الأزهر للفتوى يوضح 6 دروس مستفادة من تحويل القبلة فى ليلة النصف من شعبان

فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر
فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر
كتب لؤى على
قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الالكترونية ، إن تحويل القِبلة حدث يؤكد وسطية أمة الإسلام، ويؤكد العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى المباركين، مضيفا: فقد كان تحويل قبلة الصلاة من المسجد الأقصى إلى البيت الحرام بمكة حدثًا فارقًا في تاريخ المسلمين، ونقطةَ تحوُّلٍ في مسار الأمة الإسلاميَّة، وقد تعددت الفوائدُ والدروسُ والعِبَرُ من هذه الواقعة، والتي يمكن أن نستفيد منها على المستويَيْنِ الشخصيِّ والمجتمعيِّ.
 
 
وكشف المركز فى بيان له عن عدة دُّروس لتلك الواقعة وهى كما يلي:
 
(1) تُرسِّخ حادثة تحويل القبلة في المسلمين تعظيم ربهم سبحانه، فهو الغاية الكبرى وإن اختلفت الوجهة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله إِنَّ الله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:115]، وقال أيضًا: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُل لِّله الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. [البقرة:124]
 
(2) تُشجِّع الإنسانَ على تحويل حاله؛ طلبًا لرضا الحق سبحانه؛ فتغيير علاقة العبد بربه للأفضل سبب لتغيير جميع أحواله؛ قال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. [سورة الرعد: 11]
 
(3) كان تحويل القبلة بمثابةِ تمحيصٍ واختبارٍ لكافَّةِ الأطيافِ في المجتمع، وكان للمؤمنين إيمانًا صادقًا وهدًي ونورًا؛ فحينما تلقَّوْا أمرَ الله تعالى بالتحوُّلِ إلى البيت الحرام سارعوا إلى امتثال الأمر ولسان حالهم يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [سورة البقرة: 285].
 
أما المشركون، فزادهم هذا الأمر كُفرًا على كفرهم، وعنادًا على عنادهم، وقالوا: يوشك أن يرجع محمدٌ -ﷺ- إلى ديننا كما رجع إلى قبلتِنا؛ فخاب ظنهم، وكسَد سعْيُهم، وباؤوا بغضبٍ على غضبٍ.
 
وأما اليهود فقالوا: لو كان محمدٌ -ﷺ- نبيًّا حقًّا لم يخالف قِبْلَةَ الأنبياء قبله، أَمَا وإنه قد خالفها فليس بنبيٍّ.
 
وأما المنافقون -الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا خِلافَه- فتحيَّروا وترددوا وقالوا: لو كانت القبلةُ الأولى حقًّا فقد ترك الحقَّ، وإن كانت القِبلةُ الثانية هي الحقَّ فقد كان على باطلٍ.
 
وكثُرَت الأقاويل، وفُتِن أُناسٌ -لم يرسخ الإيمان في قلوبهم- عن الحق، وتكلَّم كلُّ سفيهٍ ضعيفِ العقلِ بما وافق هواه، وقد صوَّر المولى سبحانه وتعالى هذه الأحوال، وهذه الأجواء في صورةٍ بديعةٍ، وسطرها في كتابه الكريم فقال: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة البقرة: 145]، فكلُّ نجاحٍ وفلاحٍ في التسليم لأمر الله تعالى والانقياد، والهلاكُ والخسرانُ في الاستكبار عن أمره والعناد.
 
(4) تأكيد عِظَم مكانة النَّبي ﷺ وعلوِّ قدره عند ربه سبحانه وتعالى؛ فقد كان ﷺ يحبُّ أن يتوجَّه في صلاته إلى البيت الحرام، وتهفو روحُه إلى استقبالِ أشرفِ بقاع الدُّنيا؛ ليستعيد ذكرياتِ الحنيفية الإبراهيمية؛ لكنَّ أمر الله تعالى كان مقدمًا في نفسه على ما يُحبُّ ويهوَى، فقابلَ اللهُ تسليمَه وتقديمَه لأمره بتحقيق رغبتِه، فأمره بالتحوِّل إلى الكعبة -شرَّفَها الله وأدام حولها ذكره وعبادته-، يقول الإمام الواحدي في كتاب أسباب النزول (صـ 64 ط. الكتب العلمية) في مناسبة نزول هذه الآية: «..وَذَلِكَ أن النبي ﷺ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَدِدْتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى صَرَفَنِي عَنْ قِبْلَةِ الْيَهُودِ إِلَى غَيْرِهَا -وَكَانَ يُرِيدُ الْكَعْبَةَ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ- فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ لَا أَمْلِكُ شَيْئًا، فَسَلْ رَبَّكَ أَنْ يُحَوِّلَكَ عَنْهَا إِلَى قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ. 
ثُمَّ ارْتَفَعَ جِبْرِيلُ وَجَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى السَّمَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَأْتِيَهُ جِبْرِيلُ بِمَا سَأَلَهُ. فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ» اهــ.
 
ويخبر ربنا سبحانه وتعالى عن هذا المعنى بأسلوبٍ رائقٍ رائعٍ يصور مشاعرَ رسوله ﷺ تجاه البيت الحرام، ويصوّر عطفَ المولى سبحانه على حبيبه ﷺ فيقول تعالى: { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ..} [سورة البقرة: 144]، فلنعرف لنبينا ﷺ قدْرَه، ولنعظِّمْ في أنفسنا شأنه؛ فالخيرُ كلُّ الخيرِ في اتباعه، واقتدائه، وتوقيره. 
 
(5) تأكيد العلاقة الوثيقة بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ فالمسجد الحرام هو أول بيتٍ وُضِع في الأرض لعبادة الله تعالى، وثانيها هو المسجد الأقصى المبارك كما جاء في حديث سيدنا رسول الله ﷺ الذي أخرجه الإمام البخاري رحمه الله عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ أَوَّلَ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ»، ثُمَّ قَالَ: «حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، وَالْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ».
 
فقرن ﷺ بين المسجدين ليُثبِتَ القُدْسيَّةَ لكلَيْهِما؛ وليعرف المسلمُ قيمةَ المسجد الأقصى، وأنه لا يقلُّ مكانةً عن المسجد الحرام، وأن التفريطَ في أحدهما أو التهاونَ في حقه يُعَدُّ تهاونًا وتفريطًا في حق الآخر. 
 
(6) تأكيد وسطية الأمة المُحمديَّة في فكرها وتطبيقاتها؛ فلا انحراف ولا انجراف، ولا إفراط ولا تفريط، قال الإمام الماوردي في تفسيره (1/199 ط الكتب العلمية): «الوسط من التوسط في الأمور؛ لأن المسلمين تَوَسَّطُوا في الدين، فلا هم أهلُ غلوٍّ فيه، ولا هم أهل تقصير فيه» اهــ.
 
 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سلاح الجو الأمريكى يعترض طائرة فوق نادى ترامب للجولف

صدق أو لا تصدق.. ميسي يُهدي هدفا لمنافسه بتمريرة كارثية "فيديو"

اليوم.. عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر بمسجد الحامدية الشاذلية

الزمالك يجدد عقد عبد الله السعيد لمدة موسمين

صدمة للبايرن.. تقارير تكشف مدة غياب موسيالا بعد إصابته الخطيرة


ملخص وأهداف باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونخ 2-0 فى كأس العالم للأندية

ريال مدريد يهزم دورتموند ويواجه باريس في نصف نهائي مونديال الأندية.. فيديو

ريبيرو يدرس إعادة نظام الدور فى حراسة المرمى بالأهلى

شريف مكاوى: فخور بتعاونى مع تامر حسنى فى "لينا معاد" والأغنية من كلماتى وألحانى

اعتراف بعد 62 عاما.. ضابط استخبارات أمريكى التقى قاتل كينيدى قبل اغتياله


تحذير عاجل من الأرصاد الجوية لهذه المحافظات خلال الـ48 ساعة المقبلة

وظائف جديدة بمرتبات تصل لـ 13 ألف جنيه بشركة كهرباء.. تفاصيل

الرئيس السيسى يوجه "الداخلية" بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين على كافة الطرق

عائلة الزعيم تطمئن الجماهير على صحة عادل إمام فى أحدث ظهور له.. صورة

رامى إمام يكشف عن صورة لعادل إمام مع عائلته وأحفاده

ملاك عادل عن أغنية "بابا": الهضبة هو بابا الغنا.. وسعيد بالتعاون الثاني

وزير العمل يوجه ببحث تعويض ضحايا حادث الدائري الإقليمي ويعزى أسر المتوفين

موعد مباراة الريال ضد دورتموند فى ربع نهائى كأس العالم للأندية

مها نصار مُعدة برامج وصديقة زينة المقربة فى مسلسل ورد وشوكولاته

إصابة عاملين سقطا من أعلى "سقالة" أثناء العمل فى المنصورة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى