سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 مارس 1939.. طه حسين «عميد كلية الآداب» يرفض قرار رئيس الوزراء بمنع تدريس كتابين لطلاب قسم اللغة الإنجليزية بزعم إساءتهما للإسلام

طه حسين
طه حسين
سعيد الشحات
عقد مجلس كلية الآداب بجامعة «فؤاد الأول»، اجتماعه فى غرفة عميدها، الدكتور طه حسين يوم 13 مارس، مثل هذا اليوم، 1939، ناقش الاجتماع شكوى نقلها مدير الجامعة، حول تدريس مواد فى قسم اللغة الإنجليزية، اعتبرها البعض إساءة للإسلام، وتنال من الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن مجلس الكلية، وبعد نقاش عميق، انتهى إلى غير ذلك، حسبما يذكر الدكتور محمد حسن الزيات، زوج ابنة طه حسين، ووزير خارجية مصر فى حرب أكتوبر 1973، فى كتابه «ما بعد الأيام».
 
كانت القضية أكبر من مجرد تدريس مواد للطلاب، حيث تزامنت مع انتشار جماعة الإخوان وتسللها داخل أسوار الجامعة، واستخدامها ورقة الدين، كما عبرت عن تمسك طه حسين باستقلاليته واستقلالية الجامعة، يذكر «الزيات» أن «العميد» قال فى الاجتماع، إن مدير الجامعة تحدث إليه بشأن شكوى البعض من قراءة كتاب «جان دارك» لـ«برنارد شو»، وكتاب «محادثات خيالية» لـ«لاندرو» فى قسم اللغة الإنجليزية، وأنه وعد بالنظر فى الأمر، ولن يتردد فى منع الكتابين إذا ظهر فيهما ما يمس العقيدة، أو يهين الإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم، وكشف «حسين» أن وزير المعارف حدثه فى الموضوع ذاته، فوعده بما وعد به مدير الجامعة، ثم طلب من رئيس قسم اللغة الإنجليزية، عرض نتيجة التحقيق الذى كلفه به حول الموضوع.
 
تحدث رئيس قسم اللغة الإنجليزية، موضحا أن اللغط أثير حول سبع محادثات فى كتاب «محادثات خيالية»، تأليف «لاندرو»، وحول رواية «جان دارك» تأليف «برنارد شو»، وأكد أن المحادثات السبع لا توجد فيها أى إشارة إلى الإسلام أو إلى الرسول الكريم، أما الكتاب الثانى «جان دارك»، فإنه من الكتب التى يطالعها طلاب قسم اللغة الإنجليزية منذ ست سنوات، وهنا خاطب رئيس قسم اللغة الإنجليزية طه حسين قائلا: «أقول منذ ست سنوات، أى قبل أن تنتخبوا سيادتكم عميدا، بل منذ كنتم خارج الجامعة»، وأضاف: «سبق أن ترجمت هذه المسرحية إلى اللغة العربية، ونشرتها لجنة التأليف والترجمة والنشر منذ سنوات أيضا، وهى ما زالت معروضة فى المكتبات ولم يعترض عليها أحد».
 
قدم رئيس قسم اللغة الإنجليزية، الجوانب التى يعترض عليها البعض، وكانت حول ماجاء فى المسرحية من حوار بين قسيس عظيم الحظ من التعصب والغباء والجهل، وبين أحد اللوردات، يتحدث القسيس عن جان دارك وعن النبى صلى الله عليه وسلم، ويقول، إن كليهما عدو للمسيح، لكن محاوره يرد عليه فورا، بأنه قد عرف المسلمين فوجدهم قوما كراما، بل إنه رآهم يفضلون قومه من نواح كثيرة، وواضح إذن أن المؤلف «برناردشو» لم يقصد التعريض بالإسلام، بل قصد إبراز الجهل والتعصب الذى اتصف به بعض رجال الكنيسة الذين كانوا يطالبون برأس جان دارك، والمؤلف رد على هذا القسيس المتعصب الجاهل على لسان اللورد الذى كان يحاوره ردا أنصف به الإسلام والمسلمين.
 
انتهى رئيس قسم اللغة الإنجليزية من عرض تقريره، فعلق عضو بالمجلس، قائلا: «القرآن الكريم يحكى أقوال المشركين الذين كانوا يصفون النبى صلى الله عليه وسلم بالسحر والكهانة، وما هو أسوأ ثم يرد عليهم»، وقال عضو آخر: «الكنيسة الكاثوليكية هى التى كانت تصدر لائحة للكتب التى تحرم على المسيحين الكاثوليك قراءتها، أما الإسلام فلم يعرف شيئا من ذلك»، وقال عضو ثالث: «ليست فى الجامعة كتب مقررة، والكتب التى يطلب إلى الطلاب قراءتها لا يطلب إليهم قبول ما فيها، بل إن الذى يطلب إليهم هو دراستها ونقدها».
 
علق العميد بكلمة أخيرة كشف فيها، أنه طلب من زميلين آخرين من خارج قسم اللغة الإنجليزية قراءة الكتابين، وتطابق رأيهما مع رأى رئيس القسم، ثم سأل: «هل ترون الموافقة على تقرير رئيس القسم ورفعه إلى مدير الجامعة؟» فوافق الجميع.
 
يكشف «الزيات» أنه بعد يومين اتصل وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل باشا، بطه حسين، وأبلغه بأن رئيس الوزراء محمد محمود باشا أمر بمنع الكتابين، فرد «حسين»، بأن الأساتذة المختصين قرروا أن الكتابين ليس فيهما ما يجرح الشعور الدينى أو يمس الإسلام أو رسوله الكريم، وأنه رفع تقريرا بذلك إلى مدير الجامعة، فأقره ووافق عليه، وعلمت أن التقرير عرض عليكم ووافقتم عليه.
 
رد الوزير: «صحيح، صحيح، ولكن هى أوامر رئيس الحكومة»، فرد العميد: «إذن تبحثون عن عميد ينفذ أوامر رئيس الحكومة مهما كانت ودون سؤال، فإن طه حسين لا يحسن ذلك»، يؤكد «الزيات»، أن الوزير دعا العميد لمقابلته للتفاهم، فوعده بالذهاب إلى مكتبه.
 
فى يوم 21 مارس 1939، شهدت القضية تطورات مؤسفة، حيث تظاهر طلاب الإخوان من خارج الكلية يهتفون بسقوط الكلية و «سقوط الأعمى».   
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة العمل: وظائف بالبوسنة والهرسك في مجال صناعة الأثاث بمرتب 52 ألف جنيه

مهرجان الرعب يبدأ فى إسبانيا.. إصابات خطيرة فى أول جولة لعدائى الثيران.. صور

تنسيق الجامعات 2025.. أماكن اختبارات القدرات للالتحاق بكليات التربية الفنية

وزير التعليم: نظام الثانوية العامة الحالى قاس على الطلاب والأسر

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"


وزير التعليم: نظام البكالوريا المصرية خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصرى

مش كلها بتزود وزنك.. 7 أنواع من الجبن صحية وتساعد على فقدان دهون البطن

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟

الأهلي يرهن إعلان صفقة أسد الحملاوي برحيل وسام أبو علي

مواعيد مباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة


مركز حراسة المرمى.. أول الملفات الشائكة على طاولة يانيك فيريرا فى الزمالك

العالم هذا الصباح.. ترامب: تأسيس إيلون ماسك لحزب سياسى جديد أمر سخيف.. جيش الاحتلال يشن عملية "الراية السوداء" على اليمن بـ20 غارة جوية.. وسيدة لبنان الأولى تكشف عن إجراء لأول مرة بالقصر الجمهورى

الأهلي يحسم مصير عروض رضا سليم للرحيل فى الصيف الحالى

تعرف على أغلى أندية نصف نهائى كأس العالم للأندية 2025

محور "محلة منوف" طفرة فى مشروعات الطرق بطنطا.. شريان مرورى جديد يحد من الحوادث ويُعيد رسم خريطة الحركة.. محافظ الغربية: نتابع تنفيذ المشروع أولا بأول.. ويؤكد: خطوة نحو تنمية متكاملة وتطوير شامل للبنية التحتية

أساطير ارتدوا قميصي ريال مدريد وباريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

جيش الاحتلال يعتزم استدعاء 54 ألفا من طلاب المعاهد الدينية للخدمة العسكرية

بي اس جي ضد الريال.. 3 غيابات فى "قمة الرعب" بنصف نهائي مونديال الأندية

صادرات البطاطس المصرية تحقق طفرة قياسية وتكافح "العفن البنى" بجهود مكثفة

هيثم شعبان يحدد موعد نهاية معسكر الطلائع فى الإسماعيلية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى