمل لها دورها، حواراتها مع "المسز" وأفكارها التى دارت فى باطن عقلها، واللغة التى استخدمتها مهمة أيضا، وهكذا كل شخصيات العمل، لا يمكن اختصار حكاياتهم.

الخيال البكر 

قد يظن البعض أن خيال طارق إمام غريب، ويذهب آخرون إلى أنه متأثر بمدارس الكتابة الغربية، وإنى لأعجب من ذلك، فكلما قرأت لطارق إمام أجده الأكثر ارتباطا بمفهوم الخيال الفنى كما عرفه العرب وكما أحبوه، وتكفى الإشارة إلى ألف ليلة وليلة وكتاب كليلة ودمنة وغيرها من متون السردية العربية، لنتأكد من ذلك.

وفى "ماكيت القاهرة" نجد خيالا بكرا فكلما شعرت أنك وصلت إلى النهاية يفاجئك بما هو أكثر، حينها تفتح روحك على آخرها لتلقى الخيال والتعامل معه، فلكل شيء فى الرواية منطق، لكنه منطق خيالى، فإن تصبح "نود" عملاقة بالنسبة لبلياردو فى لحظة ما، فحسب الرواية لا ترى ذلك غريبا، وأن يجد بلياردو عينا بشرية ضخمة فى الطريق فبعد أن تنتهى من الرواية تعرف أن ذلك أمر طبيعى تماما، فقط كل ما عليك بعدما تستمتع بقراءة "ماكيت القاهرة" أن تذهب فى جولة فى شوارع القاهرة، وأنت تتذكر شعار "ابتسم.. أنت فى القاهرة".
 
إن رواية ماكيت القاهرة حكاية عن عوالم متوازية فى نفس الإنسان قبل أن تكون خارجه، وحكاية عن تضخم وتقزم واختفاء الأبنية والأحلام، وعن التنظيم والعبث، وقوانين يضعها المسئولون وقوانين تضعها الحياة وأخرى يضعها الناس بأنفسهم مثلما فعل "الكابو" فى مقهى "عينى" الذى لا يدخله إلا فاقدو أعينهم ولا يسمعون إلا أغنيات حميد الشاعرى، كما أن الرواية بها نفس ملحمى، وبها نفس ممتد من أعمال طارق إمام السابقة مثل "مدينة الحوائط اللانهائية" ذكرتنى بها مثلا قصة المانيكان الجبس.
 
والمهم أن رواية ماكيت القاهرة ستدخلها بحال وتخرج منها بحال، وهذا ما يفعله الفن دائما.

موضوعات متعلقة

شمس الدين الإنبابى

شمس الدين الإنبابى الأربعاء، 01 ديسمبر 2021 11:54 ص

سعيد باشا.. هل كان انتماؤه مصريا؟

سعيد باشا.. هل كان انتماؤه مصريا؟ الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021 12:53 م

عباس محمود العقاد

عباس محمود العقاد الأحد، 28 نوفمبر 2021 10:47 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أخبار × 24 ساعة.. المالية تحدد موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للعاملين بالدولة

ثروت سويلم: سننفذ حكم "كاس" حال القضاء بحصول بيراميدز على الدوري وليس الأهلي

حسام المندوه: اتفقنا مع عبد الله السعيد ويتبقى توقيع العقود مع الزمالك

السيطرة على حريق شقة بمنطقة سموحة فى الإسكندرية.. صور

إصابة 3 أشخاص فى حادث تصادم سيارة نقل بتوك توك بالغربية


ترامب: سنقوم ببناء درع صاروخى لمواجهة أى ضربات بعيدة المدى

إبراهيم عبد الجواد: عبد الله السعيد خارج نهائى الكأس واقتربت نهاية مسيرته مع الزمالك

جوميز يشكو الزمالك فى الفيفا بسبب 120 ألف دولار

مسلم يكشف كواليس إطلالته فى ليلة زفافه: أحب أكون مختلف ويا رب يكتر من أفراحنا

عمر مرموش يسجل هدفا صاروخيا ويفتتح أهداف مان سيتي ضد بورنموث "فيديو"


ركلات الجزاء تحسم موقعة الإسماعيلي والطلائع بعد انتهاء الوقت الأصلى بالتعادل السلبى

فرص عمل فى الأردن بمرتبات تصل إلى 22 ألف جنيه شهريا

بعدما دفع لها 15 ألف جنيه مصروف شهري.. اعرف سر الخلافات بين رجل وزوجته في أكتوبر

المصري ماجد السيد محمد يفوز بجائزة الملك حمد للتنمية الزراعية فئة أفضل بحث بالبحرين

أول صورة من حفل زفاف المطرب مسلم

حقائب غامضة.. تداول فيديو يوثق لحظة السرقة من منزل نوال الدجوى

أسرة عبد الحليم حافظ تصدر بيانا بخصوص زواجه من سعاد حسنى

ترامب: الولايات المتحدة خسرت احترام العالم بسبب الديمقراطيين

موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل

محامى عمرو وأحمد الدجوى: آخرون من العائلة سرقوا وادعوا على موكلينا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى