أحمد إبراهيم الشريف يكتب: العظمة لها عنوان اسمه مصر.. الحفل الأسطوري ينقلنا إلى أصل الحضارة.. ويدفعنا لقراءة ما كتبه جيمس برستد في "فجر الضمير" عن تاريخ أجدادنا.. وكيف استطاع المصريون تشييد منظومة أخلاقية شاملة

إنها ليلة عظيمة فعلاً، ليلة تاريخية انفردت فيها مصر بالعزف على كل الأنغام العالمية، لتقدم للعالم سيمفونية لن ينساها بسهولة، لقد تحرك 22 ملكا مصريا بكل أبهة الحضارات القديمة والحديثة خرجوا من المتحف المصرى فى التحرير منطلقين إلى المتحف القومى للحضارة فى الفسطاط، وسط احتفالية عالمية، فى تأكيد أن مصر هى ضمير العالم.
 
وقد عكست الاحتفالية العظيمة التى شرفها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وضيوف مصر، جانبًا مهمًا من عظمة الحضارة المصرية القديمة متمثلاً فى فكرة القيم المصرية القديمة.
 
 
 
والفكرة قادمة من معنى "فجر الضمير" الذى يعيدنا إلى الكتاب الشهير لجيمس هنرى برستد، والذى ترجمه سليم حسن.
وكان برستد مشغولاً بمصر وحضارتها، لذا قال فى مقدمة كتابه: "فى حياة الصياد فى عصر ما قبل التاريخ، الذى كان يكافح بين ذوات الثدى المتوحشة الهائلة التى كانت تحيط به، بدأ يسمع همسًا من عالم جديد كان ينبثق فجره فى باطنه، وكان هذا الهمس بمثابة بوق جديد يختلف عن همس ألم الجوع أو الخوف الذى يشعر به الإنسان للمحافظة على كيانه، وإذ لم يكن يقتصر هذا البوق على تحريك إحساس واحد فحسب تاركًا كل المشاعر الأخرى هادئة مطمئنة، بل حرك لأول مرة كل العوامل النفسية معًا، فما هو المنبع الذى خرجت منه كل هذه الأصوات الباطنة، وكيف اكتسب تلك القوة الآمرة فى حياة الإنسان الفردية، وكيف أنها نهضت حتى أصبحت قوة راسخة مسيطرة فى المجتمع الإنسانى؟ لاشك أن ذلك كان تقدما عظيما وتغييرا أساسيا.
 
 
 
ونحن نكرر هنا أن كل هذا التقدم كان رحلة اجتماعية تقع مراحلها الأخيرة فى متناول مدى ملاحظاتنا، لأنها حدثت فى العصر التاريخى أى فى العصر الذى ظهرت فيه الوثائق المدونة، وقد ساعدنا حل رموز اللغات الشرقية القديمة على قراءة ما وصل إلينا من السجلات المكتوبة فكشفت لنا عن فجر الضمير وعن الأطوار التى صار بها قوة اجتماعية وتمخضت لنا عن عصر الأخلاق، ذلك العصر الذى مازلنا نقف عند أول مرفأة فيه".
 
 
وأثبت برستد فى كتابه أن ضمير الإنسانية بدأ فى التشكل فى مصر قبل أى بلد بالعالم، وذلك منذ نحو 5000 عام.
 أما مترجم الكتاب الدكتور الكبير سليم حسن، والذى أصدر الترجمة فى سنة 1956، فقال فى تقديمه عن فجر الضمير، إنه "يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول، بل فى مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنسانى بمصر وترعرع، وبها تكونت الأخلاق النفسية، وأخذ الأستاذ بريستد يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية إلى أن انطفأ قبس الحضارة فى مصر حوالى عام 525 قبل الميلاد".
 
ويرى برستد أن الإنسان ظل يصارع أخاه الإنسان، وكل القوى المادية – وحوش/ رياح/ أعاصير/ فيضانات إلى آخره – طوال مليون سنة طور خلالها أدواته، ومن ضمنها السلاح.. هذا السلاح كما يقول المؤلف بدأ «بالبلطة» وانتهى بالقنابل الذرية والقذائف المدمرة، فإذا كان الإنسان من مليون سنة يستطيع تحطيم رأس إنسان آخر بهذه (البلطة)، فإنه الآن يقدر أن يبيد الآلاف من البشر بقنبلة واحدة فى ثوان معدودات! أما الأخلاق ورقيها، فقد بدأت تتشكل منذ 5000 سنة فقط على ضفاف نهر النيل فى مصر.
 
 
 
فى الكتاب ينتصر برستد إلى أن ما حفظ حضارة المصريين القدماء هى الأخلاق، ويؤكد أن المصريين القدماء كانوا يعرفون ذلك، لذا سعوا إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التى تحكم إطار حياتهم، تلك القيم التى سبقت «الوصايا العشر» بنحو ألف عام، وقد تجلى حرص المصرى القديم على إبراز أهمية القيم فى المظاهر الحياتية، فكان أهم ما فى وصية الأب قبل وفاته الجانب الأخلاقى، حيث نجد الكثير من الحكماء والفراعنة يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى. كذلك كانوا يحرصون على توضيح خلود تلك القيم فى عالم الموت. لذا نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل «ماعت» ليتذكروا أن العمل باقٍ معهم. 
 
ويرصد "برستد" فى كتابه كيف استطاع المصريون القدماء تشييد منظومة أخلاقية شاملة تتكئ على فكرة العدالة، هذه المنظومة تعلن بوضوح مخاصمتها للظلم، وانحيازها المطلق للاستقامة، فكما قال فرعون إهناسيا لابنه الأمير"ميركارع": "إن فضيلة الرجل المستقيم أحب عند الله من ثور الرجل الظالم، أى من قربان الرجل الظالم".
 
 
 

 
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نجل عبد الرحمن أبو زهرة: الرئيس السيسى أثنى فى مكالمته على والدى ووصفه بالأيقونة

أسعار اللحوم بمنافذ المجمعات الاستهلاكية.. تعرف على التفاصيل

بقيمة 3.8 مليون جنيه.. نفقة الأقارب سر الخلاف بين أرملة وعائلة زوجها بمصر الجديدة

انتشر فى العظام.. تشخيص جو بايدن بسرطان البروستاتا "عدوانى"

حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 19 مايو 2025 فى مصر


درجات الحرارة المتوقعة اليوم الإثنين 19 مايو 2025 فى مصر

جنوب أفريقيا يهزم المغرب (1 – 0) ويتوج بكأس أفريقيا للشباب للمرة الأولى

هل يُعد حكم استرداد التابلت من الطلاب بالمراحل التعليمية نهائيًا ولا يقبل الطعن؟

قرارات اجتماع مجلس إدارة الرابطة مع رؤساء وممثلى الأندية بشأن موسم 2025-2026

رابطة الأندية تمنح مهلة لتقديم ملاحظاتهم على لائحة الدوري


اتصالات عن إعلان الأهلى: لم يكن موجهًا للإساءة لأي نادٍ ونحترم جميع الكيانات

مدرب نيجيريا تحت 20 سنة: "سعيد بالبرونزية والمباراة كانت صعبة للغاية"

الدفع أو الحبس.. صالح جمعة يواجه مصيرا غامضا بسبب النفقة

بعد قليل.. مؤتمر صحفي يجمع رئيس الوزراء ونائب مدير صندوق النقد الدولى

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

الظهور الأول لـ زيزو وبن رمضان بقميص الأهلي فى ودية باتشوكا المكسيكي

بيراميدز يمتنع عن حضور اجتماع رابطة الأندية بعد مقاطعة الزمالك

الحجز على حافلة الوداد المغربي قبل كأس العالم للأندية 2025

اعتقال امرأة فى إيطاليا ألقت رضيعها فى المرحاض بعد ولادته

حقيقة استقالة نصر أبو الحسن من رئاسة الإسماعيلى بعد الاقتراب من الهبوط

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى