سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 ديسمبر 1882.. أحمد عرابى يشكر محاميه الإنجليزى على اختيار مكان نفيه ويعلق: طردت من مصر «بستان الدنيا» لأذهب إلى سيلان «جنة آدم»

الزعيم أحمد عرابى
الزعيم أحمد عرابى
 توجه المحامى الإنجليزى «برودلى» إلى الزعيم أحمد عرابى فى سجنه ومعه أطلس صغير، يوم 8 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1882، ليخبره بأنه تم الاستقرار على أن تكون جزيرة سيلان هى بلد المنفى له ولباقى زملائه الستة من زعماء الثورة العرابية، حسبما يذكر «برودلى» فى كتابه «كيف دافعنا عن عرابى وصحبه»، ترجمة «عبدالحميد سليم».
 
كان «برودلى» هو محامى «عرابى» أمام المحكمة العسكرية التى شكلها الخديو توفيق، لمحاكمة رجال الثورة العرابية بعد هزيمتهم أمام القوات الإنجليزية يوم 13 سبتمبر 1882 فى التل الكبير، ودخول الإنجليز القاهرة كقوة احتلال فى اليوم التالى «14 سبتمبر»، وقضت المحكمة بإعدام عرابى ومحمود سامى البارودى، وعلى فهمى، وعبدالعال حلمى، ومحمود فهمى، وطلبة عصمت، ويعقوب سامى، ثم أمر الخديو توفيق فى نفس جلسات النطق بالحكم  بتخفيف العقوبة إلى النفى المؤبد.. كان القاضى يتلو حكم الإعدام، ثم يجلس دقيقة ويقوم ليتلو أمر الخديو، حسبما يذكر «عرابى» فى مذكراته.
 
كان الاستقرار على جزيرة سيلان كمكان للمنفى هو ختام خيارات الأماكن التى كانت مطروحة، وتذكرها الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «عرابى ورفاقه فى جنة آدم»، مشيرة إلى أن الكاتب والرحالة الإنجليزى «بلنت» الذى ارتبط بعلاقة وثيقة مع عرابى وقادة الثوة كان لديه تفويض من عرابى بأن يكون الوسيط مع الحكومة الإنجليزية فى نظر أمور محاكمته، واختيار مكان المنفى، كما قام بتكليف المحامى «برودلى» بمهمة الدفاع عن قادة الثورة، وشهد «بلنت» أحداث الثورة بنفسه فى مصر عامى 1881 و1882، وألف كتابه المهم «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر».
 
تذكر «سالم» المقترحات التى تم طرحها لأماكن المنفى فى الإمبراطورية البريطانية لعرابى وزملائه وهى، جزر أدامان التى تقع فى خليج البنغال بالهند، أو عدن، أو مالطة، أو قبرص، واستبعدت هذه الأماكن ليتم اقتراح «جزر أزورس» التى تقع غرب إسبانيا فى المحيط الأطلنطى، ثم اقتراح بـ«جزر فيجى» التى تقع شمال أستراليا بالمحيط الهندى، غير أن «بلنت» كوسيط رفض كل هذه الأماكن، وأصر على بلد إسلامى يقصده المنفيون.
 
كانت المراسلات حول ذلك تتم بين عرابى «وبلنت»، وبين «بلنت» و«برودلى».. تذكر «سالم» أن عرابى كتب إلى «بلنت» معبرا عن رغبته فى أن يعيش حرا مع أطفاله فى دمشق بعيدا عن الحياة السياسية، وفى حالة رفض السلطان أو المسلمين بالشام، فإنه يفضل الإقامة فى لندن «بين إخواننا الذين يرعون حقوق الإنسان، أعيش رجلا حرا فى أرض الحرية دون أن أكون متحفظا على أو تحت الرقابة، ويقسم بشرفه بألا يتدخل فى الأمور السياسية عندما يكون فى بلد بعيد عن بلده حتى يأتى الله أمرا كان مفعولا».
 
قوبلت مقترحات «عرابى» بالرفض، وتذكر «سالم» أنه حتى عندما مال إلى قبول مكان «الكاب، رأس الرجاء الصالح» قوبل أيضا بالرفض، ما جعل «بلنت» يبعث ببرقية إلى «برودلى» يطرح من جديد بعض الأماكن التى تمثلت فى «جبل طارق» و«جزيرة جيرنزى» إحدى الجزر البريطانية فى بحر المانش، وبعد المباحثات والمناقشات والمجادلات الطويلة، تم الاتفاق واستقر الرأى البريطانى على جزيرة سيلان كمكان للنفى.
 
يذكر «برودلى» فى كتابه «كيف دافعنا عن عرابى وصحبه؟» أنه بعد أن وقع الاختيار على جزيرة سيلان، حمل معه أطلس صغيرا وتوجه إلى السجن لينقل إلى عرابى هذه المعلومة، ويتذكر الحال التى وجد عليها «عرابى» وكيف استقبل الخبر.. يقول: «وجدنا عرابى يكتب رسائل فى زنزانته، وما إن سمع النبأ الذى حملته له حتى ابتسم فى هدوء «لأننى لم أر عرابى يضحك أبدا»، وقال: «هذا فى الواقع شرف عظيم أن أعدائى لم يرضوا بأن يصدر فحسب قرار نفيى، بل يبدو أنهم كانوا راغبين بالفعل فى أن يبعثوا بى إلى الجنة أيضا» ألم تسمع قط أنه عندما افترق أبوانا الأولان فى سهول بلاد ما بين النهرين، بعد طردهما من الجنة، ذهب أبونا آدم إلى سيلان، ومن وقتها سميت باسم «جنة آدم»، بينما أمنا حواء وصلت إلى الحجاز، ومن يومها عرفت باسم «جنة حواء».
 
يضيف عرابى لـ«برودلى»: «لا يمكن أن يكون هناك أعدل من هذا، لقد طردت من مصر «بستان الدنيا» لأذهب إلى سيلان «جنة آدم».. إننى أحييها على اعتبار أنها فأل سعيد».. يذكر برودلى: «بعد أن غادرت زنزانة «عرابى» لأزور بقية المسجونين، قابلت إسماعيل أيوب «ناظر الداخلية»  فى الطرقة، وأخبرته برأى «عرابى» عن سيلان، فتطلع إلى وهو لا يكاد يصدق، ثم قال فى إخلاص تام: «يا صديقى العزيز، ما من شىء سيدفعنى إلى تصديق أن فلاحا مثل عرابى خبير جدا فى التاريخ القديم، كأن أعرف منه مثل هذه الحقائق». 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد قطار تالجو اليوم الخميس 21-8-2025

الأهلى يعقد جلسة خاصة مع ريبيرو لحسم مصير أحمد عبد القادر

جمهور الراب يستقبل ألبومين جديدين لويجز ومروان موسى 29 أغسطس

"MAGA" تضغط على واشنطن بعد هروب مسئول إسرائيلى مدان بجرائم جنسية ضد الأطفال

اجتماعات فى طرابلس بين البعثة الأممية وقيادات أمنية قبل جلسة مجلس الأمن بشأن ليبيا


شاطئ الغرام أيقونة مصيف مطروح وملتقى العشاق والذوق الرفيع.. يتميز بموقع فريد وإطلالة بانورامية على واجهة المدينة وخليج مرسى مطروح.. يتوافد عليه آلاف المصطافين يوميا للاستمتاع بروعة الطبيعة والسباحة الآمنة.. صور

مدفيديف: روسيا ترفض نشر قوات الناتو تحت مسمى قوات حفظ سلام فى أوكرانيا

ميسارفوت.. حركة يقودها مراهقون إسرائيليون لرفض حرب نتنياهو ضد غزة.. اندبندنت: تزايد أعداد الشباب الرافضين للتجنيد العسكرى.. يؤكدون: لن نلتحق بجيش يرتكب إبادة جماعية.. وفرار 100 ألف جندى.. وأهالى الرهائن يصعدون

الصحة: 125 مليون شخص حول العالم يتأثرون نفسيا وجسديا لإصابتهم بالصدفية

المتحدة تعلن الشراكة مع تيك توك لنقل الافتتاح التاريخى للمتحف المصرى الكبير


أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. السويد تطلب المشاركة فى الضمانات الأمنية لأوكرانيا.. روسيا تعاقب إعلام ومنظمات غير الحكومية ببريطانيا.. مسئول فلسطينى يدعو العالم لاختصار الوقت فى مواجهة الاحتلال

أخبار الرياضة المصرية اليوم الأربعاء 20-8-2025

اعترافات صادمة.. المتهم بتصوير السيدات بحمام كافية: باستمتع

براءة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان فى الطالبية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى