سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 23 إبريل 1955.. رسائل سرية من محمد الخامس سلطان المغرب فى منفاه بمدغشقر تحملها ممرضته «فاطمة الزهراء» إلى «صوت العرب» وشيخ الأزهر

محمد الخامس
محمد الخامس
دخل المذيع فى إذاعة «صوت العرب» ديمترى لوقا على رئيس الإذاعة أحمد سعيد، يبلغه بأن هناك سيدة تطلب مقابلته، وأنها من «مدغشقر» ومن طرف سلطان المغرب «محمد الخامس» الذى خلعه الاحتلال الفرنسى ونفاه إليها.
 
كانت الزيارة غريبة ومفاجأة مساء 23 إبريل، مثل هذا اليوم، 1955، وغرة شهر رمضان 1374 هجرية، حسبما يذكر أحمد سعيد فى مذكراته «غير المنشورة، وبحوزتى صورة منها».. جاءت الزيارة فى توقيت كانت «صوت العرب» الصوت الإعلامى العربى الأقوى والمؤثر فى مساندة نضال الشعب المغربى ضد الاحتلال الفرنسي، ومساندة محمد الخامس، ومساندة الثورة الجزائرية فى كفاحها المسلح.. يتذكر سعيد: «وجدتنى أسابق ديمترى (المهاجر إلى كندا فيما بعد) إلى خارج مكتبى حيث وقعت عينى على فتاة بشرتها أقرب إلى السواد منها إلى السمار، واندفعت أسألها: من عند السلطان محمد؟..فتجيب: سلطان المغرب»..يؤكد سعيد : «دعوتها للدخول والجلوس لأسمع أنبل وأذكى ما أهدانى مسئول عربى يخدم به قضية بلاده».
 
كانت السيدة تتحدث بالفرنسية، و«ديمترى» يترجم بينها وبين «سعيد»، وقدمت نفسها: «فاطمة الزهراء أحمد حميرى» من أصل يمنى، تعمل ممرضة، واختارها الطبيب الفرنسى للسلطان محمد الخامس لمرافقته ليل نهار كى ترعاه فى مرضه بالصدر والرئة»..أضافت : «السلطان أرسلنى إلى صوت العرب ومسؤول فيه اسمه أحمد سعيد».. يؤكد سعيد: «اندفعت قائلة بأداء يشبه أداء تلميذ يردد درس محفوظات.. قالت: السلطان يشكر صوت العرب، ويقول إن تجاهل ذكر البربر فى الراديو مع الجزائر ضار أكثر من نافع.. الحديث معهم بالإسلام.. قليل العروبة..وكثير الإسلام، أذكروا أن «بن باديس» فى الجزائر بربرى صنهاجى، وعلال الفاسى يزودكم بأسماء أولياء وأئمة مغاربة بربر قادوا جهادا.
 
يعترف «سعيد» أن هاجس المسؤولية فى الاطمئنان إلى المصدر جعله يسألها عن سر ثقة السلطان فيها وتكليفه لها بهذه المهمة، فكشفت، أنها رافقته نحو ثلاثة أشهر مقيمة فى المنزل، وأنه أنس إليها خاصة عندما أنقذت ابنته الأميرة عائشة من لدغة ثعبان أثناء وجودها فى حديقة البيت، وبعدها عاملتها الأميرة مثل الأخت، وكانت لها حجرة بجوارها، وأن أمها جاءت لزيارتها بعد شهر فحرص السلطان على استقبالها والحديث معها، وسعد بها حين وجدها تحفظ فاتحة القرآن الكريم وبعض سوره باللغة العربية عن والدها (جد فاطمة) الذى يعيش على أمل أن يحج بيت الله أو يعتمر، وأنه يعطى شيخ المسجد مبلغا من كسبه كل يوم جمعة من الصيد منذ سبع سنوات ليحتفظ به حتى يتم نفقات الحج أو العمرة، ولما عرف السلطان محمد الخامس ذلك، وعد الأسرة (فاطمة ووالدها وجدها وأمها) بتحقيق أمنيتها، ونفذ وعده بأن يعتمروا فى هذا العام (1955).
 
فى الطريق إلى العمرة مرت الأسرة بالقاهرة ومنها بالطائرة إلى الحجاز، وطلب السلطان من «فاطمة» وحدها أن تحمل ثلاث رسائل شفهية إلى القاهرة، إلى، أحمد سعيد فى صوت العرب، والزعيم المغربى علال الفاسى اللاجئ فى مصر، والإمام الأكبر شيخ الأزهر.. يؤكد سعيد: «طلبت منى مساعدتها فى توصيلها».. يضيف: «وجدت أنه لا بد من إبلاغ فتحى الديب (مسؤول الشئون العربية برئاسة الجمهورية)، وطلبته تليفونيا من غرفة مجاورة، وشرحت له القصة، فطلب منى مصاحبتها بنفسى إلى الفندق الذى تقيم فيه».
 
يؤكد «سعيد» أن «الديب» رتب لقاء فاطمة الزهراء بشيخ الأزهر، وكانت رسالة السلطان إليه هى توصيته بزيادة رعايته للدارسين المغاربة فى الأزهر بالتعاون مع رئيس حزب الاستقلال علال الفاسى، وخاصة بعد أن علم فى منفاه أن حكومة «الجلاوى» التى عينتها سلطات الاحتلال الفرنسى أوقفت إرسال مستحقاتهم لرفضهم إعلان تأييدهم له، وطالبتهم بالعودة إلى المغرب.. يضيف سعيد: «الرسالة إلى علال الفاسى لم تخرج عن الرسالة إلى شيخ الأزهر عدا قوله: «المغرب فى عنق علال الفاسى ووفقه الله فى أدائها».
 
يختتم أحمد سعيد روايته عن «فاطمة الزهراء»، قائلا: «فور علم الرئيس عبدالناصر بمهمتها، أمر باستضافتها وأسرتها عند عودتهم من عمرة رمضان فى طريقهم إلى «دار السلام» ومدغشقر، وشراء هدايا قيمة لهم بالإضافة إلى عشر نسخ مغلفة من «المنتخب فى تفسير القرآن الكريم»، وكان تلقى نسخته الأولى من وزير الأوقاف الشيخ أحمد حسن الباقورى، وطلب من فتحى الديب أن يكلف فاطمة وأمها بتقديم نسخة منها إلى السلطان وتقولان له بالعربية أوالفرنسية: «أخوك فى مصر يقول لك: وبشر الصابرين.. صدق الله العظيم».
 
يؤكد سعيد: «قام فتحى الديب بالواجب المستحق دون أن ينسى واجبه كرجل مخابرات مسؤول، فيضع خطة وبدائل لها يسرت الاتصالات السرية بين السلطان فى منفاه ومصر وعلال الفاسى» .
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

استكمال عمليات تبريد حريق سنترال رمسيس.. صور

موسم باريس سان جيرمان المثالى يهدد حلم ريال مدريد المونديالى

زى النهارده.. منتخب الشباب يتوج ببرونزية مونديال الأرجنتين أمام باراجواى

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

جيش الاحتلال: صافرات إنذار تدوي في مناطق إسرائيلية قرب غزة


طلعت يوسف يعلن اعتزاله التدريب بعد قيادة 476 مباراة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر المتوسط قبالة سواحل تركيا

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

وزير الاتصالات يتابع حريق سنترال رمسيس.. واستعادة الخدمة خلال ساعات

رسامة جديدة تعلن: مها الصغير نسبت لوحتى لنفسها.. لست الأولى فقد سرقت 3 آخرين


الحوثيون يغرقون سفينة تتعامل مع إسرائيل في البحر الأحمر بخمس صواريخ

شجاعة منقطعة النظير.. رجل يخاطر بحياته لإنقاذ 6 أشخاص من حريق شقة في باريس

رسميًا.. كالوم ويلسون يودّع نيوكاسل بعد خمسة مواسم

بسبب توهج وسام أبو علي.. غزو فلسطيني يقترب بقوة من الإيجيبشن ليج

بعد تعدد الحوادث.. خطة مرورية مشددة وتحويلات جديدة على الطريق الإقليمي.. الداخلية تُكثف حملاتها على الطريق وتُغلق أحد اتجاهاته لمدة أسبوع لرفع كفاءته.. وضبط سيارات تسير عكس الاتجاه وتتجاوز السرعة

الذكرى الثامنة لمعركة البرث.. شهادة دم تؤكد جرائم الإخوان ومعركة الدولة ضد الإرهاب.. مصر دخلت حربًا حقيقية ضد إرث دموي زرعته الجماعة في سيناء بعد 3 يوليو.. وكلمات الشهيد الحي أحمد منسي تحولت لأيقونة وطنية

وزير التعليم: الطالب يختار أحد 4 مسارات فى البكالوريا و70% النجاح فى الدين

مدرب ميلان يعلن انضمام مودريتش إلى الروسونيري بعد كأس العالم للأندية

المرور في الجمهورية الجديدة.. خدمات ذكية وبنية تحتية حديثة تضع المواطن أولًا.. وحدات إلكترونية ومنافذ جديدة لخدمة أسرع وأسهل.. الشباك الواحد يحدث نقلة نوعية.. والتكنولوجيا في خدمة المواطنين وسلامة الطريق

هتصيف فى إسكندرية؟.. ضوابط ومحاذير على الشواطئ.. ممنوع نزول البحر بعد الساعه 7 مساء.. حظر الخروج من الشاطئ بملابس البحر.. إلزام المستأجرين بمنظومة الإنقاذ.. وتشديد على عدم دخول الشاطئ بمواقيد الغاز أو الشيشة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى