"الروبوت" مسخ لا يخدم نفسه

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

أذكر درساً مهما في الصف الخامس الابتدائى، كان عنوانه تحديات سنة 2000، ولعل كل أبناء جيل الثمانينيات ومن قبلهم قد عاصروا هذا الدرس، الذى كان يرى أن العالم سيتغير رأساً على عقب، والسيارات سوف تسير بعصير القصب، في رؤية خاصة طرحها الأديب والمفكر والروائى الكبير توفيق الحكيم، في عدد من المقالات، جمعها في كتاب واحد يحمل اسم تحديات سنة 2000، وقد كتبه بين أواخر السبعينيات، أي قبل سنة 2000 بما يزيد عن 20 عاماً.

توفيق الحكيم اقتبس فكرة كتابه من الاجتماع الذى عقدته اليونيسكو في باريس، أواخر السبعينيات بعنوان تحديات سنة 2000، وطلبت من الروائى الكبير أن يلقى كلمة في هذا المجال، وتحدث في ذلك الوقت عن مشكلات الطاقة التي تهدد تقدم الإنسان، حال عدم التغلب على مشكلة نضوبها، وقضية التنكولوجيا وما قد ينتج عنها من تطور، يصل في النهاية إلى التخلي عن الدور التقليدي للقوة العضلية للإنسان، ثم تطرق الحكيم إلى قضية مهمة من خلال طرح تساؤل، هل المستقبل للذكاء أم الذاكرة؟ وهنا يقول:" إن الإنسان العصرى قد لا يحتاج إلى الذاكرة لأن الأجهزة الحديثة في التسجيلات والحاسبات والإلكترونيات ستكون في متناول يده وفى جيبه في كل وقت، والإنسان سوف يحتاج إلى الذكاء، الذى يمكنه من استخدام هذه الذاكرة، وعلى ذلك فقد يسمح في امتحانات الغد باستعمال المراجع والقواميس، والكتب التي تحوى المعلومات المحفوظة، وفى هذه الحالة لن توضع الأسئلة على أساس الذاكرة والحفظ، لكن على أساس الذكاء."

الرؤية التي طرحها توفيق الحكيم في مقالاته بكتاب تحديات سنة 2000، بالطبع مقدرة وهامة، إلا أن سنة 2000 جاءت ومر بعدها 21 عاماً ولم تتحرك السيارات بعصير القصب، ولم يحل "الروبوت" مكان الإنسان، فما زال العمال هم وقود المصانع وأهم ما فيها، ولم تنجح النماذج الآلية في السيطرة على الحياة كما روج البعض، ولا أظن أن هذا سيحدث بالصورة السهلة التي تبناها الكثيرون قديماً أو حديثاً.

لا أنفعل كثيرا مع بعض الآراء التي تقول إن الإنسان الآلى أو "الروبوت" سوف ينافس الإنسان في الوظائف ويقلص من فرصه في سوق العمل، إلا أن الحقيقة تكمن في تطور الوظائف، وتغير المواصفات التي تحتاجها، دون أن يكون مرتبطاً بقدرة الروبوت أو مهارته، فقد صار الأمر يعتمد على الكفاءة والإبداع، وليس مجرد الأداء الحركى التقليدى، لذلك أتصور أن الروبوت سيظل ربوت لا أكثر ولا أقل، بينما الإنسان سيظل الجوهر والمحرك الرئيسى والمسيطر، فالتطور الذى تشهده الوظائف أو أسواق العمل، والتنكولوجيا التي تسير في طريق  التطور بسرعة الصوت، سيكون العنصر البشرى فيها هو المحرك الأول.

الإنسان الآلى بمعناه التقليدي، وصورته التى تشبه الإنسان العادى فكرة لا أراها إبداعية كما يروج البعض، فالروبوت ليس أكثر من غسالة أو ثلاجة في المنزل،  يثير إعجاب البعض لأنه يخاطب هيكل معدنى يسمع ويتكلم، إلا أنه مع التجربة سيكتشف أن هذا الهيكل الحديدى الضخم لن يصلح لأداء وظيفة خادمة أو بإمكانه التسوق أو إعداد الطعام، بل سيتحول إلى عبء ثقيل، فمن نريده أن يخدمنا سنتحول نحن لخدمته، فيحتاج إلى الشحن والتنظيف والبرمجة وإعادة الضبط بين الوقت والآخر، لذلك لا أتصور أن الصناعة الربانية المتقنة " الإنسان" يُمكن أن تستبدل بمسخ اسمه "الروبوت"، غير قادر على خدمة نفسه.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

الجنيه المصرى رمز الاقتصاد

الجنيه المصرى رمز الاقتصاد الإثنين، 05 أبريل 2021 11:14 ص

الضرائب العقارية.. الميكنة أولاً

الضرائب العقارية.. الميكنة أولاً الخميس، 01 أبريل 2021 10:46 ص

قناة السويس.. قصة فى حب الوطن

قناة السويس.. قصة فى حب الوطن الثلاثاء، 30 مارس 2021 10:49 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حصاد الرياضة المصرية اليوم السبت 20 -12- 2025

عمرو ناصر يتقدم للزمالك أمام حرس الحدود بعد عرضية بيزيرا.. صور

مانشستر سيتى يكتسح وست هام بثلاثية ويتصدر الدورى الإنجليزى مؤقتا

محمد صلاح العزب يكشف كواليس زيارة سمية الألفى لفيلم ابنها سفاح التجمع

تعرف على موعد أول أيام شهر رمضان وفقا للحسابات الفلكية


كشف مقبرة الملك تحتمس الثاني بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

عمر الفيشاوي يقرأ القرآن على والدته سمية الألفي بمسجد مصطفى محمود.. صور

برشلونة يرفع عرضه المالي لضم حمزة عبد الكريم فى يناير المقبل

الطقس غدا.. أجواء شديد البرودة وانخفاض بدرجات الحرارة والصغرى بالقاهرة 11

ترتيب مجموعة الزمالك فى كأس عاصمة مصر قبل مواجهة حرس الحدود الليلة


حنان ترك تهنئ نجلها بزفافه.. ورواد السوشيال ميديا يتساءلون عن عدم حضورها

شريهان تنعى سمية الألفى وتقدم العزاء لنجليها عمر وأحمد الفيشاوى

وزارة التعليم تتيح لطلاب شهادات الدبلومات تسجيل استمارة الامتحان

سمية الألفى عن فاروق الفيشاوى x لقاء سابق: ندمت إنى مكنتش مراته لما مات

وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور

الإدارية العليا تستقبل 8 طعون على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب

تعرف على سبب انفصال سمية الألفي عن فاروق الفيشاوي وقصة بكاءهما عند الطلاق

تطورات العثور على جثة الطفلة شهد بعد اختفائها بإحدى قرى الصف في الجيزة

المصري يجس نبض الأهلي لشراء عمر الساعي بعد توصية نبيل الكوكي

مواعيد مباريات اليوم.. توتنهام مع ليفربول وقمة يوفنتوس أمام روما

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى