المغالاة فى مهور الزواج ضد الشرع والعقل.. لماذا؟

أحمد التايب
أحمد التايب
أحمد التايب

ما نراه الآن فى مجتمعاتنا العربية من المغالاة فى مهور الزواج ظاهرة تستحق التوقف، بل تحتاج إلى شحذ الهمم لمواجهتها إعلاميا ودينيا واجتماعيا وثقافيا، بعد أن تمادى كثير من الناس فيها، حتى وصلوا إلى حد الإسراف والتباهى فى تجهيز العرائس، فكم من بيوت يتم شحنها بأمور لا حاجة لها؟، وكم من خلافات بين أهل العروسين تتم على أتفه الأسباب، لدرجة أن الطرفين يتربصان لبعضهما وكأنهما عدوان فى معركة حربية؟، وكم من فتيات لم تلحقن بركب الزواج بسبب تعنت آبائهن؟.. وكم أمهات أصبحن من الغارمات بسبب جهاز بناتهن؟ وكم حالات تم تطليقها قبل الدخلة لحدوث خلاف فى شرط أو مطلب؟ وكم من حالات فُسخت خطوبتها لعجز طرف عن تحقيق مطلب؟ وكم من دعاوى قضائية رُفعت فى المحاكم سببها طمع طرف فى كسب مالٍ جراء وجود مؤخر صداق مرتفع؟ وكم من مهور عالية التكاليف شجعت أصحابها على التقاضى متغاضية عن الأمر الإلهى "أو تسريح بإحسان".

 

وكم من شاب أعيته مغالاة المهور فامتلكته الشياطين حتى أضلوه ففسد اتجاهه وخسر أهله؟، وكم من فتاة ضلت فَجَرَّت الخزى على نفسها وعلى أهلها؟، وكم من زوج جلبت العداوة إلى قلبه تجاه زوجته لما يحدث له من ضيق مالى بسببها؟، وكم من طموح حُطم على صخرة الكبت وخيبة الأمل بسبب تعنت الوالدين فى المطالب؟، وكم من حرة مصونة ظلموها أهلها فتركوها بدون زوج بسبب هذه المغالاة؟ وكم أولاد وبنات شردوا بسبب انهيار أسرتهم لكثرة الخلافات المتراكمة قبل الزواج؟ لكن للأسف الكل يتناسى أن هدف الزواج هو السعادة لا الشقاء وهو اليسر لا العسر.

 

وما يثير العجب حقا، تحول الزواج القائم على المودة والمحبة إلى مباهاة كاذبة، فنرى فى بعض المجتمعات الريفية، استئجار 10 العربات لتكديسها بالأثاث والأجهزة والأدوات، والملابس، فالكل يتسابق لملء هذه السيارات متفاخرين بعددها، حتى ولو الشقة الزوجية لا تستوعب هذه الأشياء، كل هدفهم التفاخر، متناسين أن هذا يترتب عليه كثير من المفاسد.

 

والغريب أيضا، أن هؤلاء يحرصون على التمسك بهذه التقاليد والمغالاة عند تزويج ابنته أو ابنه، رغم أنهم يرفضونها عند التحدث عن الغير، أو أثناء الحديث فى حوار أو مناقشة، رافعين شعار الأنانية، ومبررهم "كل الناس بتفعل هذا" رغم أنه لا يختلف أحد على أن الأسرة التى تقوم على البساطة سواء فى المهور أو الجهاز أو المسكن أسرة سعيدة؛ لأنها لا ترى سعادتها فى المظهر أو المادة وإنما سعادتها فى التفاهم والتقارب والمراعاة بكافة جوانبها.

 

ونتيجة لانتشار هذه الظاهرة، نجد معظم الزيجات يتم ملىء بيوتها بأشياء لا حاجة للزوجين لها على الإطلاق مثل، حجرة الأطفال التى تتسبب أحياناً فى خلافات مع أن الأطفال لم تأت بعد!، وكذلك ما يُسمى بالنيش المملوء بأشياء مصيرها التكسير على يد الأطفال والأبناء، والآلاف التى تنفق فى حفل الزواج بلا داعٍ أو مبرر، وعشرات الأطقم من الملابس والحُلى رغم أن مصيرها التخزين والمناسبات، والولائم التى تقدم وأصحابها هم أحوج الناس إلى أموالها، لكن ماذا نفعل أمام التفاخر والتباهى؟

 

وهنا يجب تحكيم العقل وتطبيق صحيح الشرع لمواجهة هذه الظاهرة، فها هو شيخ الأزهر الإمام الطيب، دوما ما يطالب بضرورة تغيير مفهوم الزواج، مطالبا كل مسئول فى الإعلام ومنابر العلم والتعلّم عن تبليغ قيم الشرع السمحة للناس، وكيف أن بركة الزواج مرتبطة باليسر لأن هذا من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ، كما قال النبي الكريم، "خير النكاح أيسره".

 

والعظيم أن كافة الديانات ترفض هذه المغالاة، فها هى الشريعة المسيحية تؤكد دوما أن الزواج الناجح فى المسيحية مبنى أولاً وأخيراً على حضور الله فى الأسرة وكل شىء بعد ذلك يدخل فى هذا النطاق.

 

وأخيرا.. فإن بركة الزواج مرتبطة باليسر، حيث قال النبى الكريم: أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً، و"خيرهن أيسرهن صداقاً"، وهو ما يوضح أن التيسير فى التكاليف تعقبه البركة فى الزواج والسعادة بين الزوجين بلا شك، لهذا يجب أن يعلم كل متورط، أنه يسير عكس روح الشرع وسلامة العقل، فما سيقام على المنافسة والمباهاة ستبعد عنه المودة والرحمة اللتان تعدان جوهر الزواج فى كافة الأديان، فكلنا أمل أن نعود إلى رشدنا حتى لا نشارك فى جلب المفاسد إلى بيوتنا بأيدينا، ونحن بكامل أهليتنا العقلية..

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة

اتحاد الكرة: لن نستدعى زيزو والأهلى إلا بعد حضور محامى الزمالك لجلسة الاستماع

موعد مباراة فلومينينسى وتشيلسى فى كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات


وزير الاتصالات: عودة الخدمات بشكل تدريجى خلال 24 ساعة

"اليوم السابع" يجرى جولة بمحطات الخط الرابع لمترو الأنفاق.. التنفيذ يتخطى الـ50% والتشغيل 2027.. أول قطار يصل العام القادم والشركات المصرية تصنع التاريخ.. والرصيف بوسط المحطات وأبواب زجاجية لحماية الركاب.. صور

فلومينينسي يصارع تشيلسي على بطاقة نهائى كأس العالم للأندية 2025

بدء تلقى أوراق الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ لليوم الرابع على التوالى

الزمالك يصرف مستحقات اللاعبين الأسبوع المقبل


رجال الحماية المدنية يواصلون عمليات التبريد لحريق مبنى سنترال رمسيس

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

تياجو سيلفا يتجسس على تشيلسي من أجل حلم فلومينينسي في مونديال الأندية

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام

حسام أشرف لاعب الزمالك ينتقل إلى سموحة لمدة موسم واحد على سبيل الإعارة

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 8 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

رئيس إشبيلية يُغري ياسين بونو بالعودة إلى الليجا

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

للمرة الثانية..السيطرة على حريق مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تبدأ التبريد.. صور

فات الميعاد الحلقة 19.. الحكم على أحمد مجدى بالسجن خمس سنوات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى