وزير الأوقاف: تنظيم النسل فى واقعنا المصرى الراهن ضرورة شرعية

الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف
كتب على عبد الرحمن

ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة اليوم الجمعة، بمسجد عصمت السادات بقرية ميت أبو الكوم بمدينة تلا بمحافظة المنوفية، تحت عنوان: "تنظيم النسل قضية أخذ بالأسباب الشرعية"، بحضور اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية، ومحمد إبراهيم موسى نائب محافظ المنوفية، والدكتور عفت عصمت السادات، وعباس عصمت السادات، والنائب سامح أنور السادات، وكريم طلعت السادات، والشيخ زكريا الخطيب مدير مديرية أوقاف المنوفية، والشيخ أحمد عبد المؤمن مدير مديرية أوقاف المنوفية السابق، وعدد من القيادات التنفيذية والدعوية والشعبية بالمحافظة .

وفى بداية خطبته أكد وزير الأوقاف، أن المال والولد امتحان واختبار، حيث يقول الحق سبحانه: "إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ"، فإن كان المال حلالًا وأديت حق الله فيه فيقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "نِعمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجلِ الصَّالحِ"، وإن كان المال من حرام أو لم تؤد حق الله فيه كان وبالًا ونقمة فى الدنيا الآخرة، وكذلك الولد حجة لك أو عليك، ومن قصَّر فى حق ولده فهو آثم شرعًا، فإن كان الولد صالحًا وعنيت بتربيته وتهذيبه وتقويمه وأخذت بالأسباب فيقول الحق سبحانه : "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "إِذَا مَاتَ ابنُ آدم انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ : صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ"، وأما إذا كان الولد غير صالح، فيقول سبحانه فى قصة العبد الصالح : "وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا"، وهذا نبى الله نوح (عليه السلام) وهو من أولى العزم من الرسل، قال: "وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ"، ولسنا أفضل من نوح (عليه السلام)

كما أكد جمعة، أن الأنبياء (عليهم السلام) عندما طلبوا الولد إنما طلبوا الولد الصالح لا مطلق الولد، فهذا نبى الله إبراهيم (عليه السلام) يقول : "رَبِّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينَ"، وهذا سيدنا زكريا (عليه السلام) يقول : "رَبِّ هَبْ لِى مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ" ويقول أيضًا: "فَهَبْ لِى مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا"، وأهل العلم لهم هنا وقفة يقولون: إن سيدنا زكريا (عليه السلام) لم يطلب الولد لأجل مصلحة دنيوية بل طلبه لأجل الدِّين فقال كما حكى عنه القرآن الكريم : "يَرِثُنِى وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا"، أي: يرث العلم والحكمة والنبوة والدعوة إلى الله تعالى، ولم يقل عند طلبه (أولياء) بالجمع، وإنما طلب وليًّا، فليست العبرة بالكثرة وإنما بالصلاح، وولد واحد صالح خير من كثرة كغثاء السيل، وفى سورة مريم (عليها السلام) يقول الحق سبحانه : "فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا"، وسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن لأبويه نسل غيره، وهو سيد ولد آدم، وعليك أن تسأل نفسك لماذا تطلب الولد؟ هل للمباهاة والعزوة ومجرد الكثرة؟ أم لينفعك عند الكبر؟ أما أمر الدنيا فأمره إلى الله، فإن أراد الله إكرامك فى الدنيا، أكرمك وحفظ لك كرامتك بولد أو بدون ولد، يقول الحق سبحانه : "يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ"، قال أهل العلم : إن العقم نعمة من نعم الله لأنه جاء فى معرض تعداد النعم، وبعض الناس يكون الولد سبب سعادته وبعضهم يكون الولد سبب شقائه، والولد الفاسد عبء كبير على والديه فى أمر دينهما ودنياهما، والخيرة فيما اختاره الله، وقد يقول البعض إننى أحتاج للولد عند الكبر، فقد لا يرزقك الله الولد ولكنه لا يحوجك إلى أحد من خلقه فى حياتك أبدًا، وإن احتجت جعل كل الناس كلهم أبناء لك، أما إن اعتمدت على الولد فكما يقول العلماء: "من اعتمد على ماله قلّ، ومن اعتمد على سلطانه ذلّ، ومن اعتمد على عقله اختلّ، ومن اعتمد على علمه ضلّ، ومن اعتمد على الناس ملّ، ومن اعتمد على الله فلا قلّ، ولا ذلّ، ولا ملّ، ولا ضلّ، ولا اختلّ" فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط.

كما أشار وزير الأوقاف إلى أن الصلاح ليس فى أمر الدين فقط، بل الصلاح فى أمر الدين والدنيا معًا، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : " الْمُؤْمِنُ القَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، والقوة هنا عامة، تعنى المؤمن القوى بدنيًّا وصحيًّا وعلميًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا، فهذه هى القوة المطلوبة، أما الكثرة إذا كانت كغثاء السيل فغير مطلوبة، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ : ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ" فإذا كانت تلك الكثرة ضعيفة صحيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا فهى لا تنفع صديقًا ولا تضر عدوًا.

وأكد أن قضية تنظيم النسل من المتغيرات وليست من الثوابت، وتدخل فى عمق تجديد الخطاب الدينى، وأن الفتوى فيها تختلف باختلاف أحوال الدول شريطة الوفاء بحق الطفل تنشئة وتربية ورعاية وحياة كريمة فى كل حال، فإذا كانت الدولة تمتلك أرضًا شاسعة وثروات هائلة، وفى قلة عددية من السكان هنا تكون الكثرة مطلوبة لعمارة الأرض والحفاظ على الثروات، أما إذا كانت الدولة على العكس من ذلك فإن ذلك سيؤدى إلى كثرة كغثاء السيل، فالحكم فى هذه القضية ليس حكمًا ثابتًا بل هو من المتغيرات، وحكم تنظيم النسل فى واقعنا المصرى الراهن ضرورة شرعية، والحكم فيه يتجاوز القول بالحِل إلى درجة الضرورة الواجبة، فالنبى (صلى الله عليه وسلم) عندما قال : "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ" لم يقصد القدرة الجسمية فقط، بل القدرة المالية والنفسية أيضًا والقدرة على الإنفاق على الأسرة، لأنه لو أراد القوة الجسمانية فقط لقال: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ" وسكت، ولكنه قال مخاطبًا الشباب القوى الفتى : "وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"، والأمر فى تنظيم الإنجاب لا يقاس بقدرات الأفراد وحدهم منفصلة عن قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومسكن ومرافق ونحو ذلك، ومن هنا بالقياس المنطقى والعقلى الأصولى والفقهى إذا كانت القدرة على الإنفاق شرطا للزواج فهى من باب أولى شرط للإنجاب، لأنه ليس من العقل ولا من الدين ولا من الحكمة أن تنجب أولادًا ثم لا تفى بحقوقهم والنبى (صلى الله عليه وسلم) يقول : "كفى بالمرء إِثما أن يُضَيِّع مَن يقوتُ"، أى يكفيه من الذنب ولم يكن له ذنب آخر إلا أنه يضيع أسرته وأبناءه لكفاه ذلك الذنب، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : " إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ"، ويجب أن يُعطى الطفل حقه فى الرعاية كاملا غير منقوص، ثم إن للأبناء حقًا فى الرضاعة الطبيعية والتربية الطبيعية والتعلم الحقيقى وفى الصحة الجيدة، والوفاء بحق الطفل فى الرضاعة الطبيعية مطلب شرعى، يقول الحق سبحانه : "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"، ويقول أهل الطب والعلم إن الحمل مع الإرضاع، سماه بعض العلماء لبن الغيلة، وكأن أحد الطفلين اغتال جزءًا من حق الآخر، فالإنفاق على الأبناء واجب وتوفير الحياة الكريمة لهم دون أن تضيع أولادك مطلب شرعي

 

وفى ختام خطبته أكد وزير الأوقاف، أن عملية تنظيم الإنجاب من المتغيرات، وليست من الثوابت الدينية، ولم يقل أحد على الإطلاق ممن يعتد برأيه بحرمة تنظيم الإنجاب، بل أهل العلم على حلها، ونقول إن الحكم فيه يتجاوز القول بالحِل إلى درجة الضرورة الشرعية الواجبة.

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة

تفاصيل معركة "الخوى" بين الجيش السودانى والدعم السريع.. مقتل 800 من الميليشيا

وزارة الداخلية تضبط قضية غسيل أموال بقيمة 280 مليون جنيه

ترامب: نأمل تحقيق الأمن للفلسطينيين ولا يمكن لإيران الحصول على سلاح نووى

ترامب: رفع العقوبات عن سوريا ونعمل على إضافة دول إلى اتفاقات أبراهام


ولى العهد السعودى: الولايات المتحدة الأمريكية وجهة رئيسية لصندوق الاستثمارات العامة

الأهلي يترقب وصول ريفيرو إلى القاهرة لحسم عقود تدريب الفريق قبل المونديال

اشتباكات مسلحة وفوضى أمنية فى ليبيا.. فرار أخطر السجناء من سجون طرابلس

أحمد الشناوى حارس عرين بيراميدز يحتفل بعيد ميلاده الـ"34" اليوم

موعد مباراة الزمالك وبيراميدز فى نهائى كأس مصر والقناة الناقلة


يارا السكرى فاشون ديزاينر تجمعها قصة حب مع محمد إمام فى صقر وكناريا

بيراميدز ضد صن داونز.. موعد مباراة نهائى دوري أبطال أفريقيا والقناة الناقلة

تفاصيل ميلاد هلال ذو الحجة وموعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

تعرف على عقوبة نشر الأخبار الكاذبة بعد إحالة سوزى الأردنية إلى المحاكمة

نيودلهي تكذّب ترامب بشأن وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان

زلزال اليوم.. الهلال الأحمر: لم ترد بلاغات عن أضرار بسبب الزلزال حتى الآن

زلزال اليوم.. هزة أرضية تضرب القاهرة وعددا من المحافظات.. البحوث الفلكية: قوته 6.4 ريختر على بعد 631 كم شمال رشيد.. ورئيس المعهد: عمق الزلزال كان كبيرًا.. ويطمئن المواطنين: نتابع تداعيات الهزة الأرضية بشكل دقيق

مركز أبحاث علوم الأرض الألمانى: زلزال بقوة 6.3 درجة ضرب جزيرة كريت فى اليونان

بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة

لا يفوتك


مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025

مواعيد حجز قطارات عيد الأضحى 2025 الثلاثاء، 13 مايو 2025 09:25 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى