سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 16 مارس 1895.. اللورد كرومر يزعم بعد 13 عاما من الاحتلال البريطانى لمصر: «المصرى غير كفء وأكثر ما يحسنه الطاعة.. والفلاح لا يتفوه.. والمشايخ جامدين»

اللورد كرومر
اللورد كرومر
سعيد الشحات
«المصرى غير كفء لإدارة حكومته بنفسه»، هكذا زعم اللورد كرومر، أول معتمد للاحتلال الإنجليزى لمصر، فى حديث شامل أعطاه لمراسل «الجورنال الباريسى» يوم 16 مارس، مثل هذا اليوم، 1895، أى بعد احتلال بريطانيا لمصر بـ13 عاما، وكان المراسل وقتئذ معروفا بصفة «مكاتب».
 
طرح «كرومر» مبررات هذا الرأى السلبى منه فى المصريين أثناء حديثه الذى يشير إليه «أحمد شفيق باشا» فى مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن»، قائلا: «إن المصرى غير كفء لإدارة حكومته بنفسه، إذ ينقصه العلم وحسن التصرف وأكثر ما يحسنه الطاعة، وكل المصريين ليسوا على رأى واحد، فهم قسمان: قسم المعممين «المشايخ الأقدمين» الجامدين الذين يرفضون الأفكار الحديثة والتقدم فى المدنية ويكرهون الأجانب ولا يختلطون بهم، ويعدون من حزب المحافظين فى بلادهم، والقسم الثانى أبناء الأعيان الأغنياء الذين حصلوا العلم فى أوروبا فيرجعون لمصر، ويرغبون فى تطبيق ما تعلموه سطحيا ظنا منهم أنهم على علم وثيق، مع أن أوروبا لم تصل إلى مدنيتها إلا بعد أجيال، ونسوا أن مصر متأخرة ومتعصبة، كذلك ليس عندهم تؤدة فى أفكارهم، فهم خطر على البلاد لأنهم يرغبون فى هدم كل الموجود ولا يفكرون فى بديله».
 
ولأن تقييم «كرومر» للمصريين يقوم على معيار موقفهم من الاحتلال الإنجليزى، فإنه يرى أن القسمين السابقين «ضد الاحتلال لا يمثلان الأغلبية»، ثم ينتقل إلى القسم الثالث قائلا: «أما القسم المهم الذى يعول عليه فهو قسم المزارعين «الفلاحين»، فهؤلاء هم الذين يجب اعتبارهم، لأن الزراعة هى ثروة البلاد، فالفلاح لا يتفوه بشىء ولا يتظلم من الاحتلال الذى لا يشاهده ولا يسمع به، لأنه يدفع أموالا أقل من الماضى، ولا يؤخذ للعونة ولا تقع عليه المظالم السابقة».
 
يتكلم كرومر بعد ذلك عن إسراف «الوالى سعيد» و«الخديوى إسماعيل»، ثم يذكر أن نتيجة هذا الإسراف كانت «فقر الأهالى»، وقال عن نوبار باشا «المستشار والوزير ورئيس الوزراء منذ عهد محمد على باشا»: «ليس مصريا، هو أرمينى ومسيحى»، أما الخديوى الشاب «عباس حلمى الثانى» فهو شاب تنقصه الخبرة، وكان يجب عليه الانتظار بضع سنوات لكى تكون له فكرة تمكنه من إبداء رأى صالح فى الأمور، ولكنه أصغى إلى نصائح بعض المصريين الناقمين، فكاد يقع من جراء ذلك فى مشاكل خطيرة جدا، وينتقل «كرومر» إلى الحديث عن الفرنسيين قائلا: «بعد انسحابهم من مشاركتنا فى قمع الثورة سنة 1882 «العرابية»، كان يجب عليهم مساعدتنا فى تنظيم مصر لكى نصل إلى الجلاء عنها، ولكنهم بدلا من ذلك لا ينفكون عن إحداث العراقيل أمامنا».
 
هكذا يعطى «كرومر» صورة عن نفسه وعن بلاده كقوة احتلال، وعن مصر المحتلة وشعبها وعن حكام أسرة محمد على، وتحديدا: سعيد، إسماعيل، عباس حلمى الثانى، والمعروف أنه شغل موقعه كأول معتمد للاحتلال البريطانى لمصر يوم 11 سبتمبر 1883، أى بعد الاحتلال بعام «14 سبتمبر 1882» وبقى فى منصبه حتى أغسطس 1907، حيث غادرها تحت ضغط الحركة الوطنية بقيادة مصطفى كامل بسبب حادثة دنشواى 1906.
 
يتحدث عنه عباس حلمى الثانى فى مذكراته «عهدى» قائلا: «كان خادما نشطا لإنجلترا، ويخضع كل أفعاله لمصالح بريطانيا العظمى، ودون أن يشغل نفسه بالمؤثرات التى يمكنها أن تؤثر على ضميره»، ويضيف: «فى علاقاته معى كان لطيفا دائما، وكان يقول لكل مستمعيه أنه يرغب فى أن يساعدنى، ويتعاون معى بإخلاص، ولكنه كان يضيف بلهجة ساخرة: «إننى راض جدا عن نشاط صاحب السمو وعن شبابه»، الأمر الذى كان قد يعنى أن قلة خبرتى تدفعنى لعمل بعض الأخطاء، والواقع أنه كان يحاول دائما أن يهيننى ويقلل من شأنى، وكان كل مرة يأتى فيها لرؤيتى، ويكون فيها غير منشرح السريرة، يحاول أن يجرحنى، مدعيا أن الشعب المصرى كان يرغب فى أن يثور ضد الأسرة الحاكمة، وأن الإنجليز كانوا قد حضروا من أجل حمايتها وإعادة النظام، وكان يقول لى: لا تنس أن الحركة العرابية «ثورة عرابى» موجودة دائما وإذا ما رفعت إصبعى الصغير، فإنه يمكنها أن تظهر من جديد، وأن تطيح بالأسرة «العلوية» خارج البلاد، وحينما كان يحدثنى بهذه الطريقة، لم أكن أرد عليه أبدا إذ أننى كنت لا أرغب فى نشوب أزمة يمكنه أن يستغلها ضدى».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

كل ما تريد معرفته عن كواليس الميركاتو الصيفى فى الأهلى

إخلاء سبيل إبراهيم سعيد بعد استئنافه على حكم حبسه بسبب نفقة طليقته

الزمالك يتسلم استغناء عمرو ناصر خلال ساعات

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

الرئاسة: الرئيس السيسى ونظيره الصومالى عقدا مباحثات ثنائية


نتائج جديدة للتحقيقات الأمريكية حول فضائح أبستين.. ABC News تكشف التفاصيل

وزير التعليم: نظام الثانوية العامة الحالى قاس على الطلاب والأسر

الرئيس السيسى: زيارة رئيس الصومال لمصر تجسد عمق روابط الأخوة بين البلدين

ماكرون يدعو لتشريع جديد يتيح قتل المزيد من الذئاب البرية

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"


سيد رجب ورانيا يوسف يناقشان سلبيات السوشيال ميديا فى مسلسل لينك

وزير التعليم: نظام البكالوريا المصرية خطوة فارقة في تاريخ التعليم المصرى

الأهلي يترقب القرار النهائي للريان القطري لحسم مصير وسام أبو علي

مش كلها بتزود وزنك.. 7 أنواع من الجبن صحية وتساعد على فقدان دهون البطن

براد بيت يكشف انبهاره بنجمتين شاركتاه بطولة فيلم Thelma & Louise.. تعرف عليهما

عودة حركة القطارات على خط القاهرة ـ الإسكندرية عقب إعادة العربات لمسارها

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟

تحريات حادث الشرقية: السائق يحمل رخصة منتهية وكان يقود بسرعة جنونية

نصف نهائي كأس العالم للأندية يرفع شعار "أصدقاء الأمس.. منافسي اليوم"

تعرف على أغلى أندية نصف نهائى كأس العالم للأندية 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى