الفرصة لمن يبحث عنها

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم : محمد أحمد طنطاوى
لا تتحرك الأمم خطوة واحدة للأمام إلا بالجهد والعمل، ولا يطرق التقدم باب مجتمع إلا إذا كان دستوره السعى والإنتاج، لذلك ننظر دائماً إلى تجارب الأمم بانبهار وشغف، نتحدث عنهم، ونطمح لما لديهم، دون أن نقدم شيئاً، فنحن ننقل المعادلة دون أن نعرف براهينها وكيف جاءت أرقامها وتحولت معها الشعوب من الظلام إلى النهضة.
 
الكل يقارن ويضع تصورات وسيناريوهات لماذا لا نصبح مثل الدولة الفلانية؟ لماذا لا يحصل العامل على الأجر الأعلى كما فى ألمانيا؟ لماذا لا نعرف القلاع الصناعية العملاقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية؟ لماذا لا تصبح شوارعنا منظمة؟ وهكذا عشرات الأسئلة التى يظن أصحابها أن الإجابة عليها مثار إحراج أو انتقاص من قدر مصر، لكن الحقيقة مصر أكبر وأقدر منا جميعاً.
 
الإجابة ببساطة أننا دائماً ما نفضل الطرق السهلة، والأرض الممهدة، فلا نجيد العمل فى صمت، ونبحث عن الثراء السريع والمكسب الحائر، والصفقات الساخنة، دون أن نكترث لأى تبعات سلبية، نلوم المجتمع والدولة والمسئولين على ظروفنا الشخصية، وكم من شاب يندب حظه ويجلس فى منزله ينتظر الفرصة، دون إدراك أن الفرصة لمن يبحث عنها، ويسعى من أجلها، بل كلنا يهوى الإدارة ولا يفهمها، ومع ذلك نحب أن نصبح جميعاً مدراء، ليس لأى شيء سوى أننا نرغب فى تجاوز فكرة العمل بمفهوم خاطئ ومشوه مفاده أن المدير لا يعمل، ليس له موعد للحضور أو الانصراف، يمنح ويمنع، مع أن هذه نوادر لا تعرفها المجتمعات التى نتشدق بها ونجعل من تجاربها مضربا للأمثال.
 
العامل فى الخارج يحاسب بالدقيقة، وتخصم من راتبه، إذا تأخر عن مواعيده، بينما فى مجتمعنا لا نعرف حسابات الدقائق إلا فى موعد الانصراف، فإذا جاءت الثالثة انصرف الجميع، بينما فى الحضور كل له مواعيد، وكل له ظروف، وكل له عادات، فلان عريس جديد، وفلانه مخطوبة من شهرين، وعلانة زوجها مريض، وترتانة لديها أطفال فى المدارس.. وهكذا، فكلنا يتذكر ظروفه ومشكلاته فى أوقات العمل، بل نتفنن فى عرضها وإبرازها بصورة تفوق كل التوقعات.
 
لا نتوقف عن الشكوى، ولا نقتصد فى الحديث عن خبراتنا وقدراتنا فى حين أن ما نقدمه أقل من العادى، لكن على مؤسساتنا وشركاتنا ومصانعنا أن ترضى بما نصنع ونقدم، بل وتشيد بجودته حتى وإن غابت، لكن يبقى لنا الحق دائما فى التأفف من ضعف الراتب، والشكوى من ضيق الحال، وغياب التقدير، وسوء المعاملة، والعبارة الشهيرة التى نجيدها جميعاً: "على أد فلوسهم".
 
المواطن الصينى يعمل 12 ساعة يومياً، على مدار 6 أيام فى الأسبوع، لذلك على الرغم من أن التعداد السكانى للصين 1.4 مليار نسمة، لا تعانى مشكلة سكانية، بل صار سكانها قوة بشرية كبيرة، جعلتها رقماً فريداً فى معادلة القوى العالمية، وضلعا أساسياً فى اقتصاد الكرة الأرضية، لأن الكل يعمل دون ضجر، يسعى دون أعذار، يبذل ويقدم دون أن ينتظر عطية من أحد، فهكذا تتقدم الأمم.. 
 
حتى نلتمس طريقنا نحو النجاح، علينا أولاً أن نعلق مشكلاتنا على أنفسنا، ونجتهد ونسعى لحلها، فأنت من تصنع نهضتك أو تعاستك، عليك فقط أن تضع أمامك منظومة قيم ولا تسمح أن تتآكل مع مرور الوقت أو تغير الأحوال..
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

لا صيد قبل صناعة القوارب

لا صيد قبل صناعة القوارب الخميس، 04 مارس 2021 03:47 م

خدمة تطفيش العملاء

خدمة تطفيش العملاء الإثنين، 01 مارس 2021 11:02 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"ستوديو إكسترا" يعرض قصة سائق توك توك أمين يعيد 70 جرام ذهب لصاحبها بالأقصر

استشهاد فلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال منزلا بحي الدرج في مدينة غزة

انتهت المراجعة وتنتظر اعتماد الوزير.. نتيجة الدبلومات الفنية على اليوم السابع

رعب فى كاليفورنيا بعد تسجيل 40 هزة أرضية متتالية ومخاوف من حدوث زلزال كبير

مظاهرات حاشدة فى تل أبيب للمطالبة بوقف حرب غزة وإنجاز صفقة تبادل الأسرى


تصنيع أول سيارة كهربائية بشركة النصر وطرحها فى أغسطس المقبل

أوسيمين يواصل رفض إغراءات الهلال السعودي ويتمسك بجالطة سراي

الحرائق تدمر 15 ألف هكتار فى اللاذقية والأردن وقطر والعراق يشاركون فى الإطفاء

الزمالك ينهى اتفاقه مع أحمد راضى لتدعيم صفوف فريق كرة اليد

الاتحاد السكندرى يقرر الاستغناء عن شكرى نجيب وعمر الوحش


المتحدث باسم الدفاع المدنى فى غزة: نمر بيوم صعب للغاية بسبب كثرة المجازر

نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. اعرف موعد إعلانها

خطوات الاستعلام عن معاش "تكافل وكرامة".. اعرف التفاصيل

لامين يامال يحتفل بعيد ميلاده الـ18 مع أسرته.. صور

هبوط أرضى بميدان التجنيد بالحلمية ومحافظة القاهرة تكشف الأسباب

كمائن للكشف عن المخدرات بالطرق والمحاور الرئيسية والسريعة بالدقهلية اليوم

ضبط سائق تروسيكل غير مرخص اصطدم برجل مرور حال استيقافه فى الجيزة.. فيديو

وزارة التعليم تنفى إرجاء تطبيق 20% على الحضور لطلبة ثالثة إعدادى لعام 2027

الرئيس السيسى يصل مالابو للمشاركة فى اجتماع القمة التنسيقى للاتحاد الأفريقى

كامل الوزير يفتتح مصنعا ويضع حجر أساس آخر لإنتاج ثلاجات وديب فريزر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى