أمريكا على درب ترامب رغم الرحيل.. كيف تحولت رؤى دونالد لـ"ثوابت" جديدة فى أمريكا؟.. العودة لاتفاقية أوباما مع إيران مستحيل.. وحرية التجارة المطلقة ضرب من الماضى.. والاستقواء بالحلفاء ضد الخصوم "رهان" خاسر

ترامب وبايدن
ترامب وبايدن
بيشوى رمزى

"العودة إلى اتفاقية باريس المناخية".. قرار أمريكى وقعه بايدن فى مستهل حقبته الرئاسية، لإعادة توجيه البوصلة الأمريكية، نحو محيطها الدولى، بعد سنوات، يراها قطاع كبير من المتابعين بمثابة "انقلاب" على الثوابت، التى طالما أرستها واشنطن لعقود طويلة من الزمن، بينما تضفى انطباعا مفاده أن الإدارة الحالية، تضع على عاتقها، تقويض إرث الإدارة السابقة، وهو ما يبدو فى محاولات عزله، رغم تركه لمنصبه، بالإضافة إلى "مغازلة" الحلفاء، فى أوروبا الغربية، بعد التوتر الذى شاب العلاقة فى السنوات الماضية، حيث دارت التوقعات منذ ذلك الحين حول إمكانية صدور قرارات جديدة، من شأنها "العودة إلى الوراء"، عبر إحياء سياسات الرئيس الأسبق باراك أوباما، فيما يتعلق بالعديد من القضايا سواء فى الداخل أو الخارج، بالإضافة إلى إعادة هيكلة التحالفات من جديد بعد التغييرات العميقة التى شهدتها أمريكا فى السنوات الأربعة الأخيرة.

 

إلا أن العودة الكاملة لمرحلة "ما قبل ترامب"، يعد بمثابة "المهمة المستحيلة" لإدارة بايدن، فى ظل تغير المعطيات، سواء على مستوى المجتمع الدولى، أو حتى فى الداخل الأمريكى، فى ضوء نجاح الرئيس السابق فى فرض رؤيته، هو الأمر الذى تترجمه الكتلة المؤيدة له فى الداخل، من جانب، أو حالة التشكك بين الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة، فى ثبات الموقف الأمريكى تجاه القضايا الدولية بصورتها العامة، ناهيك عن الشكوك فى مصداقية شراكة واشنطن معهم، سواء اقتصاديا أو سياسيا، بعد حزمة القرارات التى اعتبروها استهدافا لهم، فى ظل الإدارة السابقة، على غرار التعريفات الجمركية، والتلويح بسحب الحماية الأمريكية عن الحلفاء، بالإضافة إلى التنصل من الالتزامات تجاه قضايا، تراها أوروبا الغربية محورية، سواء فيما يتعلق بوجودها، على غرار الموقف الأمريكى المناوئ للاتحاد الأوروبى، أو أزمة المناخ، أو النفوذ والدور على المستوى الدولى، كقرار الإدارة السابقة بالانسحاب من الاتفاق النووي.

 

وهنا أصبحت سياسات ترامب، بالإضافة إلى كونها جزءً من التاريخ الأمريكى الذى لا يمكن التنصل منه باعتبارها سوابق ينبغى دراستها قبل الانغماس فى العودة إلى أحضان واشنطن، فإنها تحولت، فى جزء منها على الأقل، إلى ثوابت، على اعتبار أن بايدن وإدارته ربما لا يمكنهم تقويضها، خاصة مع تغير الظروف الدولية من جانب، بالإضافة إلى تراجع المكانة الأمريكية فى ضوء صعود قوى دولية، أصبح بإمكانها مزاحمة الولايات المتحدة على قمة النظام الدولى، كالصين وروسيا.

 

أطروحة ترامب.. العودة لاتفاقية أوباما مع إيران "مستحيل"

ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن فى هذا الإطار، هو العودة إلى الاتفاق النووى الإيرانى، بعد انسحاب ترامب منه فى مايو 2018، حيث يرى قطاع كبير من المتابعين أن الاتفاقية تمثل أحد أهم العلامات فى إدارة باراك أوباما، والتى كان بايدن نفسه جزءً منها، وبالتالى فالعودة إليها بمثابة ضرورة، فى إطار معركة "الإرث" التى أشعلها الرئيس السابق، خاصة تجاه الديمقراطيين، بالإضافة إلى كونها امتداد طبيعى لسياسة العودة إلى الاتفاقات التى خرجت منها واشنطن فى السنوات الماضية، على غرار اتفاق باريس المناخى، والتى كانت أول الاتفاقات التى عادت إليها واشنطن بعد تنصيب الإدارة الجديدة.

 

انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى

 

انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى

ولكن تبقى العودة إلى الاتفاق القديم مع إيران مستحيلا، فى ظل العديد من المستجدات، وأبرزها غياب المعتدلين بصورة كبيرة عن المشهد فى طهران، بالإضافة إلى استمرار الخطاب العدوانى بالدولة الفارسية تجاه "الشيطان الأعظم"، مما يساهم فى تقويض أى خطوة من شأنها العودة للاتفاق، وكذلك الحاجة الملحة لمراقبة التطورات التى تحققت هناك فيما يتعلق بالأنشطة النووية، لتفرض كل هذه العوامل واقعا جديدا، يضع كلمة "النهاية" للاتفاقية التى وقعتها واشنطن وحلفائها، مع الملالى فى يوليو 2015، ليصبح توقيع "اتفاق جديد" هو بمثابة الطريق الوحيد للعودة.

أطروحة الاتفاق الجديد هى واقعها الطريق الذى سبق وأن رسمه ترامب نفسه، حيث أكد مرارا وتكرارا أن واشنطن لن تعود لاتفاقية أوباما، بينما دعا إلى توسيع نطاق المشاركة فى أى اتفاق جديد مع طهران، لتشمل قوى أقليمية أخرى، وهو ما يبدو فى تصدير اليابان، للقيام بدور الوساطة فى العديد من مراحل الأزمة بين إيران والولايات المتحدة خلال حقبة الإدارة السابقة، وهو الأمر الذى يبقى غير مستبعدا من قبل إدارة بايدن، حيث تبقى مخاوف الجوار الدولى والإقليمى من الأنشطة الإيرانية دافعا لإشراك العديد من القوى الرئيسية الأخرى فى الاتفاق الجديد.

الحمائية الأمريكية.. ترامب أنهى حقبة حرية التجارة "المطلقة"

انتصار "إرث" ترامب، على خطط بايدن لتقويضه، لا يقتصر على الاتفاقية النووية مع إيران، وإنما تمتد إلى قضايا أخرى، لتتحول رؤى الإدارة السابقة بمثابة "ثوابت" جديدة للسياسة الأمريكية، منها ما يمكن تسميته بـ"حرية التجارة المطلقة"، والتى أصبح من المستحيل العودة إليها من جديد، فى ظل التراجع الاقتصادى الأمريكى، واختلال الميزان التجارى مع المنافسين، وعلى رأسهم الصين، لتصبح الحاجة ملحة، لوجود إجراءات حمائية من قبل واشنطن، يمكن من خلالها استعادة السيطرة على الاقتصاد العالمى، خاصة وأن سياسات ترامب فى هذا الإطار نجحت إلى حد كبير فى استرضاء قطاع كبير من المواطنين فى الداخل، وكانت سببا فى تنامى الكتلة المؤيدة له.

 

 

مبادرة صنع فى أمريكا امتداد لسياسات ترامب

 

مبادرة صنع فى أمريكا امتداد لسياسات ترامب

وهنا تصبح مبادرة "صنع فى أمريكا" التى أطلقها بايدن، بعد أيام من اعتلائه عرش البيت الأبيض، بمثابة امتداد لرؤية ترامب، والتى تقوم فى الأساس على فكرة تقديم الأولوية للمنتجات الأمريكية على حساب الواردات القادمة من الخارج، وتشجيع الصناعة فى الداخل، مما يساهم فى تقليص البطالة، واستعادة النمو الاقتصادى، وهو الأمر الذى ربما أثار امتعاض شركاء أمريكا التجاريين، وعلى رأسهم كندا، والذين اعتبروا أن المبادرة امتداد لإرث الإدارة السابقة.


استعداء روسيا ومهادنة الصين.. رهان بايدن "الخاسر"

تعد العلاقة بين واشنطن وخصومها الدوليين أحد أبرز التحديات التى يواجهها بايدن، فى ظل سياسات الإدارة السابقة، فالعودة إلى سياسة الحشد الدولى لاستعداء روسيا أصبح أشبه بالمستحيلات، بينما مهادنة الصين هى الأخرى لم يعد بالأمر السهل، فى ضوء العديد من المتغيرات الدولية، وأبرزها نجاح موسكو وبكين فى مزاحمة واشنطن على قمة النظام الدولى، ليس فقط من بوابة السياسة والاقتصاد، ولكن أيضًا عبر بوابة الأزمات الدولية، حيث تمكنا من اقتحام مناطق النفوذ الأمريكى، فى أوروبا، عبر بوابة الأزمات الإنسانية، وهو ما بدا فى التعامل مع أزمة فيروس كورونا.

 

وتبقى حالة انعدام الثقة بين واشنطن وشركائها الدوليين عاملا مهما فى تقويض أى محاولة من قبل إدارة بايدن لحشد الحلفاء، ضد موسكو، كما كان عليه الحال إبان حقبة أوباما، وخاصة فى أعقاب قرار موسكو بضم شبه جزيرة القرم على خلفية الإطاحة بحليفها فى أوكرانيا فيكتور يانكوفيتش، حيث كان الاتحاد الأوروبى فى مقدمة الصفوف فى المعركة الدبلوماسية ضد روسيا، عبر العقوبات ومحاولات التضييق السياسى على الرئيس فلاديمير بوتين، إلا أن الحاجة لموسكو الآن أصبحت أكثر إلحاحا فى ظل نجاحها فى استخدام الغاز لتحقيق شراكات مع أوروبا الغربية، ناهيك عن الشكوك الكبيرة فى مصداقية الحليف الأمريكى فى السنوات المقبلة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

9 مباريات جمعت الأهلى مع فاركو قبل لقاء الليلة.. إنفو جراف

التشيك: قدمنا مساعدات إنسانية بقيمة 26 مليون كرونة لقطاع غزة منذ مطلع العام

منتخب الناشئين يخوض وديتين أمام السعودية استعدادا لكأس الخليج

كل ماتريد معرفته عن مباراة الأهلى وفاركو بالدوري المصري الليلة


محمد صلاح بعلم مصر في فيديو الإعلان عن عودة الدوري الإنجليزي

فيلم روكى الغلابة يقترب من 35 مليون جنيه خلال 16 يوم عرض بالسينمات

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

ترتيب الدورى المصرى قبل مواجهة الأهلى وفاركو الليلة


ميلانيا ترامب تطالب نجل بايدن بمليار دولار تعويض بسبب جيفرى ابستين

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

سعر الذهب فى مصر يتراجع بالأسواق.. وعيار 21 يسجل 4540 جنيها

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

بين سلام أوكرانيا واتفاق نووى.. هل يصبح زيلينسكي ضحية ترامب وبوتين

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم

تعليق مهين من متحدثة الخارجية الروسية ضد الرئيس الأوكرانى.. فيديو

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم

منتخب الشباب يلاقي المغرب في الودية الثانية اليوم استعدادا للمونديال

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى